القمع والتنكيل "بإيرا" وزعمائها لن يزدهم إلا صمودا حتى نيل الحقوق(تدوينة)

اثنين, 2015-05-11 14:12

العبودية هي منظومة علاقات اجتماعية و ثقافية و حتي نفسية، لكن القمع وحده لا يكفي للحفاظ على ديمومتها و استمراريتها، لأنه لا يمكن أن يكون كلياً وشاملاً ومطلقاً، فهو لا يكون كذلك إلا كالموت. وحتى في أعتى حالات الاستبداد و الدكتورية، تبقى فجوات زمنية ومكانية تقطع استمرارية القمع و الاستبداد. ولا بد أن تتوفّر آليات ثقافية- نفسية تحافظ على علاقة الخضوع، مثل الخوف والتسليم بالمصير والتقسيم "الطبيعي" للدنيا بين أسياد وعبيد، وغيرها من الآليات التي تكبت النزوع إلى الحرية و الانعتاق لدى العبد، ويحتاجها السيد، لكي يحافظ على توازنه وتماسكه في أثناء التعامل مع بشر آخرين كأنهم بهائم. لقد بُحثِت هذه العناصر في مقالة للمفكر الفلسطيني عزمي بشارة. فوجدت انه يركز فقط على إحدى هذه الآليات السيكولوجية الفاعلة في إدامة و استمرارية العبودية، والتي تستخدم في تكريس الاستبداد، بتسخيف بدائله الممكنة، بوسائل مختلفة، مثل السخرية والاستخفاف وغيرها. هذه الآلية مركّبة من آليات فرعية، أهمها : 1. مساواة الاحترام بالخضوع للقوة. 2. التعامل مع القوة كأنها تساوي القدرة على ممارسة القمع. 3. اعتبار الخضوع للقمع مساوياً لاحترام القوي. 4. احتقار الضعيف، 5. مساواة التواضع بالضعف. 6. تحول الاستخفاف بالضعيف بسهولة إلى احتقار للشخص المتواضع. تتلخّص الآلية هذه، إذاً، باحترام القوي، أي ذلك الذي يستحوذ على القوة التعسفية التي يصعب التنبؤ بخطواتها القمعية من جهة؛ واحتقار المتواضع الذي يُعتبَر ضعيفاً، والذي يُمكن توقّع تسامحه مع النقد والتجريح و حتي الضرب، من جهة أخرى وجدته يعتمد الاستبداد، بدرجة كبيرة، على اعتبار جزء من الناس السلطة تسلّطاً و تجبرا، والقوةَ تعسّفاً. ويُعتبر البديل المنتخب ديمقراطياً-علي سبيل المثال لا الحصر الرئيس السابق لموريتانيا ’’سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله’’ او الرئيس السابق لجمهورية مصر العربية ’’الاخواني محمد مرسي’’- أي غير المفروض بالقوة، شخصاً ضعيفاً و حتي سخيفا، ولا سيما إذا حاول أن يعرض نموذجاً مختلفاً يشمل تقبّل النقد والامتناع عن الرد عليه باستخدام القوة التعسفية. فيبدو الحاكم الذي يتعامل مع الناس باحترام كأنه هو ذاته لا يستحق الاحترام، وذلك، بالذات، لأنه يتعامل مع المحكومين باحترام. أيضاً، مصادر التناقض المثير للأسى في أن بعض من يطالبون بالديمقراطية، حتى من بين المثقفين -مثل الكتيبة البرلمانية التي كانت تريد سحب الثقة من حكومة سيدي محمد ولد الشيخ عبددالله- قد ينجرون إلى التعامل باستخفاف مع شخصية ديمقراطيةٍ و مثقفة، ويميلون إلى احترام الحاكم السلطوي، حتي ولو كان عديم الثقافة، أو مجرد ضابط من الجيش مثل الجنرال العنصري الاستعبادي الانقلابي محمد ولد عبد العزيز، لا يعرفون شيئاً عما يخفيه او يخبئه زيُّه العسكري. إذا كان الشخص متواضعاً يسهل الوصول إليه والتواصل معه. فهو، في هذه الحالة، يصبح عرضة للسخرية والاحتقار. وفي حالات كثيرة، تتحول الرهبة والخوف إلى انسحاق ومحبّة. فبعض الناس يتناول بالنقد من يساوي نفسه بهم، ويتعامل معهم كند، فيتهجّمون عليه، لأن ندّيته تسوّغ لهم جعله موضوعاً للغيرة والحسد والنقمة و الحقد وغيرها، أما من يترفع عليهم، ولا يعاملهم كأنداد له، فيسلم من ألسنتهم. تتضمّن هذه النزعة احتقاراً للذات. فصاحب نفسية العبد لا يقبل أن يتفوّق من يشبهه في أي مجال كان، و هذا ناتج عن تربية الاستحقار و الدونية ترعرع فيها، لسبب بسيط أنه يذكّره بنفسه!!! وهو لا يصدق أن شخصاً يشبهه يمكن أن يتفوّق في أي مجال، سواء أكان علمياً أم أدبياً أم سياسياً!!!. فيصبح بذلك موضوعاً للنقمة، و في المرحلة الراهنة التي تعيشها الدولة موريتانيا، و التي ما زالت فيها العبودية حية ترزق، لا يمكن للمرء ألا ان يلاحظ كيف يتعامل هؤلاء ’’الاستعباديين العنصريين’’ باستخفاف بسياسي لأنه ديمقراطي لانه يقول كلمة الحق، وكيف يتوقون إلى الحاكم العنصري الاستعبادي القمعي الاستبداديً.

نقلا من صفحة المدون والمهندس محمد لجار