خلال السنوات الماضية ، كنت اتابع ما تعرفه تركيا من تطورات متسارعة على كافة المستويات، سواء من خلال الزيارات المباشرة أو عبر القراءة، نقلتها من دولة متخلفة تعاني من مديونية مرتفعة وبطالة متفاقمة، الى دولة متقدمة تحتل رقم 16 على مستوى الاقتصاديات المتطورة، والآن عرفت سر تلك النهضة الشاملة التي تعرفها تركيا، خلال تواجدي في الأيام الأخيرة بأنقرة بدعوة من المركز التركي للدراسات الإستراتيجية للمشاركة في مؤتمر رؤساء مراكز التفكير الإستراتيجي، للحوار حول : "بناء رؤية لإعادة السلم والاستقرار إلى الشرق الأوسط"، وخصص المنظمون أحد أيام المؤتمر للحوار المباشر بين المشاركين والرئيس التركي الطيب اردوغان، ومن خلال حوارنا معه المباشر، أكتشفت سر اقلاع تركيا في العقد الأخير ، وهو أن الرجل يمتلك ثلاث مقومات، هي التي أهلت تركيا لتلك النهضة، الإيمان العميق بمبادئه ، امتلاكه لرؤية واضحة للمستقبل الذي يريد لإمته، وإرادة قوية تدفعه للوصول لما يريد تحقيقه من أهداف، في حين، عندنا ، حولنا المبادئ إلى شعارات فارغة، وغابت عن سياستنا الرؤية، وطبع مسيرتنا التخبط والإرتجال، وخارت عزائمنا أمام التحديات، حتى عجزنا عن ردم البرك والمستنقعات في عاصمتنا.