سياسي وإداري موريتاني، دخل معترك السياسة منافحا ضد الاسترقاق في موريتانيا، وكرس نضاله لإزالة آثاره وتحقيق العدالة الاجتماعية في بلاده، عمل وزيرا مع ولد الطايع لكنه عارضه، وترأس أول برلمان انتخب بعد سقوط نظامه.
التقط فيها الطفل مسعود ولد بلخير أولى صور الحياة سنة 1942 في قرية صغيرة . تحمل اسم فرع الكتان،وبين أب وأم وأخوين يكبره أحدهما وأسيادهم نشأ الطفل ولد بلخير في حضن جدته، هكذا نشأ ولد بلخير مثل الآلاف من أبناء ’’لحراطين’’ يحملون هما كبيرا يجعلهم ينظرون فقط إلى الأرض التي ولدتهم،وإلى الزرع والضرع والحلاب والصر وليس إلا الدراسة والتعلم.
لكن الطفل مسعود ولد بلخير كان على موعد سنة 1950 مع المدرسة الفرنسية عندما قدمه أسياده فدية عن أحد أطفالهم الذين لايرضون لهم التعلم في مدارس الكافرين
واصل ولد بلخير دراسته الابتدائية،ودخل في سنة 1957 ثانوية اكزافيي كوبلاني في مدينة روصو لكنه طرد منها سنة 1960 بفعل تغيبه المتواصل عن الدراسة.
ليتوجه بعد ذلك إلى العمل الإداري،الذي كان أوسع باب للتعامل مع شرائح متعددة للمجتمع الموريتاني الغارق حتى أذنيه في الطبقية وإضفاء اللبوس الديني والقدري على كثير من الممارسات اكتشف الفتى مسعود ولد بلخير بعد عقود متعددة أن الإسلام بريئ منها وأنها ’’تقاليد العرب والزوايا’’ وليست ’’تعاليم الكتاب والسنة’’
في سنة 1958 عمل سكرتيرا متطوعا في مدينة النعمة يكتب المراسلات ويقوم ببعض الأعمال الإدارية،كان طموح ولد بلخير يتجه أساسا إلى الإدارة التي كانت تمثل مملكة الدولة في عالم البدو بعد أن فقد النافذة التي كان يطل منها نحو عالم المساواة ونيل الحقوق في ثانوية روصو.
وفي سنة 1959 اجتاز ولد بلخير مسابقة للإداريين المدنيين،حول بعدها إلى مدينة أطار،قبل أن يغادرها بعد فترة وجيزة نتيجة خلاف مع رئيسه في العمل،ليتوجه إلى
مناطق الضفة حيث عمل في ألاك وفي بوغي لعدة سنوات،عاد بعدها سنة 1970 لتتاح له فرصة التفوق في دورة تدريبية لتحسين الخبرة الإدارية استمرت من 1964- 1965 .
حول سنة 1970 إلى منطقة الضفة مرة أخرى وعاش عدة سنوات بين وديان الضفة وتلال كورغل ليشاهد ملامح أخرى للعنصرية توصف بأنها الأكثر قسوة في تاريخ موريتانيا،حينما قضت سطوة الأسياد التفريق بينهم وبني الأرقاء في المساجد والمقابر
وفي سنة 1981بعد نضال طويل حصل على ولد بلخير على رئاسة مركز إداري صغير في بلدة تمسوميت التابعة لمدينة المجرية،حيث كان على الأسياد هنالك أن يشاهدوا أول ’’حرطاني’’ يرجعون إليه في حل مشكلاتهم الإدارية،بينما كان الأرقاء ينظرون إلى ’’زميلهم’’ الذي أصبح حاكما.
تمسوميت كانت بداية الترقي بالنسبة لولد بلخير حيث عين في السنة ذاتها واليا في لكورغل وكيديماغا،قبل أن يدخل كأول وزير من الأرقاء السابقين في حكومة رئيس اللجنة العسكرية للخلاص الوطني العقيد معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع سنة 1984- قبل أن يغادر منصب وزير التنمية الريفية سنة 1988
ليظهر لاحقا كأحد القادة البارزين للمعارضة الديمقراطية ضد نظام العقيد ولد الطايع
لكن رحلة ولد بلخير مع الرفض ومعارضة السائد من أنظمة المجتمع وتقاليد الأسياد وواقع العبيد.
