محمد محمود ولد لمات، محام لدى المحاكم الموريتانية ومعارض قديم لنظام الرئيس السابق معاوية ولد الطايع. يشغل حاليا منصب نائب رئيس حزب تكتل القوي الديمقراطية الذي يتزعمه أحمد ولد داداه،..
ذو الرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة؛ حيث حصل على 47.15% من أصوات الناخبين. كما انتخب الرجل (ولد أمات) نائبا في الجمعية الوطنية (الغرفة السفلي للبرلمان).
ولد أمات -كما يسميه الجميع- تحدث إلى "الراية" عن الوضع السياسي الراهن فبدأ باستعادة الظروف التي أوصلت إلى الإطار القائم حاليا.
عرض عام
في البداية قال محمد محمود ولد أمات: أشكر جريدة "الراية" القطرية على إتاحتها لي هذه الفرصة كنافذة على العالم العربي بشكل عام وعلي موريتانيا بشكل خاص. لقد مرت البلاد بمرحلة أساسية هي الحركة التصحيحية أو الانقلاب الذي وقع في الثالث من أغسطس (آب) فلاقى ترحيبا واسعا من طرف القوى السياسية. ومرد هذا الترحيب يعود أساسا إلى الأوضاع السائدة آنذاك، والحالة التي كان يعيشها الشعب الموريتاني الذي خاض ثورة على نمطه الخاص توجت من طرف القوات المسلحة وقوات الأمن.
ويرى البعض أن هذا الانقلاب وقع لكي لا يقع انقلاب؛ لأن الوضع السياسي كان يتطلب انقلابا يأتي بتغيير حقيقي. وتناغمت هذه الحركة التصحيحية مع الفاعلين السياسيين الذين كانوا نشطين، وتماشت الالتزامات التي قدمتها مع النضال الذي كنا نخوضه، وأجريت أيام تشاورية أعطت نتائج جيدة جدا؛ وكان هناك إجماع على التغيير الحقيقي.
لكن -للأسف الشديد- تمت محاولة اختطاف آمال الشعب وطموحاته من طرف الفاعلين في المجلس العسكري الحاكم. ويرى بعض المعلقين أن هذه المحاولة قد نجحت، وأنا لا أقول ذلك في انتظار التصرف الذي سيقوم به الرئيس الحالي؛ فآمالي معلقة أساسا على التصرفات والترتيبات التي سيقوم بها الرئيس المنتخب لأرى هل يمكن القول إن آمال الشعب وطموحاته في التغيير الصادق الحقيقي حصلت أم اختطفت مائة في المائة أم اختطف جزء منها. وأؤكد هنا أن محاولة الاختطاف تمت بالقطع؛ أما درجة نجاحها فتتوقف على الأيام القادمة.
تحت لواء "المخزن"
سؤال: هل كنتم راضين عن سير الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟
م. م: على كل حال، يمكن القول إن الشيء الذي نجحت فيه الحركة التصحيحية هو ترتيب هذه الآلية الشكلية للانتخابات؛ والتي شاهدناها جميعا وشاهدها العالم. وهي مقبولة ولم تكن فيها ثغرات كبيرة تؤدي إلى إعطاء نتيجة غير التي حصلت؛ ولكن تبقى المضامين، وهي جهاز يسميه البعض "كبار الناخبين" الذين كان يسيطر عليهم النظام السابق بآلياته وبأساليبه الخاصة لكي يوجههم إلى الجهة التي يريد. وكبار الناخبين هؤلاء لا يمكن أبدا أن يمارسوا السياسة إلا تحت لواء من يحمل راية "المخزن" وهو -في هذه الحالة- المجلس العسكري في بعض عناصره الفاعلة التي لها طموح ولها توجهات؛ وهي التي أثرت فيما حصل. هذا الجهاز بقي كما كان، وهو الذي تمت -من خلاله- محاولة إتمام اختطاف آمال الشعب وطموحاته. وعليه، فإن العملية الانتخابية مقبولة من ناحية الشكل وغير ذلك من حيث المضامين والممارسة.
