شرعية العبودية آفيونية الدين وغوغائية الفتاوى والأحكام "المحـــور الثالث"(مقال)

ثلاثاء, 2015-04-28 00:57

ج –  موقـف السلطات والفقهاء والعلماء في موريتانيا من العبودية؟

إن مفهوم الفقه الإسلامي ليس هو الإسلام نفسه، من حيث هو وحي إلهي ثابت في مصدرية المعصومين، ولذلك فإن الفقه ليس له عصمة الدين (الشرع الإلهي) نفسه، ويجب أن لا يخلط بينهما، لأن خلط بينهما يؤدي إلى إقحام الفكر البشري في الوحي الإلهي، وقد جر ذلك كثيرا من الالتباسات التي أدّت إلى نتائج في غاية الخطورة خلال تاريخ الفقه الإسلامي ، حيث أضيفت أفكار بشرية عرضت حول الإسلام إلى الدين نفسه، وانتهت إلى إعاقة المسلمين والحضارة الإسلامية، ذلك لأنه من أخطر الأمور أن تتحول أفكار بشرية في نواحي الحياة إلى دين مقدس، فيسمونها كتبنا المقدسة ويحاسب الناس عليها، والنتيجة الطبيعية لذلك إدخال فساد كبير على مبادئ " دين" الحق وتشويهه وتحريفه عن الغاية التي جاء من أجل تحقيقها في المجتمع الإنساني، والنتيجة الأخرى تقييد الفكر عن الحركة والاجتهاد أمام تلك القضايا بدعوى أنها مبادئ معصومة لا يجوز الاجتهاد فيها.

ومن المؤسف أن كثيرا من الباحثين والفقهاء في الفقه الإسلامي القديم والحديث وقعوا في هذا الخطأ، إذ أنهم عندما يتحدثون عن الفقه الإسلامي يخلطوا به مبادئ الدين الإسلامي، القرآن الكريم والسنة المحمدية الشريفة، دون أن يضعوا خطا فاصلا بين الأصول الإسلامية والفقه المنتج أو التفاسير التي تدور حولها والحال أن الوحي من حيث هو علم الله وكلامه الكامل لا يمثل ذلك الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل، بل هو يمثل الحقيقة الأزلية التي لا ترتبط بالزمن ولا تخضع له، فهو ليس تاريخا للبشرية أو حركة حضارية تختص بمرحلة من مراحل تطور تاريخ أمة من الأمم... وإنما هو شريعة خالدة إلى يوم الدين، والدليل القاطع على ذلك آراء  الفقهاء والعلماء  والمفكرين في تفاسير التفصيلات الغيبية منذ أقدم العصور إلى اليوم، فهي عبارة عن مجموعة من الأفكار المضطربة المتصارعة والمتناقضة في كثير من الأحيان والتي تحمل قصور ذلك العقل المحدود في المجال المذكور ومن جهة أخرى كلما عرف العقل الإنساني قدره ومجاله واشتغل في إطار كشف أسرار عالم المادة، أنتج بل وأبدع في هذا الإنتاج والدليل القاطع على ذلك ثمرات الحضارة المعاصرة في جانبها المادي والتنظيمي التي حقق بها الإنسان جزءا من خلافته على الأرض وكلما ادعى العقل المعرفة المطلقة في حل أسرار العالم الأول عالم الغيب- ضل وانتهى إلى الإلحاد أو التيه والانحراف، وارتمى في أحضان التفسير المادي وأنتج حضارة غير متوازنة، بعيدة عن تمثيل الفطرة الكونية والإنسانية، بعدا كبيرا لأن الهوى المعبر عن حركة الانفعالات الغريزية لدى الإنسان يعيق العقل عن حركته السليمة، ويحجبه عن الإدراك الحقيقي للأشياء، بل يعطله أحيانا تعطيلا كاملا فيستعين الإنسان به، ويعتمد عليه، فلا يضع الأمور في أماكنها الصحيحة فينتهي إلى إلحاق الضرر بنفسه وبغيره ومن هنا فإن حركة تجديد مضامين الاجتهادات في الفقه الاسلامي تحتاج إلى محور ثابت من حقائق الأنفس والآفاق والقيم المنبثقة منها وهذا المحور الثابت لن نجده إلا في الوحي الإلهي الصادق المتمثل في صورته غير المحرفة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