في قريته الصغيرة جنوبي النعمة،شاهد ولد بلخير العشرات من بنات جلدته يحملن الماء على رؤوسهن غير المستورة،ويجمعن الزرع ويرعين الغنم،قبل أن تباع إحداهن لأحد ’’ الجلابه’’ وتساق كما تساق الكباش،في رحلة قد لاتكون الأخيرة في عالم الاتجار بالبشر.
في قريته أيضا شاهد ولد بلخير أن كل هذا كان يجري باسم الدين وباسم القدر الذي وزع الناس حسب التدين السائد سودا وبيضا،فاصطحبت البيض السيادة والعلم والعقل،بينما خرج السود وهم يحملون أصار العبودية والاستضعاف. أسس ولد بلخير في 5 مارس/ آذار 1978 النواة الأولى لحركة الحر المطالبة بتحرير الأرقاء السابقين وألغاء العبودية في مجتمع الصحراء الموريتانية.
ظلت أدبيات الحركة تنتهج ذات التوجه اليساري الضارب في أعماق حركة الزنوجة العالمية بشكل عام،كانت خطابات مارتن لوثر كينغ تلهب مشاعر الفتية السمر،فيما ظلت أسماء مثل سنيغو وكوامي نيكروما وشيخو أحمد توري،نيلسون مانديلا..الوجه الحضاري الذي يممه فتيان حركة الحر،الذين نشطوا من أجل كسر أغلال الاستبعاد من أعناق عالم من الأرقاء،تحمل أعناقهم عدة سلاسل من الفقر والأمية والاستعباد.
قاد بلخير لائحة للفوز ببلدية نواكشوط عام 1990 إلى جانب أربع لوائح حيث هزمت لائحته فجاءت في المرتبة الثانية بعد لائحة الشورى التي فازت بأغلب مقاعد البلدية،ورغم ذلك فإن خصوم ولد بلخير يعترفون اليوم بأنهم مارسوا التزوير ضد لائحته التي تحالفت ضدها السياسة والإيديولوجيا والنظام
. وفي سنة 1990 شارك في تأسيس اتحاد القوى الديمقراطية قبل أن ينسحب منه 1995 وأسس حزب العمل من أجل التغيير الذي حلته الحكومة لينخرط في حزب الناصريين التحالف الشعبي الديمقراطي.
في بداية التسعينات وفور الإعلان عن التعددية السياسية انضم بلخير إلى جبهة عريضة من التيارات المعارضة مؤسسين أول تنظيم معارض في تلك الفترة هو "الجبهة الديمقراطية الموحدة من أجل التغيير" (FDUC) التي لم يعترف بها رسميا والتي أصبحت عام 1991 حزبا سياسيا معترفا به تحت اسم اتحاد القوى الديمقراطية وتولى مسعود ولد بلخير نفسه رئاسته.
لكن مرشح الجبهة آنذاك ..ومرشحها اليوم فوجئ برفض قاطع لملف ترشحه للرئاسيات من قبل وزارة الداخلية،ليلتف لاحقا ضمن تيارات متعددة حول مرشح المعارضة أحمد ولد داداه،الذي ترأس الحزب لاحقا بينما تولى ولد بلخير منصب الأمانة العامة في أول حزب يجمع كل أطياف المعارضة.
سنتان من التعايش بين’’ الرئيس’’ والأمين العام’’ كانت كافية لوضع حد لعملها تحت سقف سياسي واحد وخرج ولد بلخير رفقة عدد كبير من قيادات الحر متهمين ولد داداه بالغطرسة والديكتاتورية ليؤسسوا حزب العمل من أجل التغيير سنة 1994 جامعا بين القومييين من ’’لحراطين،والقوميين من الزنوج ’’ فقط.
واصل ولد بلخير التبشير لخطابه التحريري حسب أنصاره والعنصري حسب خصومه،قبل أن يضع نظام العقيد ولد الطايع سنة 2001 حدا لترخيص حزب العمل من أجل التغيير ويمنع لاحقا الترخيص لحزب المعاهدة من أجل التغيير الذي تقدم به رفاق ولد بلخير.
وفي سنة 2003 كشف ولد بلخير عن أول لقاء تاريخي بين القوميين العرب وحركة الحر من خلال اندماج كبير في حزب التحالف الشعبي التقدمي،في عملية عرفت بزواج الشرعية والشعبية،حيث أنقذ ولد بلخير ناصريي التحالف من حالة انكماش بالغة عاشوها عدة سنوات،بينما أنقذت ورقة الترخيص التي يحملها الحزب ولد بلخير من رحلة التيه السياسي التي استمرت أكثر من سنة،بعد حل حزبه.
