عندما يصبح البلد تحت رحمة حكومة يكره رئيسها شريحة من شرائح المجتمع ويعمل على استئصالها من الحياة السياسية بالبلد، ينقلب البلد من وطن جامع إلى ملعب لصراع الثيران متباينة الألوان، وتتحول الوطنية إلى مجهول يستحيل تعريفه.
بعدما تراءى لسكان هذا المنكب البرزخي شبح تغيير يلوح في الأفق من خلال بصيص نور شع من عتمة ليل بهيم حين وصل نظام ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم، مسوقا لبرنامج جامع يعمل على تحسين ظروف المهمشين من فئات المجتمع الموريتاني على كافة المستويات والأصعدة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وعمل من خلال وزيره الأول حينها الدكتور مولاي ولد محمد لغظف على تنفيذ البرنامج استبشرت فئة " لحراطين" خيرا، و قدمت للنظام كلما تستطيع تقديمه من ولاء وتعاضدت مع رئيس الحكومة وشدت على يده، فتوجت تلك المرحلة بنتائج باهرة منها ما هو سياسي كالتعيينات والتراخيص للأحزاب والمنظمات، ومنها ما هو اجتماعي اقتصادي كبرنامجي أمل ووكالة مكافحة آثار الرق، إضافة إلى استحداث قوانين تجرم العبودية بشتى صنوفها.
أما اليوم وبعد مرور عام واحد على تولي المهندس يحيى ولد حدمين لرئاسة الحكومة، فقد تراجعت وتيرة التلاحم الاجتماعي وعاد البلد خطوات إلى الوراء بعد أن أظهر الوزير الأول علانية احتقاره لفئة لحراطين، من خلال سد منافذ عيشهم وتهميش كفاءاتهم والعمل على استئصال قليل كبار موظفيهم في الدولة.
فلا أحد في موريتانيا غير مدرك أن المستفيد الأبرز من مشروع أمل هم فئة لحراطين، ولا يساور اليوم أي مواطن موريتاني الشك في أن ولد حدمين عمل على تقويض المشروع ويعمل جاهدا على إلغائه بشكل نهائي وهو ما يحمل في طياته رسالة مفهومة المضمون إلى شريحة لحراطين أن لا محل لهم في دولة ولد حدمين.
وقائمة الرسائل تطول وليس آخرها
تهميش مدير ديوان الوزير الأول محمد ولد جبريل وتحويله إلى دمية بالوزارة، وتسليم كافة صلاحياته لنائبته دون وجه حق.
إقالة المدير العام لصوملك محمد ولد بلال دون سبب وجيه، والنتيجة انقطاعات متلاحقة للكهرباء أنهكت الاقتصاد وعفنت مخزون ثلاجات الفقراء.
التشويش على المدير العام للوكالة الموريتانية للأنباء يرب ولد اسغير وتحميله مسؤولية فساد من سبقوه بغية استبداله بأحد مقربيه وهو مدير مدرسة تكوين المعلمين بأكجوجت المعلم المساعد محمد ولد أكويط.
وإذ نقف عند بعض ما يقوم به ولد حدمين ضد شريحة لحراطين فإننا بذلك لا نحرض على عنصرية مضادة، بل نزيح الستار لنسجل عنصرية صادرة من ثاني شخصية بالدولة الموريتانية ونوجه من خلالها رسالة إلى رئيس الجمهورية لتأدية ما يمليه عليه واجبه الوطني تجاه فئة مهمشة من شعبه.