وانطلاقا من هذا الجرد الفقهي عبر مراحل زلات الاجتهادات فقد ظل موقف العلماء وفقهاء في بلدنا من شرعية العبودية موقف محتشم يلفه الغموض وعدم وضوح الرؤية بسبب جهل  الأحكام الدينية المتعلقة بشرعية الموضوع وليس للكثير منهم حول ولا قوة في الأمر لان تراث الديني والمنهل تديني مرجعه الوحيد في الاستقاء والمعارف والأحكام الغير شرعية مثل الكتب الفقهية الصفراء ( مختصر خليل وشرائحه الدسوقي الحطاب ابن عاشر والاخضري ..) مما جعل ذاكرة العالم والفقيه موريتاني ذاكرة حفظ فقط لا اقل ولا أكثر محاباة وليست ذاكرة علم وتفقه في الدين لتظل السلطات في البلد مغلوبة علي أمرها من حيث تعامل مع نوازل الإفتاء في قضايا اجتماعية وإنسانية جوهرية وقد تكون عواقبها التاريخية والاجتماعية علي المدى الطويل أكثر ضرها من نفعها فقد حاولت الدولة أن تخلق هيئة أو رابطة دينية من اجل الإفتاء في جواز قضية العبودية من الناحية الدينية لكن المعضلة الكبرى تكمن في أن المرجعيات الدينية من فقهاء وعلماء المعنيين بفك اللغز في قضية العبودية والاسترقاق مقسمين إلي عدة تيارات فكرية ودينية إحداهما رجعية متعصبة في الدين متزلفة في التدين مقدمة أراء المخلوق علي حكم الخالق في ما جاء في محكم التنزيل الكتاب والسنة بسبب عمي البصيرة ويري التيار الأول بأسبقية الرأي علي النقل واستباحة استعباد المسلم واستراقائه من طرف آخيه المسلم سواء كان في الأصل الأول أي السبي والبيع كافرا أو مسلما علي حد سواء ، أما التيار الثاني فيري انه لا يجوز استراق المسلم إلا إذا كان مسترقا قبل إسلامه عن طريق الأسر أو البيع وما إن يدخل في الإسلام وجب عتقه من طرف السيد أو السلطان أو الحاكم أو ولي الأمر بإعطاء الفدية لسيده ، وأما التيار الثالث فهو الأكثر إبراكماتية في الدين إذ يري أن المسلم لا يجوز استعباده حتى وان ارتد عن دينه وقاتل من جديد واسر في حرب جهادية مبررة شرعا لان فتنة بين مسلمين لا تبيح استعباد الغالب للمغلوب لقوله تعالي " وَإنْ طَائفَتَانٍ منَ الْمُؤمنينَ اقْتَلَوْا " إلي أخر الآية وسنأخذ فتأوي تعضض مواقف التيارات الدينية الثلاثة بإذن الله.

