لم تكن الانقلابات المتعاقبة على موريتانيا مصدر استقرار و لا تنمية و لا تقدم بل كانت تعود بعد كل انقلاب أدراجها إلى فترات أكثر تخلُّفا و أشد فسادا و آخرها انقلاب أخينا الحالي الذي أتى على الأخضر و اليابس و ما يستطيع أن يخضر لعقود قادمة.
صحيح أن كل انقلاب جاء لتفريج أزمة مستعصية و انسداد كبير بدءا بانقلاب ثمانية و سبعين و إنتهاء بآخر انقلاب سنة 2008 لكن الطبقة السياسية و الحراك الجماهيري لم يكن يوما على مستوى الأحداث حيث كانت كل جماعة انقلابية تجد معها نخبة سياسية جاهزة للتطبيل و التزمير و التهليل فيغتر بذلك المنقلبِ و يتفرعن و تستفحل معه الأزمات حتى يتم إسقاطه في انقلاب جديد. و هكذا ظلت بلادنا مبتلاة بنخبها العسكرية و السياسية الى أن وصلنا الى هذا الحال من تردي الأوضاع الذي نحن عليه الآن فأوضاع البلاد الاقتصادية غير مسبوقة و أوضاعنا الاجتماعية لم تكن يوما مقلقة و قابلة للتفجر كما هي عليه الآن و الانسداد السياسي بلغ مدى غريبا حيث اضرت السلطات إلى محاورة نفسها و أذيالها و جواسيسها لأن أزمة الثقة فيها من طرف المعارضة أصبحت مستفحلة و عميقة و لم يعد لها علاج غير الكي و البتر.
أهلكت الأمراض و المستنقعات و الجوع و العطش هذا الشعب المسكين و أتعبته المآسي و الأزمات و هو يرزح تحت سلطة طغمة تستعبده بكتيبة أمنية تدعى بازيب و تتآمر عليه نخب مدنية و عسكرية لا تفكر إلا في بطونها و ....
فإلى متى يظل جيشنا الباسل و ضباطه المحترمون و شعبنا الأبي و طليعة شبابنا الحية يقبلون بهذه الأحوال المزرية المهينة الظالمة ؟ إلى متى يقبل ضباط الجيش إهانات الحرس الرئاسي و غطرستهم و دلالهم على حسابه ألا يعتبرون هذه الوضعية مختلة و غير منصفة ؟ إلى متى ستظل طبقتنا السياسية ألعوبة بيد رجل أهانها مجتمعة و أهان كل حزب بل كل فرد فيها وحده ؟ ألا نعرف جميعا أنه يهين المولاة و يزدريها و يحتقرها أكثر من المعارضة ؟ إلى متى ستظل المعارضة مشتتة و مقيدة و كل حزب منها ينظر إلى الآخر بالريبة و التوجس ؟ لماذا لا يشبه شبابنا شباب العالم و شباب الجيران ؟ لماذا تبدو مارات الشيخوخة على شبابنا لماذا يفتقد إلى الحيوية و الحماس ؟ ألا تجري فينا دماء افريقيا و دماء العرب ؟ ألم تختزن دماؤنا شموس إفريقيا و شموس الصحاري العربية ؟ لماذا نحن باردون لماذا نحن تائهون كأن شؤون بلادنا لا تعنينا أو كأننا ننتظر مخلصا يخرجنا من جحيم ولد عبد العزيز و عصابته التي يتأوه منها الجميع و يسكت على فظائعها الجميع. لماذا لا نتأثر بالعالم من حولنا هل نحن أمة ميتة ؟ لم لا يثير فينا تحرر البوركينابيين من استعباد ابليز و استعباد كتيبة الأمن الرئاسي مأساتنا المزمنة أي شعور ؟