ترتيب الملفات
سؤال: هل يتمكن الرئيس الجديد من تشكيل حكومة وحدة وطنية؟
م. م: أعتقد أن حكومة الوحدة الوطنية تتطلب الكثير من الحنكة السياسية والتطلع إلى مستقبل حقيقي؛ لأن هناك مشكلات كبيرة عالقة ويجب الإيمان بأن هذه المشاكل لا يمكن التغلب عليها إلا بإجماع كافة الموريتانيين؛ لكنني أعتقد أن البعض من الطرف الفائز -وهو ما يسمي بالميثاق- يقللون من شأن هذه الملفات العالقة؛ بل ولا يرون أنها موجودة أصلا! ويرون بأن الشكل الديمقراطي أهم من الترتيبات المتعلقة بهذه الملفات وبالإجماع الوطني. ولذلك، يطالب هؤلاء بضرورة قيام أغلبية في وجه معارضة. أما البعض الآخر -وأنا من بينهم- فيرون أن هناك ملفات جوهرية تتطلب تضافر جهود جميع الموريتانيين، ولا أعني فقط الملفات التقليدية كالمبعدين وتجاوزات حقوق الإنسان والعبودية والعلاقات مع إسرائيل.. ولكن -وهي الأخطر- ملفات الديمقراطية والحكم الرشيد؛ فالديمقراطية كانت في خطر عشية انقلاب 3 أغسطس 2005 وكانت جماعة "الميثاق" هي الحاكمة آنذاك؛ ولو كانت تعرف الديمقراطية وممارستها لما وقع الاحتقان الذي يشهدون عليه قبل غيرهم. ومن الخطأ ترك هؤلاء يسيرون الملف الديمقراطي وهم من هم. ومن الخطأ- كذلك- ترك هذه الزمرة تسير المال العام وهي من أوقع البلاد فيما وقعت فيه من فساد مالي ورشوة على مرأى ومسمع من الجميع؛ ولذلك يسميهم الرأي العام "رموز الفساد" وبالتالي فنحن لا نرى من المصلحة العامة أن نترك من أنشأ هذه الملفات ومارس كل الممارسات من أجل أن تبقى عالقة يستأثر لوحده بتسيير الأمور.
أقوى رجل
سؤال: هل العسكر جادون في التخلي عن ممارسة السلطة؟
م. م: هذا هو الامتحان الحقيقي، وما علينا إلا انتظار الأيام القادمة لمعرفة الجواب من خلال تصرفات الرئيس المنتخب الذي أشير هنا إلى أنه هو أقوى رئيس وصل إلى هذا المكان في موريتانيا. فالمصداقية التي يتمتع بها في الداخل والخارج لم يحصل عليها أي رئيس قبله؛ ولذلك أعتبر أن أمام هذا الرئيس فرصة سانحة ليحقق آمال الشعب الموريتاني ويحدث التغيير المنشود. وأرجو أن لا يضيع هذه الفرصة، وأن يستخدم كامل السلطات الدستورية والسياسية المخولة له من أجل مصلحة موريتانيا؛ لا أن يكون -كما يظن البعض- آلة في يد من أوجدوه في هذه المكانة من الناحية المادية والبشرية يعمل رهن إشارتهم ووفقا لتدخلاتهم.
سؤال: هل تتوقع عودة العقيد ولد محمد فال مرة أخرى إلى السلطة؟
م. م: من السابق لأوانه التكهن بما سيفعله العقيد؛ لكنني أعتقد شخصيا أن طموحات الفاعلين السياسيين الذين مارسوا السلطات العليا في البلد أمثال ولد محمد فال لن تتوقف عند مستوى رئيس متقاعد. فهو صرح ذات مرة بأنه يضع نفسه "رهن إشارة الشعب الموريتاني وفي مصلحة الشعب الموريتاني" وهذا ما يقودني إلى القول إنه ربما يرى -في بعض المراحل- أن مصلحة الشعب الموريتاني وآماله تتطلب منه الترشح من جديد.
في جميع الحالات، سأعمل -بوصفي عضوا في الهيئة التشريعية- من أجل أن يكمل الرئيس المنتخب إنابته بكل سلامة، وهذا ما يجب أن يعمل له جميع المنتخبين وجميع الفاعلين السياسيين.
(عن "الراية" القطرية)
السفير العدد رقم 503
بتاريخ: 25 ابريل 2007