وقد اجمع فقهاء وعلماء البلد علي أن العبيد المسترقين في موريتانيا لم يتم استرقاقهم عن طريق حرب جهادية لان بلاد شنقيط كما يحلوا لهم تسميتها أو ارض الرباط قد دخلت ساكنتها في الإسلام عن بكرة أبيها بسبب الدعوة والإرشاد و لم يشهد التاريخ علي حرب فيها بين ملة الكفر والإسلام بالرغم من تاريخها المكذوب فكل المؤرخين يجمعون علي خلوها من حرب جهادية حتى يتم فيها تبرير أسر جماعة من الكفار ثم استعبادهم مع أن كتب التاريخ تشهد علي أنها كانت برزخا سائبا ساعد الذئاب البشرية علي سرقة الرقيق بل وجعلوا منها معدنا لتصدير العبيد إلي قارات العالم الأخر ويجمع الفقهاء والعلماء في البلد أن العبيد الموجودين اليوم يعود السواد الأعظم منهم إلي سرقة البرابرة لأبناء الزنوج الذين كانت موريتانيا في العصور الوسطي تشكل مستعرة بشرية لهم في زمن القبائل الزنجية التي كانت موجودة في إدرار وتيشيت وكونبي صالح وازوكي  وهم الذين ألف عنهم المؤرخين الأجانب الكثير من الكتب وتعود إليهم تسميات الكثير من المواضع الجغرافية بشهادة مؤرخي المغرب الأقصى وسموهم بإركانين وإزكارين ويقول المؤرخ والناقد والفقيه احمد بن أبي بكر عبد الله في شهادة له علي عدم شرعية العبودية في موريتانيا " الحمد لله وحده وصلاة علي خير من عبده وبعد فان عبد الحق أتاني بعبد وقد اشتراه من رجل من " اتوات" اسمه محمد لكصير وكلمت العبد وسألته عن اسمه ونسبه فقال انه من اسوانك فإذا هو يقرأ ويصلي وظاهر عليه وسم الإسلام ويحفظ بعض سور القرآن "كإنا فتحنا" وغير ذالك فعلمت آن عبد الحق اشتراه في وقت فشا فيه بيع الأحرار وهو ادعي الحرية والشرع مصدق له في ذالك وأنا صدقته فحكمت بأنه حر وبرجوع عبد الحق علي بايعه بثمنه لأنه باعه مسلما والشرع يقول: ويرد الحر علي من اشتراه منه لإسلامه ولا يحل لمن اشتراه منه أن يمتلكه أو يبيعه لأنه حر ومن فعل ذال فخصمه النبي صلي الله عليه وسلم وزاد هذا الفقيه أنه ثبت لديه حرية المسترق لتاريخ تقدم بأشهر وتأخر الَكتْبُ  لأواخر جمادي الأول من العام الرابع والثلاثين بعد المائتين والألف مخبرا أن اسم الحر مامَ بفتح الميم الأخيرة واسم أبيه مامي بالكسر واسم عبد الحق سالم احمد " المصدر خط بن أبي بكر بن عبد الله تاب الله عليهم آمين، آمين ،آمين (نقلا من حط المفتي المصدر ميكروفيلم افرايبور/ آلملنيا. فهذا الإفتاء لم يكلف هذا المفتي جهدا جهيدا فالحق أحق أن يتبع فكم من عبد وخدام وأمة ادعت الحرية وتحفظ آيات قرآنية وقد سرقت وباعها سارقها أو عبدها  مسترقها ولم يراعي فيها ما أوصي عليه البارئ واخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام وكم من شيخ وعالم تبين له أن عبده ومسترقيه أحرار الأصل ولم يتورع منهم وكم من جد وجدة للعبيد والعبيد السابقين قضت نحبها وهي لا تعرف اللهجة الحسانية ولا تفرق بين ضمائر المخاطبة المذكر منها والمؤنث والله لو عاقب الخالق المخلوق بفعلته إبان ارتكابها لا ما ترك علي هذا البرزخ من احد جلت قدرته ووحدانيته اللهم انه منكر فاشهد أننا أنكراه.

ويعضض الفقيه والعالم محمد بن احمد الملقب "بُوكفَ"  الفتوى السالفة الحكم قائلا هذا صحيح وموافق لقول الايمة  ولمشتريه الرجوع به إلي موضع بائعه في نص الفقيه ابن حبيب " إن المشتري الذي استحق من يده حر اشتراه وهو لا يعرف انه حر فظهرت حريته بإدعائه الحرية فالقول قوله لتصديق الشرع له فللمشتري أن يرجعه لبائعه ليأخذ رأس ماله من البائع كما قد استحق " نقلا من خط المفتي نفس المرجع السابق. لكن إن قال قائل فهذا حكمه إن كان يعلم البائع و إما حكمه إذا كان يجهل مصدر جلبه وما هو حكم المشتري أي إذا بيع له ثم انصرف قبل أن يعلم حقيقة المسترق أو المستعبد وما حكمه إن كان المسترق سرقه المستعبد نفسه أي سرقه السيد أو جدا له والقاعدة الفقهية تقول الحرام لا يتعلق بذمتين؟

