كاتب ضبط ولد عاطيه الله:العدالة والمساواة أولا قبل"الهوية" ردا على ولد ألمين

سبت, 2015-09-05 12:28

يا أخي داوود/ألمين علينا أن لا نبتعد كثيرا عن الواقع و أن لا نشغل أنفسنا بمتاهات الهوية و الانتماءات التي لا تنتهي أبدا بل علينا أن ننظر إلى أقرب من ذلك و إلى ما هو في متناول الجميع و الجميع يمكنه تحقيق ذلك و بكلفة أقل و في وقت أوجز ألا و هو العدل و المساواة 
إن أي أمة مهما كانت كثرة مواردها و خيراتها و عبقرية أطرها لن تقوم لها قائمة على أساس الظلم و التهميش و الإقصاء 
إن أي أمة لا تسود فيها العدالة بمفهومها الواسع , كالعدالة في توزيع الثروة ( خلق مشاريع اقتصادية وزراعية و تنموية عملاقة و على مستوى التحدي في جميع أنحاء الوطن الحبيب ..) و العدالة في التعيين في الوظائف و إسناد المهام لا يرجى لها تقدم و لا ازدهار
إن أي أمة لا يوجد لديها تكافؤ في الفرص في المنح الدراسية وفي الولوج إلى الوظائف الإدارية و القضائية و العسكرية و السياسية و حتى الانتخابية لا يمكنها أن تلحق بمصاف الأمم التي هي ما زالت في طريق التقدم بالأحرى الأمم المتقدمة
إن أي أمة لا تعامل أبناءها معاملة متساوية بوصفهم أبناء وطن واحد بعيدا عن المحسوبية و عن اللون و الجنس و الجهة و القبيلة إلخ.. فلا يطمع لها بالنمو بل هي معرضة في أي وقت للزوال 
إن أي أمة ما زالت القبلية و العنصرية و الشرائحية و الجهوية و المناطقية حتى ,هي المستحكمة في تعامل مسؤوليها في إطار تسيير الشأن العام و الموجهة لتصرفاتهم فاستباحوا بذلك الفساد المالي و الإداري الممثل في أكل المال العام و عندما أقول أكل المال العام لا أعني به سرقة الميزانيات بل أعني الطرق و الوسائل غير الشرعية التي تمكن بعض هؤلاء الأشخاص ولوج وظائف لا يستحقونها سواء كانوا وزراء أو مستشارين أو أمناء عامين أو مدراء أو رؤساء مصالح أو رؤساء مجالس إدارية الخ.. و استحداث علاوات خيالية و امتيازات صورية لا الوظيفة المشغولة تقتضيها ولا العمل المزاول يبررها.
إن أي أمة ما زال الغبن و التهميش و مضايقة الناس في أرزاقهم هو السمة المتبعة لديها في إطار معالجة قضايا الفقراء و المحرومين لا يمكنها أن تعيش في عالم الحريات و حقوق الإنسان
إن أي أمة ما زالت تنكر وجود العبودية و تعترف بمخلفاتها اعترافا يكاد يصل إلى درجة الفخر دون أن تعي بأن المخلفات أشنع في بعض الأحايين من العبودية نفسها لا يمكنها أن تواكب العصر
إن أي أمة ما زال أبناؤها يتفاخرون بأنسابهم و يتخذون من النسب و الحسب معيارا للتفاضل لا على أساس العمل و التفاني في خدمة الوطن و المواطن لا يتحرى منها عدل ولا مساواة لأن فاقد الشئ لا يعطيه
ربما تكلمنا كثيرا و نتكلم كثيرا في المنتديات و الندوات و المؤتمرات و المهرجانات و الملتقيات و الأمسيات و الحفلات في الصالونات و في الفنادق و المتنزهات و أبدينا آراء جيدة و قيمة و رسمنا استراتيجيات لا مثيل لها للقضايا الشائكة التي تعيق التنمية و النمو و الازدهار و تعهدنا بمواصلة الجهود من أجل القضاء على تلك المعوقات لكن على أرض الواقع لم نفعل شيئا فلماذا لم نستطع فعل شيء على الأرض مما اتفقنا جميعا على أنه عائق أمام تنميتنا البشرية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية ثم تواصينا جميعا على العمل على القضاء عليه؟ هل لأننا كسلا أو لأننا جبناء؟ أو لأننا أنانيين؟
نعم نحن كسلا لأننا لا نهتم بالحاضر وهو معرفة حكم ما بيننا فلا نقيم وزنا لما نحن مشتركين فيه الآن و لا نهتم بالمستقبل الذي علينا أن نؤسس له جيدا لأن فيه معادنا و لا نستفيد من الماضي الذي يعيننا على فهم حاضرنا و بناء مستقبلنا, نحن أمة توكل تتحرى من يقوم بهذا العمل الجبار مكانها و هو شيء بعيد المنال و لن يتحقق أبدا لأن الأمم لا ترقى إلا بجهودها الذاتية و الاعتماد على الله أولا ثم على نفسها ثانيا ثم على دعم الآخرين لها ثالثا.( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم
نعم نحن جبناء لأننا لا يمكننا مجابهة الواقع الذي نعيشه فيتسم بالفقر و المرض و التخلف و الجهل رغم ما تزخر به بلادنا من خيرات و لا مواجهة الحقيقة الواضحة التي لا يمكن طمسها ولا يجدي دفن الرؤوس عنها في التراب كما تفعل النعامة , فلم نتمكن حتى الآن من إرساء قواعد الديمقراطية الحقة حتى يمكننا الاحتكام بشفافية و نزاهة إلى صندوق الاقتراع ,و لا إرساء دولة المؤسسات التي يطمئن لها الجميع بحيث يكون فيه فصل للسلطات حيث تكون العدالة مستقلة بما في الكلمة من معنى, و الإدارة حيادية بما في الكلمة من معنى ,و البرلمان أعضاؤه نوابا و شيوخا ملكا للشعب كله ,و الجيش جمهوريا مدربا و مسلحا بما فيه الكفاية قادرا على مواجهة كل الكوارث و الأزمات مبتعدا عن السياسة و مبتعدة منه السياسة , و التعليم وطنيا ذو قطب واحد و ليس متعدد الأقطاب ذو بنى تحتية نموذجية مجهزة بالأدوات المدرسية الضرورية و اللازمة و أطقم بشرية مكونة تكوينا جيدا و ليس لمدة 45 يوما قادرة على إعداد و تخريج جيل ذو مستوى عالي ومتجانس , و الصحة مستدامة ذات بنى تحتية و تجهيزات و أطقم مكونة و مدربة على التدخل السريع و فك عزلة بإنشاء طرق سيارة و جسور عملاقة و صرف صحي حديث و ليست شبكتنا الحالية المتهالكة ,و ظروف معيشية كريمة لساكنة آدواب و القرى و التجمعات الريفية بشق القنوات و بناء السدود وبناء مدارس نموذجية و مدهم بالماء الشروب و الكهرباء و تسييج المحميات و حماية وسطهم البيئي ,و لم نملك بعد الشجاعة التامة في محاربة الفساد و المفسدين و ليس الفساد أكل المال العام وحده بل يتجسد في الاستحواذ على الوظائف و القطع الأرضية و المتاجرة بالنفوذ و الابتزاز و الوساطة و الترهيب و التغيب و الإسفار إلى الخارج غير المبررة و الملتقيات و الو رشات عديمة الفائدة والتغيب عن العمل بدون وجه شرعي وصرف السعات الإضافية الخيالية الصورية وهي مكمن الظلم و الحيف و الفساد
نعم نحن أنانيين لأن كلنا لا يحب الخير إلا لنفسه يحب أن يكون غنيا متعلما ذو جاه و مكانة و الآخر فقيرا جاهلا وضيعا, فنحتاج إلى شيئ من التراحم و التآخي و الاندماج , هناك انفصام واضح و جلي بين المكونة الواحدة إن شئت سميها بيظان أم عرب هناك نوع من الطبقية و النمطية غريب جدا و خطير جدا على حياتنا هذا امعلم و هذا حرطاني و هذا اكيو و هذا آزناكي و هذا لحم و هذا و هذا و نفس الحال بالنسبة لأخوتنا سميهم إن شئت لكور أم الزنوج , فإذا لم نقل ذلك علنا فإنه يقرأ من تصرفاتنا اليومية . فإذا أرادت الدولة أن توزع قطعا أرضية على المواطنين المحتاجين إليها فإذا بنا جميعا محتا جون و إذا أرادت أن تكافح الفقر بتقسيم بعض المواد الغذائية على المساكين و المعوزين فإذا بنا جميعا مساكين و معوزين و القائمة تطول .
غريب أمرنا فإذا كانت المسألة تتعلق بأمر من أمور الدين أو المجتمع المعينة على الاندماج و الانصهار بين مكونات هذا الشعب المسلم 100./. كالزواج المختلط مثلا فإذا بنا ننفر منها نفورا و لن يعجزنا تبرير ذلك و أعتقد جازما أن الزواج المختلط من بين أمور أخرى يمكنه أن يسوي الكثير من الإشكالات المطروحة اليوم لدى مجتمعنا و لعل بعض حالات معزولة من هذه النوع أدت دورها الكبير في تجاوز الكثير من السلبيات التي ما زالت تقف عائقا اليوم أمام وحدة هذا الشعب و هذا المجتمع.
أمة هكذا حالها لا يمكنها أن تخطو قيد أنملة نحو الازدهار و التقدم و الرقي , فماذا يا ترى علينا فعله حتى نخرج أنفسنا من هذه الدوامة لألا نصطدم بصخرة الواقع فويل لمن سقط عليها و ويل لمن سقطت عليه كما هو معروف في الموروث الشعبي فنندم يوم لا ينفع الندم لا قدر الله. إذا علينا أن نجعل نصب أعيننا المسائل التالية الدين و الوطن و الشعب, فالدين دستورنا و الطن وعاؤنا و الشعب سيدنا فإذا ما تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف المتمثل في الرسالة الخالدة و هي القرآن الكريم و المجحة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك أي سنة نبينا و حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم كدستور لا يأتيه الباطل من يديه و لا من خلفه وكان لدينا حس بالمواطنة الحقيقية و حب الوطن و الولاء له كوعاء نجتمع فيه و ترسخت لدينا قناعة تامة في أن هذا الشعب شعب واحد يجمعه أكثر مما يفرقه و أن لا فضل فيه لأحد على أحد إلا بالعمل و التفاني في خدمته فلن تكون لديه سوى هوية واحدة لا ثاني لها و هي الجمهورية الإسلامية الموريتانية (موريتانيا)
و الله من وراء القصد