دخل ولد بلخير البرلمان الموريتاني سنة 2000 ،رفقة ثلاثة من أنصاره،وحاز سنة 2003 على 5% من أصوات الناخبين،بعد حملة ساخنة،طرح فيها بقوة خطابه السياسي ورؤيته الإيديولوجية،فيما حصل سنة 2007 على 9.79% من أصوات الناخبين قرر الدفع بها في اتجاه الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله مقابل ضمانات متعددة من بينها حصوله على رئاسة البرلمان وأربعة وزراء وعشرات المقاعد الأخرى في عدد كبير من مؤسسات الدولة الموريتانية.
ظهر ولد بلخير كأحد الأقطاب الأساسيين في نضال الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية ضد الانقلاب العسكري الذي قادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز،وصمد ولد بلخير أمام ضغوطات كثيرة وإغراءات متعددة من نظام العسكر.
تعهد بالنزول إلى الشارع وقال إنه سيسقي بدمه الشوارع لكي يمنع انتخابات 6/6/2009
يترشح ولد بلخير الآن باسم الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية،ولكن أيضا باسم عدد كبير من خصوم ولد عبد العزيز على مستويات متعددة منها السياسي والاجتماعي والمالي،ويدفع كل هؤلاء بولد بلخير إلى واجهة صراع سياسي بدأ يشتد بقوة عاصفة في ظل كشف ولد عبد العزيز عما يعتبره أدلة تدين ولد بلخير باختلاس مبالغ مالية تناهز المليار أوقية.
لاتبدو حظوظ ولد بلخير كبيرة جدا في الوصول إلى كرسي الرئاسة،رغم اتساع دائرة الداعمين له،ويخوض ولد بلخير صراع وجود ليس مع خصمه اللدود محمد ولد عبد العزيز فحسب ولكن مع السن القانونية التي لن تسمح له بفرصة أخرى للترشح مالم ترفعه صناديق الاقتراع،إلى كرسي الرئاسة،ترى كم سيذرف ولد بلخير من الدموع،حين يصل إلى هذا المنصب.
يتمتع ولد بلخير بعلاقات واسعة جدا من رجال الأعمال الموريتانيين مكنته من الظهور دائم بمستوى مالي لا بأس به،يستفيد ولد بلخير من هؤلاء دون أن ينالوا من مواقفه،وصف ولد بلخير ذات مرة أحد كبار رجال الأعمال الداعمين لكل الأنظمة السياسية بأنه ’’رجل مرخوس’’
يصف ولد بلخير نفسه بأن رجل من أهل ’’كوش’’ ورجل من موريتانيا القديمة،ظل لسنوات طويلة يحمل ’’بيته وعظم امنيجة’’ قبل أن يترك التدخين يوم سقوط ولد الطايع.
على الصعيد الاجتماعي يطالب ولد بلخير بحقوق كاملة للأرقاء ويعتقد أن نظام الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله هو أول من أنصفهم بشكل كامل.
وعلى الصعيد الفكري لايعرف لولد بلخير إنتاج فكري معتبر غير وثيقة العبودية في موريتانيا التي قدمها في مؤتمر ’’دربين’’ في جنوب أفريقيا،وصفت تلك الوثيقة بأنها ’’خطابية أكثر من اللازم،وتحمل اتهامات واسعة ليس للمجتمع فقط ولكن للدين’’ الذي نظر إليه ولد بلخير لعدة سنوات كأحد رافعات الاسترقاق،قبل أن يكتشف أن الأمر متعلق بأفعال المتدينين لا بخطاب الدين
.
ولد بلخير خطيب بارع يتقن استخدام فنون البروبوغاندا شعبوي إلى حد الابتذال،مؤثر إلى درجة كبيرة حماسي جدا سريع الدمع يبكي دائما لأنه لا يتحمل ضيم ولايستطيع تأمالك أعصابه أمام بنى جلدته الذين يعانون لأمرين .العبودية وإقصاء .واالتهميش . والحرمان .الممنهج منذ عقود من الزمن حت يومنا هذا’
قد فتح هذ الزعيم هو ورفاقه أول مدرسة من مدارس تحرر و تخرج منها الكثير لن ولن تغفل أبوابها أبدا ,
نقلا من صفحة المدون .محمد سعيد براهيم