يري جمهور العلماء والفقهاء أن لُبْسَ في مثل هذه الأمور وارد في شرعنا وشرع من قبلنا غير أن العبيد والأرقاء المجلوبين من بلاد مسلمة كبلادكم فلا خلف في أمرهم كما تقدم ذكره وإما أن يكونوا بلاد كافرة وهم مغلوب عليهم عن طريق المغامرة والسطو ووفاء بالدين فجائز شرائهم وحكمهم حكم عبيد الجاهلية وتجارة الرقيق ونقذهم من التهلكة و أما إن كانوا مسلمين كانوا يكتمون إيمانهم وتبين ذالك بعد انصراف البائع عن طريق تصريحات المستعبد وشهادته وهو مصدق وان كان كاذبا ما لم يتبين عكسه امتثالا لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام في ذم شراء الحر المسلم فيحرم شرائهم ، أما كون السيد نفسه أو جدا له هو من سرق المسترق أو المستعبد وتبين ذالك فقد فعل حرم باستعباده لحر عمدا أما إن كان عن جهل فما عليه إلا أن يبادر بالتوبة ويطلب الصفح والغفران من المستعبد والرقيق المسلم دون مكابرة أو معاندة للأسف الشديد هذا ما نجد عكسه في فتأوي فقهاء وعلماء البلد إذ يرون بأحقية استعباد المسلم مهما كان المبرر دون مرجعية شرعية أو دينية والسبب هو حفظ أراء فقهية نظمها صاحبها قبل يفهم الدين ولم يتفقه في الشرع وهي مجافية لحديث الرسول عليه أفضلا الصلاة والسلام.

وهذا مقطع من النظم الذي يستدل به في بلادنا علي استعباد الحر المسلم:

دوما بماض ثابت في حال         فهو مقلوب والعكس الخالي

وكان هذا النظم جوابا من سيدي عبد الله الحاج إبراهيم العلوي عندما سأله احمد بن الطالب محمود الإيدوعيشي هل يجوز استرقاق اسنواك وآفلان المتخلقين بأخلاق بمباره أو لا ؟ وسبب سؤال عنهم فهم يزعمون أن أصلهم مسلمين وأن كل من وجد منهم اليوم علي الكفر إنما هو عن ردة لكن ليس فيهم مرتد حي ولا ولد مرتد مباشر وإنما الموجود منهم اليوم له في الكفر نحو أربعة أباء أو أكثر فأجاب من وجد منهم علي الإسلام فلا يجوز استعباده فعدم استرقائه ظاهر ما لم تتداوله الأملاك ( أي أن مسلم تداولنه الأملاك استعباده جائز) ومن وجد منهم علي الكفر فاسترقاقه جائز استصحابا بالأصل في الفرع الذي يسمي مقلوب الاستصحاب ومعكوسة وهو ثبوت أمر في الزمن الماضي لثبوته في الحاضر وقياسا علي فتوى الفقيه ( النخاسي) معناه أن ثبوت شرب الخمر ولعب الميسر في الماضي واجب في ثبوته في الحاضر أن كان لضرورة النفع لثبوت نفع الخمر والمخدرات في الحاضر ولعل يكون هذا هو السبب في شرعية متاجرتهم بالمخدرات اليوم وحسب فقه النخاسة وأنْظَام الفقهاء الرجعيين نستخلص من هذا الافتاء عدم تكفير الشرائح الاجتماعية الناطقة بالحسانية إذ لم يرد السؤال عن استعبادها إلا في لون واحد " لحراطين" سواء كان ممن يدعون العروبة في الأصل أو البرابرة أما الزنوج فالأصل فيهم الكفر مرجع الإفتاء ميكروفيلم افرايبور/ جامعة ألمانيا رقم الإفتاء 6245  وغير بعيد من هذا الإفتاء نجد الأرض رجت بما رحبت عندنا باعت جماعة من بنمبارة فتي ابيض البشرة دخل أهله معها في حرب ومن الوقاحة وعدم الإنصاف أن هذا الفقيه وصف بنمباره بالكفر دون أن تكون له بينة أو قرينة عن هذا القذف سوي قول شخص يدعني انه خال الفتي المسترق دون إلزامه ببينة بينما يباع الكثير من العبيد عن طريق السرقة وامتهان تجارة الرقيق ولا يسال عن سبب الغيرة عليهم.غير أن الدين الإسلامي براء من العنصرية والانحياز ففي الإفتاء رقم 6246 يقول محمد بن الأمين (حنكوش)العلوي " الحمد لله وحده اللهم صل علي سيدنا محمد النبي الأمي وصحبه وسلم تسليما فليكن في كريم علمكم أدام الله الخير لديكم أنا ثبت عندنا بشهادة عدل (خال الفتي) حرية الغلام منكم حامل هذا الكتاب الحسن بن المختار بن اعل بن المختار عام أول ولما ثبت ذالك بالبينة العادلة القاطعة ألزمنا الحسن المذكور أن يرد لكم ما قبض منكم من ثمنه والثمن المذكور هو ثلاثة أباعر وملحفة من الحنط وها هو قادم إليكم باثنين منها بذاتهما وبقية الثالث الذي مات وقيمة ملحفة الحنط لقول خليل ( وفي عرض بعرض بما في عرض بعرض بما خرج من يده أو قيمته) والغلام المذكور أهله أهل إسلام وأحرار وغارت عليهم كفرة من بنمباره وسلبوا ما سلبوا من نسائهم وصبيانهم وأهل الفك وقد نص الفقهاء كما في نوازل شيخنا سيدي عبد الله قدس الله روحه علي أن المواضيع التي أصلها الإسلام من ادعي منها الحرية صدق وأما المواضيع  التي أصلها الكفر فمن ادعي منها الحرية فعليه البينة إلا أن يفشوا فيها بيع الأحرار" انتهي المصدر مكتبة أهل الطالب بن حنكوش السؤال الذي يراود القارئ الكريم فمن أي هذه المواضيع صنف فقهاء وعلماء موريتانيا العبيد والأرقاء ؟ وما السبب في استثناء العبيد والعبيد سابقين من فتوى سيدي عبد الله الحاج إبراهيم العلوي احمد بن الطالب محمود الايدوعيشي؟.

