أخبرني صديق كريم أنه التقى بمن يرى من عشيرة شنوف ولد مالو كيف أنني قد أسأت لهم حين وصفته بـ"رضيع لبان اللؤم" و "غذي ضرع الخيانة".. و قد رأيت في البداية أن لا أخوض في توضيح الواضح من احترامي و تقديري لمجموعة أولاد أحمد دمان، لأنه لن يزيد الأمر إلا إشكالا:
فليس يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
غير أنني رأيت أيضا أن بعض مرضى النفوس قد يستغل الأمر ليوهم هذا العشير الطيب بأنني أواخذ كريمهم (و هم كرماء جميعا) بجريرة لئيمهم، والحقيقة أنني لست ممن يستحضر القبيلة في مواقفه من الناس، و لا ممن يؤمن أن "رباط العكة" يتدسم بالضرورة.. فالقبيلة التي أنجبت رسول الله محمدا هي ذاتها التي أنجبت أبا جهل..
لقد كتبت ما كتبته بلسان عربي، يتضمن الحقيقة و المجاز و الكناية و التصريح، و الإفهام و الإبهام، و عبارة "رضيع لبان اللؤم وغذي ضرع الخيانة" هي استعارة مكنية تخييلية، فقد تخيلت أن للؤم و النذالة و الخيانة ضروعا ترضع منها و تغذي النذل شنوف فينبت منها لحمه و ينمو عظمه.. و اعتقد أنه أسلوب معروف في اللغة العربية.. فحين قال ابو ذؤيب الهذلي: و إذا المنية أنشبت أظفارها….فقد تصور الموت أسدا مجلحا ينشب أظفاره الخيالية في فريسته.. و لكنه لا يستغرب أن يسمع البيت جاهل باللغة العربية مثل شنوف فيقول "هذا افيسيد، الموت أثرهَ باظفارها".
الحقيقة أن آخر ما يمكن أن يخطر ببالي هو الاساءة لاولاد احمد من دمان، و يعلم الله أنني لم استحضر و أنا اكتب ما كتبته نسبة شنوف الطينية.. فأنا استحضر باستحضار اولاد احمد من دمان "طامع جاك يزول محلُ" و "عيّل بالشكر تعلمُ" و "و وصف احمد سالم كال حد" و "نعرف ليلة راحو فرسان.. من اولاد احمد من دمان"، و "كنت انج للناس فعيمان… معلومين و عيمان امتان".. و استحضر المقاومة و الانتصارات التروزية على جحافل صبيصب.. و لكنني لا استحضر زائد دودي العشيرة.
و حين استحضر صحافتهم فإنما استحضر محمد فال ولد سيدي ميله و حبيب ولد محفوظ و باب ولد سيدي يعرف وامربيه ولد الديد و هاشم سيدي سالم، و ليس من يكتب "المقفور له" بدل "المغفور له".
فهؤلاء عاشرتهم، و عرفت بيض سرائرهم و صنائعهم، و ألفت منهم النخوة و الإباء و الشهامة، و أكن لهم من الاحترام و التقدير الكثير.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
و أعبدُ أن أهجو كليبا بدارم
أما النذل شنوف فإن يكن أسرع به نسبه فقد أبطأ به عمله.