لم تعد قضية خلافة محمد ولد عبدالعزيز في تولي منصب رئاسة موريتانيا قضية سرية تتداول في المجالس الخاصة،
لقد أصبحت قضية مطروحة يجب أن تحسم لأن الولاية الحالية هي الأخيرة للرئيس الحالي، حسب ما ينص عليه الدستور ولأن كثرة الانقلابات التي شهدتها موريتانيا في العقود الثلاثة الأخيرة تجعل التناوب السلمي على السلطة قضية مشكوك فيها.
ومع أن الكثيرين يرون أن الرئيس الحالي سيغير ترتيبات الدستور ليتمكن من الترشح للولاية المقبلة، كما تشير لذلك إلحاحات مؤيديه، فإن المشاع في الأوساط الرسمية هو عدم ترشح الرئيس.
لكن عدم الترشح لن يمنع الرئيس من اختيار شخصية موثوق فيها لتخلفه بحيث لا يجد مشكلات في قضايا كثيرة يكثر حولها الجدل.
وقد بدأت الصحافة الموريتانية المستقلة أمس التطرق لمسألة خلافة الرئيس عزيز التي أصبحت قضية تقلقه وتشغله هو نفسه حسب المصادر المطلعة.
وتؤكد أسبوعية «بلادي» التحليلية المستقلة «أن الرئيس عزيز يركز حاليا على اختيار شخصية مقربة منه تتولى الأمور بحيث لا يتعرض لمساءلات ولا لمحاكمات بعد مغادرته الكرسي».
وكانت صحيفة «السفير» المستقلة ذات الاطلاع الواسع قد تعرضت في عددها الأخير لتقاعد الجنرال محمد ولد الغزواني قائد أركان الجيوش، بعد أربعين عاما من الخدمة العسكرية، مشيرة لتزامن تقاعده مع نهاية ولاية الرئيس عزيز.
وكان اللازم أن يمر تقاعد الجنرال غزواني من دون أن يلفت النظر لكن قربه من الرئيس محمد ولد عبدالعزيز ولكونه كان شريكه في انقلابي 2005 و2008، جعل تقاعده يثير الكثير من التعليقات، وبخاصة ما إذا كان الرئيس عزيز سيختاره لخلافته في كرسي الرئاسة.
ولا يتشكك الكثيرون في أن الجنرال غزواني رفيق درب الرئيس، لا بد أن يكون له في يوم ما من الأيام دوره في الحياة السياسية.
ويصنف الجنرال غزواني «الرجل العسكري الصامت والغامض» كما يصفه الكثيرون، منذ انقلاب 2008 على أنه الرجل الثاني في نظام ما بعد الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله، ويؤكد ذلك احتفاظه بمنصب قائد أركان الجيوش منذ أغسطس/آب 2008.
وتؤكد أسبوعية «بلادي»، «أن بقاء الجنرال غزواني في منصبه ليس أمرا اعتباطيا بل يؤكد الثقة العمياء التي يضعها فيه صديقه الذي أصبح رئيس البلاد».
وتضيف الصحيفة «يبذل الجنرال غزواني المنحدر من علية القوم في قبيلة «إديبسات» جهودا مضنية لإخفاء قوته في النظام مع أنه ولد ونشأ ابنا لأسرة صوفية مقدسة وملعقة الذهب في فمه».
«ليس من الغريب، تضيف الصحيفة، أن يفكر هذا الضابط السامي الذي يتمتع بثقة الرئيس، يوما ما في تولي الرئاسة، وخاصة أنه سيكون متقاعدا خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما أن صديقه الرئيس الحالي يحتاج لشخص مخلص مثله يتولى مقاليد الأمور من بعده».
ويتبنى الكثير من المراقبين هذا السيناريو وإن كان مرتبطا بمسألة مجهولة هي بقاء الرئيس الحالي إلى حين نهاية ولايته في عام 2019.
لكن مع وجاهة هذا التحليل فإن الجنرال غزواني ليس وحده المرشح لخلافة الرئيس عزيز فهناك على الأقل، حسب صحيفة «بلادي»، مرشحان قويان آخران لهذه الخلافة.
وترى الصحيفة «أن سيناريوهات الخلافة لن تطرح ما لم يستبعد سيناريو انتقال الرئيس عزيز من الرئاسة إلى رئاسة الوزراء على طريقة «بوتين/ميدفيديف».
عندما يستبعد هذا الخيار سيدخل لحلبة الخلافة رجلان من محيط الرئيس عزيز، هما الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد الأغظف والعقيد المتقاعد (تقاعدا غير نافذ) الشيخ ولد بايه عمدة بلدية الزويرات الحالي.
وتضيف الصحيفة» بالنسبة للوزير الأول السابق فهو رجل ثقة الرئيس بلا منازع حيث أنه رافقه منذ خطواته الأولى في تولي السلطة، وظل مهتما بأمر واحد هو خدمة الرئيس عزيز بكل إخلاص وبصمت كامل وولاء غير مسبوق، مع أن الرئيس عزيز كان أحيانا يوجه إليه اللوم بصوت عال». أما الشيخ ولد بايه فهو رفيق سلاح للرئيس ولد عبدالعزيز وبينهما تشابه في الطباع ويتقاسمان «مجموعة قيم».
وحسب «بلادي» فإن كلا الرجلين «عزيز وولد بايه» يقدم نفسه دائما بأنه «المخلص والمنقذ» فالرئيس عزيز أنقذ موريتانيا والشيخ ولد بايه أنقذ قطاع الصيد، ثروة موريتانيا الأساسية، كما أن كلا الرجلين يتبنى ويرفع شعار «محب الفقراء».
وخلصت الصحيفة للتأكيد بأن «جميع هذه السيناريوهات ما تزال متداولة ضمن الإشاعات والتحليلات، وإذا قدر لأحدها أن يكون فإن ذلك، حسب الصحيفة، يدل على أن موريتانيا قد وقعت في فخ عصابة مؤلفة من أشخاص يتبارون في مجال ليس مجالهم، بل إنهم يأسرون أمة بكاملها من أجل إرضاء نزوات شخصية تصب في خندق واحد هو الوله بممارسة السلطة على الآخرين.
عبدالله مولود