أما بخص أراء تيار الفقهاء والعلماء المتعصب في الدين الذين تعتمد فتاويهم علي أراء بعض  أصحاب المذهب والفروع مع تغيب النص القرآني والأصل السني النبوي فكانت أخبث وأنذل هذه الفتاوى فتوى محمذن ( إمَيٌيْ) بن محمد فال بن محمذن الديماني في إفتاء طلبه منه الكافر الفاجر حاكم دائرة اترارزة موسي شاربونيير Commandant Mr Charbonnier والاسم الصحيح الغير معرب مسييه شاربونيير قبل تعريبها بكلمة موسي نفاقا بان يكون كتابيا والإفتاء جاء علي هيئة نبذة مشتملة علي مبدأ العبيد والعبيد السابقين عن أصلهم وما ورد في الكتب الفقهية من أمرهم  وأحكامهم وما عادة الناس فيهم ويقول محمذن ( إمَيٌيْ) بن محمد فال بن محمذن الديماني وأن اجلب له ما وجدت من النصوص علي ذالك من الكتاب والسنة وللإثار فأجبته لذالك لما فيه من طاعة الحكام ولينظره ويستفيد منه أولو الأحكام ونلفت انتباه القراء الكرام ومن يهمه الأمر أن كلمة الكتب الفقهية سبقت كلمة الكتاب والسنة في سياق اللفظ وهي عند النحاة تفيد الأسبقية في التفضيل وهو خطأ شائع عندنا فيقول كتبنا المقدسة التي حرقت ثم الإساءة إلي الرسول (ص) والكتاب والسنة إذ لا يجوز أن نقول الرسول والله في لفظ العموم من القول وهو دليل واضح في تقديم أراء الفقهاء علي الكتاب والسنة وان كان الإناء بما فيه يرجح دون غيره من العلوم الشرعية الاخري أقول: محمذن ( إمَيٌيْ) والله المستعان وعليه الاعتماد والتكلان هذا وإن سبب ملك العبيد هو السبي من بلاد العدو ومن المحفوظ من أول ذالك أن إبراهيم عليه السلام سافر مع سارة زوجه فمرا بملك يقال له " صيدوف" فوهب لسارة بعد أسباب يطول ذكرها جارية تسمي هاجر قد سباها من القبط ووهبتها السارة لإبراهيم وصارت أم ولده إسماعيل جد العرب عليه الصلاة والسلام وقد نظمها البدوي في نضمه الشهير حيث يقول: ومر في طريقه علي الذي  غصب سارة ولم تستنقذ. ومن حينئذ والعبيد مذكورين في كتب التاريخ  ومن الوقاحة انه ينسب العبودية لنبينا إسماعيل في سياق اللفظ وينفها عن نبيا يوسف عليهم أفضل الصلاة والسلام  إذ يقول أن سبب استرقاق النبي يوسف عليه الصلاة والسلام كان عبدا بسبب سواده بطول المكث في البئر وفي الفتوى لغزا هو تقرب من النصري بنفي العبودية عن المسيحية ويلصقها بالعرب وبالدين الإسلامي ويتطاول علي النبي عليه الصلاة والسلام ويقول انه ملك عبدًا وأمر ببيعهم ووهبهم واعتقهم منهم مارية أم ابنه إبراهيم ونفيسة التي وهبتها له زينب بنت جحش وتسراها ويسار النوبي وشقران وثوبان وفضة وانجشة وقد وهب لأخته من رضاعة عبدا يوم هوازن وأعطي لحسان ابن ثابت امة تسمي سيرين وقد اعتق النبي أبا رافع وأمته بركة وزيد ابن الحارثة وسلمان الفارسي ويتقاضي محمذن ( إمَيٌيْ) فقيه ( النخاسة باسم الدين) عن العبيد في زمن يوسف عليه الصلاة والسلام سعيا في رضي مسييه شاربونيير مواصلا إفتائه (... قد يفترق العبيد والأحرار في شريعتنا في أشياء كثيرة أتت في القران والسنة وكتب الفقه منها جواز جمع الرجل للكثير من إمائه في الوطء بلا حد خلاف الحرائر فلا يجمع منهن إلا أربعا ومنها جواز نظر الأجنبي إلي صدر الأمة ورأسها وساقيها ولا يجوز له أن ينظر ذالك من الحرة ومنها وجوب الزكاة والحج علي الحر دون العبد ومنها أن عدة الحرة المطلقة ثلاثة قروء في ذات الإقراء وثلاثة أشهر في ذات الأشهر وأما الأمة فعدتها قرآن وشهران ومنها أن العبد لا يتولي نكاح نباته فلا يكون وليا فان كن إماء فلأولياء السادة ولو كن أحرارا فهن كاليتيمات  ومنها أن العبد لا يرث أباه ولا أحدا من ورثته ومنها إن تزوج حرة وهي لا تعرف انه عبدا فلها الخيار ومنها عدم الشهادة في العبد فلا تقبل شهادته شرعا ولو كان من أهل الاستقامة ومنها جواز انتزاع السيد لمال العبد ومنها كون العبد إن قتله حر لا يقتل به في شريعتنا ثم إن أكثر ألوان العبيد السواد. يحمل هذا الفتوى الرقم 6274 اشهد الله انه قمة في الوقاحة والبذاءة خلافا لتعاليم الدين الإسلامي يفترض الفقه أن الله عز وجل يعجل الطهر عند الأمة ويبطئه بشهر عند الحرة حسب زعمه وان كان يدل علي شيء فهو يدل علي تفضيل الأمة عند الله وكرامتها استنادا علي قصة نبينا سليمان مع عفريتي الجن قال احدهما أنا أتيك بعرش بلقيس قبل أن تقوم من مكانك فقال الذين عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل آن يرتد إلي طرف عينك فان دل علي شيء فإنما يدل علي كرامة الأمة عند الله من دون الحرة كما أن صريح الآيات القرآنية متنافي تماما مع أراء فقهاء وعلماء الكتب الصفراء ولولا الإطالة لعرضنا الأدلة الدامغة من الكتاب والسنة وخير دليل علي ذالك الآية الكريمة التي  توضح المعني والهدف من المكاتبة فيقول عز وجل ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) فالسيد يعطي عبده مالا بعد عتقه ليستعين به على بدء حياته الجديدة، وهذا يوضح أن المكاتبة ليس الهدف منها المال وإنما اعتماد الرقيق على نفسه في تحرير نفسه لتعظم عنده الحرية فيصونها ويحفظها لنفسه وللمجتمع وهذا عكس ما أراد فقهاء وعلماء موريتانيا الذين طالبوا في فتوى 1981 بالتعويض للأسياد من طرف الأرقاء أو السلطان (الدولة) والذي تحث رابطة العلماء علي تطبيقه اليوم وإحيائه في فتوى علنية صريحة لان رابطة الايمة والعلماء من بينهم من يملك عبيد حتى حد الساعة ولا غرو إذا كانوا يبحثون عن التعويض عملا بعكس صريح الآية ويمضى الإسلام فيما هو أعظم من هذا فينسج علاقة جديدة وفريدة بين المحرر وبين سيده السابق وهي "الولاء" الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم "الولاء لُحْمَةٌ كلُحْمَة النسب" صححه الألباني.

