كفى ضحكا على ذقون الموريتانيين، حضرة العقيد(مقال)

جمعة, 2015-10-09 13:53

خرج علينا الرئيس السابق خلال المرحلة الانتقالية (2005 ـ 2007)، العقيد اعل ولد محمد فال بتصريحات جديدة ـ قديمة عبر أثير إذاعة فرنسا الدولية (منبره الإعلامي المعهود)؛ مقدما سلسلة من المواعظ السياسية والتحليلات الإقتصادية و"الأمنية" التي يبدو أن قريحته تفتقت عنها فجأة. فبعد أن استفتح بتعويذته المعروفة، لفرط ما رددها آناء الليل وأطراف النهار (موريتانيا تعيش تبعات تمرض فردي..Une rebellion individuelle)، بدأ الرجل يرسم لوحة قاتمة بألوان البؤس والدموع والدماء؛ بإطار جنائزي حزين مذرفا دموع تمساح تعود ابتلاع كل ما صادفه داخل نهر النهب الممنهج للمال العام، الذي اتخذه موطنا على مدى قرابة ربع قرن من حياته. تحدث العقيد "الورع العفيف" عن قيام النظام الحاكم في موريتانيا حاليا ببيع أملاك عقارية عمومية وعن تمكينه لمقربين نافذين من الاستحواذ على أخرى؛ في سخرية تامة واحتقار صارخ لذاكرة هذا الشعب، قديمها وحاضرها وما بينهما. أليس من المضحك المبكي حقا أن يتحدث ولد محمد فال عن استحواذ مقربين من النظام على أملاك عقارية عمومية، وهو الذي امتلك الإقطاعات والمحميات الطبيعية دون وجه حق وجلب لها الطيور والغزلان والأرانب والسلاحف والنعام من أموال دافعي الضرائب الموريتانيين الذين يذرف الدموع اليوم تعبيرا عن الشفقة عليهم من "نظام لا شغل له غير النهب والفساد"؛ على حد زعمه؟ أليس من المضحك المبكي حقا أن يخرج من استثمر نفوذه في السلطة وقبلها لامتلاك 55 هكتار من الأراضي المتاخمة لشارع المقاومة، في ثوب الواعظين بذات الطريقة التي انتهجها الثعلب للإيقاع بالديك، حسب قصص المراحل الابتدائية من الدراسة؟ لقد نسي العقيد ـ الواعظ، أو تناسى على الأصح؛ أن الموريتانيين ـ جميعهم ـ ما زالوا يتذكرون مأسي عشرين عاما من القمع والتضييق وخنق الحريات على أيدي جهاز أمني ظل على رأسه على مدى فترة أطول نظام حكم وأكثره فسادا ونهبا وتسلطا في تاريخ موريتانيا؛ فكان يده التي يبطش بها يمنة ويسرة وعصاه الغليظة التي ما نجى منها إلا من رحم ربك من السياسين والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين والطلبة والتلاميذ.. نسي ـ أو تناسى على الأصح ـ أن الموريتانيين لم يُجمعوا في تاريخهم على أمر ما بقدر إجماعهم على فساد قطاع الشرطة الذي ظل يجسده على مدى عقدين من الزمن، ولم يتوقف ذاك الفساد إلا حين ترك منصب المدير العام للأمن الوطني؛ حين اقترحه الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز ورفاقه من كبار ضباط القوات المسلحة رئيسا للمجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الذي شكلوه غداة تغيير 3 أغسطس 2005، وكان خلاصا للبلاد والعباد من جبروت نظام الهيمنة والفساد والقمع ومصادرة الحريات الفردية والجماعية. نسي الرجل أو تناسى على الأصح، وهو يقدم مواعظه ودروسه في فقه الشفافية والديمقراطية عبر منبره المقدس، أن من يخاطبهم هم نفس الموريتانيين الذين لا يمكن أن ينسوا استماتته في محاولة تمديد المرحلة الانتقالية بعد أن أشرفت على نهايتها؛ من خلال سعيه للطعن في جميع المترشحين المعروفين والمحتملين لرئاسيات مارس 2007؛ عبر حث الناخبين على التصويت ( بكثافة) بالبطاقة البيضاء؛ لدرجة أن الكثيرين باتوا ـ يومها ـ يتندرون بموقفه ذاك فلقبوه "مرشح البطاقة البيضاء"..! حقا، إذا لم تستح فاصنع ما شئت...! سيدي ولد عبد الرحمن -