نشر موقع "سكوب ميديا" خبرا مفاده أن بعثة قضائية أمريكية بدأت قبل أيام زيارة سرية لموريتانيا للتحقيق في ملفات مشبوهة وشبهات فساد تطال شركة كينروس تازيازت موريتانيا. وقالت مصادرالصحيفة أن البعثة باشرت فور وصولها تحقيقات مطولة مع كافة المديرين ورؤساء المصالح المعنية بملف الفساد؛ وتوصلت لمعلومات خطيرة جدا حول الملف.
وتوقعت المصادر أن يكشف التحقيق القضائي عن أكبر فضيحة فساد في تاريخ الشركة الكندية؛ وعلاقاتها المشبوهة مع شخصيات مقربة جدا من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. حسب مصادر الصحيفة التي أوردت الخبر وكان تحقيق سري نشرته صحيفة لوموند الفرنسية هي الأخرى قد كشف وجود علاقات مشبوهة بين مقربين من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وفاعلين في شركة كينروس تازيازت موريتانيا وذكرت الصحيفة أنها اطلعت على “وثائق سرية” تفيد بفتح “هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية”، تحقيقا حول شبهات فساد ورشاوى قدمتها كينروس تازيازت لمقربين من الرئيس الموريتاني حسب مصادر الصحيفة.
ووفقا للصحيفة فإن وقائع القضية تعود لمنتصف فبراير الماضي، حيث تلقى باتريك هيكي النائب السابق لرئيس مجموعة كينروس العالمية والمكلف بمنطقة إفريقيا الذي ظل يشغل منصب مدير تازيازت حتى نهاية 2014، تلقى استدعاء رسميا من محققي هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تطالبه فيه بتوضيح العلاقات المالية والتجارية التي نسجتها الشركة مع مقربين من رأس النظام الموريتاني. وبحسب تقرير صحيفة لوموند فإن مسؤولي الهيئة الذين اتصلت بهم الصحيفة آثروا التزام الصمت احتراما لسرية التحقيق.
وشهدت القضية تطورا لافتا في التاسع عشر من مارس الماضي، حيث ألزم محققو هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، شركة كينروس بالكشف عن ملفات حساسة على رأسها، كافة المراسلات الألكترونية والعقود والتحويلات المالية، التي قامت بها الشركة مع مجموعة من الأشخاص الموريتانيين المقربين في غالبيتهم من الرئيس الموريتاني.
ولم تقف الهيئة عند هذا الحد، بل ألزمت شركة كينروس بتقديم كافة سجلات دفع الضرائب على المحروقات، وعلاقاتها بمفتشي الشغل الموريتانيين وكذلك التقارير البيئية، منذ فاتح ديسمبر 2010 أي بعد شرائها لشركة تازيازت بحوالي ثلاثة أشهر. كما تعرضت التحقيقات لاقتناء شركة كينروس لمنجم تازيازت وهي الصفقة التي وصفت يومها ب “أكبر صفقة شراء في تاريخ كينروس”؛ ففي عام 2010 أبرمت شركة كينروس عقدا لشراء تازيازت موريتانيا مقابل سبع مليارات ومائة مليون دولار أمريكي من شركة ريد بلاك ماينينغ، علما أن هذه الأخيرة كانت اشترت تازيازت مقابل 278 مليون دولار فقط !!!
ووفقا لصحيفة لوموند فإن موريتانيا لم تكن تمثل بيئة مثالية لاستثمار مبالغ طائلة كهذه خاصة أنها من الناحية الأمنية تعتبر هشة وممرا آمنا لتجار المخدرات والجماعات الإرهابية كما أنها تعتبر من بين دول العالم الأكثر فساد باحتلالها المرتبة 51 في مؤشر الدول الفاسدة. وأضافت الصحيفة أن عملية شراء المنجم تطلبت مفاوضات ماراتونية بلغت 150 لقاء في صيف 2010 وحده، أجراها رئيس الشركة مع المساهمين فيها توجت بمصادقة مجلس الإدارة على صفقة شراء تازيازت، قبل أن تطيح الصفقة ذاتها برئيس الشركة تاي بورت في يوليو 2014 وتضطر الشركة لعقد اتفاقات تراضي مع مساهمين رفعوا قضايا ضدها بتهمة إخفاء معلومات مهمة والتحايل، دفعت لهم ما يناهز خمسين مليون دولار.
وقد كال تحقيق هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تهما شخصيات مدنية وعسكرية تعتبر من الدائرة الضيقة لهرم السلطة في موريتانيا، على رأسها الجنرال المتقاعد انجكا جنك الذي يؤجر العديد من المنازل لشركة تازيازت في نواكشوط، والذي وظفت الشركة ابنته في منصب سام.
ووفقا لصحيفة لموند فإن لائحة التحقيق امتدت لتشمل عسكريين من الجيش والدرك وموظفين من الجمارك ومفتشي شغل وموظفين سامين يشغلون مناصب مختلفة في الدولة الموريتانية، إضافة إلى مستشارين للرئيس الموريتاني ومقربين منه أسريا. ومن أبرز من شملهم التحقيق: “إسماعيل ولد حسنه” ابن عم المدير العام للأمن الوطني والذي شغل منصب مدير العلاقات الخارجية لتازيازت قبل أن يصبح أحد أكبر موردي ومقاولي الشركة، وكذلك ماء العينين ولد التومي ومحمد عبد الله ولد اياها.
وفي الأخير نوهت صفيحة لوموند إلى أن شركة كينروس عمدت في الثاني من أكتوبر الجاري، بعيد تلقيها استفسارات من الصحيفة بساعات، إلى إصدار بيان كشفت فيه أنها -الشركة- تلقت إشعارا حول تجاوزات مالية مزعومة مع أعضاء في الحكومة الموريتانية، ضعف الرقابة الداخلية في أعمال الشركة في منطقة غرب افريقيا، وأنها -أي الشركة- تأخذ ذلك بشكل جدي وتبدي استعدادها للتعاون التام مع المحققين الأمريكيين في الملف.
وكالات