وهذا عكس الإفتاء بان العبد لا يرث أباه ولا يتولي نكاح بناته بل يتعدي الإسلام رابطة الاستعباد ليجعل منها رابطة دم وأخوة شرعية ليجد المحرر له نسبا وأصلا بين الناس، ووعاءاً اجتماعياً بشرياً يحتضنه ويحتويه كباقي البشر، ويتعدى هذا الوعاء مجرد الاسم المعنوي، ليجد الرقيق المحرر نفسه في قائمة الورثة الشرعيين بترتيبهم الشرعي المعتبر، فقد
كان سهلا على الإسلام أن يحرر الرقيق بكلمة يقولها، لكن ما النتيجة دون معالجة الحالة النفسية للمجتمع تجاه الرقيق؟!  وما النتيجة دون ضمان الوضع الاجتماعي لهم بعد التحرير؟!، وما النتيجة دون معالجة الحالة النفسية للأرقاء أنفسهم؟! ولأسف الشديد أن مرجعيات مجتمعنا الفقهية والعلمية أعماها الطمع وجشعها حب الملك والتملك والكبرياء من أن تراجع فقهنا المرحلي لتنتقيه من الشوائب والنوازل التي قد تعصف بكيان وحدة هذا الشعب المسلم المسالم الذي جلب علي الإسلام والإيمان بالفطرة والمحاكاة والتقليد التليد فقد سارت فتوى رابطة الايمة والعلماء علي فتوى الفقهية لمحمد سالم بن محمد عالي عبد الودود(عدود) المباركي التي تحمل الرقم 6323 إذ يقول في مضمونها" الذي اتفق عليه الموجود من اللجنة أن ولي الأمر العادل القائم بأمر الله الحكم بشرع الله في ارض الله علي خلق الله إذا تحقق الضرر العام علي الإسلام والمسلمين ببقاء الرق وتحقق إن ذالك الضرر لا يرتفع إلا بتحرير الأرقاء وان تحريرهم محقق للمقصود منه كان ذالك محل ضرورة تسيغ لولي الأمر بالشروط المذكورة الإستلاء علي رقيق الناس ويكون ذالك متدرجًا لا تتعدي درجة تحق المقصود إلي درجة فوقها بحيث لو كافي إعلان التحرير بدون أن يكون لذالك حقيقة حتى تتغير الظروف لم يتجاوز ذالك إلي العتق البات وان لم يحصل الغرض بالإعلام الظاهري فليقتصر علي إقناع الناس بالكتابة فان لم يكفي ذالك فلا يتجاوز العمال في القطاع العام فان لم يكفي ذالك تجووز إلي عمال القطاع الخاص فان لم يكفي ذالك تجووز إلي سكان العواصم ونحوها ممن يستطيع إثارة الشعب ولا يندفع ضروه إلا بالتخلص منه وهكذا درجة، درجة لا تجاوز درجة إلي ابعد منها ما دامت تحقق المقصود فان الموضوع موضوع ضرورة وحرمة مال المسلم كحرمة دمه وعرضه فمن استحل شيئا من ذالك بغير حق فهو خارج عن الملة ومن اعتدي علي شيء منه بغير استحلال فهو ظلم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"

