إن عود لحبزي هذا مثل حساني ضارب في القدم مثل "بوط العبد" وفضلا عن كون من رفعه مات أبوه ومن وضعه ماتت أمه، فإن من لمسه أيضا بلطف تحداه وازدرى به ومن لمسه بعجرفة صفعه ولم أجد خلال بحثي أقرب إليه من السيد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز.
حيث من قال أنه لم ينجز شيئا كذب، ومن قال أنه لم يكافح الفساد كذب، ومن قال أن الرجل ليس بطلا كذب، ومن قال أنه لم يسيطر على مراكز النفوذ الإداري والعسكري والأمني والمالي بقوة كذب، ومن قال أنه لم يبسط سلطانه على كل واردة وشاردة حتى أصبح كل مسؤول يتخيل في اليقظة وفي المنام أنه بجانبه كذب، ومن قال أن رجال الأعمال والضباط وأعضاء الحكومة وعمال الإدارة لا يخافونه مخافة الشاة من الذئب كذب. وصدق من قال أنه بطل، شجاع، ذكي، مقدام ومغامر.
من قال أن محمد ولد عبد العزيز كافح الفساد من أجل الفقراء أو حبا للوطن كذب. من قال أن إنجازاته فاقت نسبة 20 % من الناتج الذي حصل خلال مأموريتين كذب. من قال أن الرجل لم يبدد ما كان على سطح الأرض وفي تخومها من خيرات وادخر نصيب الأسد منه لنفسه وأقربائه وأصدقائه المقربين كذب. من قال أن الرجل لم يخلق طبقة من رجال الأعمال جهارا نهارا وعلى حساب الجميع لحماية مصالحه السياسية كذب، من قال أن أي عضو من حكومته يمكنه قضاء حاجة فضلا عن أي تصرف آخر إلا بعد الاستشارة والإذن المسبق كذب.
وصدق من قال أن الرجل يحب الشهرة والتأمر والمال ويكره الأغنياء والمثقفين والشعراء والفنانين والمتحررين من الحراطين والزنوج وبعض الإعلاميين والساسة.
من قال أن البلاد ليست بحاجة إلى رجل قوي مثله في خضم التجاذبات الإقليمية والتهديدات الأمنية التي تجتاح المنطقة كذب، ومن قال أنه لم يستثمر في الجيش الوطني حتى أصبح قوة يعول عليها لحماية البلد وحوزته الترابية كذب. من قال أنه لم يطور قدرات الدرك والحرس الوطنيين بدءا بالمعدات واللوازم وانتهاء بالنى التحتية والتدريب كذب، لكن من قال أنه لن يستخدم كل هذا ضدنا يوما إذا اضطر تماما كما فعل القذافي وعبد الله صالح وبشار كذب، وصدق من قال أننا في ورطة كبيرة لم يتأملها الكثيرون.
من قال أن الرجل لم يصنع منظومة أمنية بفضلها نعيش أمنا واستقرارا لافتين قياسا بالجيران والعالم العربي الذي إليه ننتمي كذب، ومن قال أن الأمور ستبقى على حالها بعد غيابه كذب. من قال أن الرجل سيذهب عبر صناديق الاقتراع أو بمحض إرادته ليس دقيقا وصدق من قال أنها كركارة لا طائل من ورائها.
ومن المفارقات حقا كون الرجل لا يجامل الناس ولا يوزع الأموال لكسب ودهم، أغلبية ألفاظه جارحة، لا يبتسم إلا عدة مرات في السنة، قليل الكلام والمخالطة. سقطت به طائرة قرب تنبدغه ونجا ثم أصيب برصاصة ونجا، رجع من رحلته الاستشفائية واستقبله طوفان من البشر وخرج إلى ولايات الداخل في ظروف مخيفة سياسيا واستقبل كما شاهدنا.
قال بعض الناس أنه صالح ومحظوظ وقال البعض الآخر أنه لص ماكر ثم قال من والاه أنه رجل بناء يعول عليه في الحاضر والمستقبل، لكن لسان الحال يقول أنه لغز محير فمن سانده قد ساند أفسد رئيس عرفته إفريقيا والعالم العربي، ومن عارضه فقد عارض أحسن رئيس للمرحلة، لكن ومهما يكن من أمر فإن الرجل أنجز عديد الطرق والمستشفيات والمدارس والمطارات وشبكات المياه والكهرباء وحرر الإعلام؛ بل أنشأه ولم يبقى مجال إلا وترك فيه بصمات ماثلة للعيان، لكن إنجازاته هذه مرة كالحنظل وصدقة يتبعها أذى.
فلو كان الرجل يخالط الناس لطيف بشعبه عادل في تصرفاته، يشاورهم في أمرهم ويعامل الجميع انطلاقا من قيمهم دون ازدراء ولا تكبر وكانت لنا القدرة على إجباره للإكتفاء بوجبة واحدة يوميا وترك الفضلات للآخرين، لذابت الفوارق الإجتماعية ولكان رئيسا مثاليا ولقطعت موريتانيا أشواطا لا يستهان بها في عهده. لكن الرجل اختار كمنهج لنظامه التركيز على المال وجمعه وصرفه والتعاطي به وكأن المال هو عصب الحياة دون أن يدرك الحكمة من بيت الشاعر: "هي الأمم الأخلاق ما بقيت*** فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
أما الآن وقد أصبحنا قطيعا لا وزن فيه للعالم ولا للمثقف ولا للفئة ولا للقبيلة حتى تلاشى نسيجنا الإجتماعي وتفككت خلال عشر سنين فقط، عُرا وحدتنا الوطنية وبين عشية وضحاها تحولنا إلى مجتمع تائه تتهافت منه نسبة 99% وراء 1 % طلبا للقمة عيش سُلبت من أرض ومحيط وجبال هي ملك لنا جميعا، وقد تربع على ثمرتها أمين خزينة بارع في فن التقطير والتنويم المغناطيسي، أصبح الحل والحل الوحيد كما أرى كامنا في مكيدة تتمثل في تبديد الفحم على أجسادنا حتى أصبحنا مجتمعا كله أسود وكله أرقاء، لنربح على الأقل وحدة اللون والمصير لأن ما سوى ذلك للأسف قد خسرناه سلفا. واسمعوها مني لنتدارك فبلدنا يتجه نحو المجهول.
أما أنجع السبل للتعامل مع "عود لحبزي" فإنني أفسح المجال للنخب من المدنيين والعسكريين عسى أن يجدوا حل اللغز أو يبحثوا عن أيتام فقدوا آباءهم وأمهاتهم سلفا ومستعدون للمجازفة.
محمد المختار ولد احمين اعمر، عمدة أوجفت السابق