(نقلا من خط المفتي المصدر: مكتبة محمد عبد الله بن الحسن ونلفت انتباه قرائنا الكرام أن كلمة " تجووز" نقلنها كما كتبت احتراما للملكية الفكرية في الخط والكتابة وإملاء والصرف خوفا من الزيادة أو نقصان في المعني  الدلالي واللفظي).

فهذا هو مصدر الفتاوى حول مشكلة الرق في موريتانيا منذ 1978 وحتى 2015 الصادر عن رابطة الايمة والعلماء وقد مر تحرير الأرقاء يقينا بهذه المراحل تدريجيا خطوة بعد الأخرى حتى عند الجماعات المحسوبة علي التيار الأخوانى والتي لم تري أن الفتوى حان وقتها إلا بعد الهزات العنيفة التي أحدثها شعب لحراطين وطنيا وطليا وتوحدوا حول المطالبة بحل مشكلة العبودية من الناحية الشرعية فقد طالب حقوقيين بهذا الإفتاء منذ سنين لكن طلباتهم لم تجد آذانا صاغية حتى بلغ السيل الزبادي اصح كيان المجتمع مهدد ليس بإثارة الشعب فقط بل بفتنة طائفية أصبحت قاب قوسين أو ادني إذا لم يقف الخيرة من أبناء الوطن صفا واحدا من اجل تعزيز اللحمة الاجتماعية وتغليب صوت العقل والمنطق علي ترهات الفكر ونخاسة الفقه وحلحلة عقدة اجتماعية تأبطت شرا ، اللهم إننا نشهدك علي تفاهة هذا الإفتاء حول مراحل التحرر حتى وان كان ما فيه صادق النية أحري إن كان محتواه من اجل الخداع وتلاعب بحقوق أكثر شريحة من المجتمع ومغالطتها كذبا وزورا اللهم إن كان السلف من الفقهاء والعلماء اجتهد في فتاويه عن نية جهل بما فيها من خطورة علي لحمة والكيان هذا المجتمع المسلم فاكتب لهما أجران. وان كانوا اجتهدوا في فتاويهم عن نية علم بما فيها فاكتب لهم أجرا واحدا اللهم أصلح الخلف وتجاوز عن السلف بفضلك اللهم لا بعملهم  فأنت الله الغفور الشكور ووعدك الحق فقد جاءوك بملء الأرض من خطايا والذنوب ولكنهم أتوك وهم لا يشركون بك شيئا فتجاوز عنهم فان عفوك سبق عقابك .

الحمد الله رب العالمين فبعونه وقوته ختمت مذكرتنا حول إشكالية العبودية في موريتانيا عبر المحاور الثالثة التي عالجنها فيها والله المستعان والشهيد علي ما نقول.

..........انتهي ........

 

أ: محمد ورزك محمود الرازكه/ فلسفة وعلم اجتماع