شرعية العبودية آفيونية الدين وغوغائية الفتاوى والأحكام "المحــــور الثاني"

اثنين, 2015-04-13 13:37

ب – فهل للعبودية في موريتانيا من تأصيل شرعي؟

يقرر الإسلام أن الله عز وجل خلق الإنسان كامل المسئولية وكلفه بالتكاليف الشرعية ورتب عليها الثواب والعقاب على أساس من إرادته واختياره وحض علي ذالك وشجع عليه ولا يملك أحد من البشر تقييد هذه الإرادة  والحرية أو سلب ذلك الاختيار بغير حق ومن اجترأ على ذلك فهو ظالم جائر فهذا مبدأ ظاهر من مبادئ الإسلام وحينما يثار التساؤل كيف أباح الإسلام العبودية والرق ؟ فمن التجرع علي شرع الله أن نقول بكل قوة وبغير استحياء إن العبودية أو الرق مباح في الإسلام , ولكن بنظرة الإنصاف مع التجرد وقصد الحق توجب النظر في دقائق أحكام الرق في الإسلام من حيث مصدره وأسبابه ثم كيفية معاملة الرقيق ومساواته في الحقوق والواجبات للحر وطرق كسب الحرية وكثرة أبوابها في الشريعة ، مع الأخذ في الاعتبار بنوع الاسترقاق الجديد في هذا العالم المتدثر بدثار الحضارة والعصرية والتقدمية وما انتشر الرق ذلك الانتشار الرهيب في قارات الدنيا إلا عن طريق هذا الاختطاف وفلسفة الغالب والمغلوب بل كان المصدر الأكبر للعبيد في  قارتي أوربا وأمريكا في القرون الأخيرة هو التجارة بالرقيق وهذا الإسلام منه براء ومن المؤسف أن علماء وفقهاء الجمهورية الإسلامية لم يبوبوا الرق والعبودية علي أي باب شرعي سوي تخمينات واجتهادات مصدرها فتاوي شخصية في قطر غير قطرهم من باب عمل أهل المدينة وشرع من قبلنا بل جلوا علي تقليد فقهي اعمي صادر من اجتهادات علماء وأيمة وفقهاء قد يكونون اجتهدوا في بلدانهم التي يختلف الحكم فيها علي العبودية عن موريتانيا فلم يستطعموا آن يقون أن أصله الكفر وعبيدهم سبايا جهاد حرب شرعية لان الكفر لا يتعلق بلون ولا بشريحة دون آخري وإذا ما افترضنا جدلا أن العبودية في موريتانيا أصلها الكفر واستبيحت بالجهاد فلماذا كانت مختصرة علي لون واحد دون لون آخر اعني السود وهم جميعا سكان منطقة واحدة وهذه جدلية قد يسكت عنها الشرع إذا كانت موريتانيا قد شهدت حرب بين مسلمين وكفار في ما قبل إسلامهم (حراطين زنوج برابرة قبائل أواش) وتم اسر البعض واسترقاقه كما حدث في الكثير من بلدان العالم الإسلامي أم أن العبودية في موريتانيا عبودية غير شرعية ناتجة عن كفر الجميع وسطوه ومغامرته في فترة جاهليتهم وكفرهم بالدين الإسلامي  وعليه يجب أن يقر الفقهاء والعلماء بان المجتمع الموريتاني أصبح كله مجتمعا يعتنق الدين الإسلام بسيده وعبده وبذا زالت العبودية أم أن أصل العبودية جهل للدين وعدم التفقه في الإسلام وعليه فبعد انتشار الدين الإسلامي والتفقه في الدين سقطت شرعية العبودية أم أن العبودية ليست أكثر من محاكاة ومحاباة للشعوب الأوروبية والآسوية في حقبة مظلمة من ظلم البشرية للضعيف منها وبزوال الظلم تزول العبودية التي مصدرها البغي والتجارة بالرقيق بسبب الجهل لحكم الله وعلي مرتكبيه المبادرة بالتوبة قبل فوات الأوان وطلب الغفران من المتضررين أو ذويهم.

وهذا لم نجد له جوابا منذ افتراءات اللجنة العسكرية 1978 وحتى الإفتاء الجديد القديم ومن الغريب في دولة الإسلام ورباط الشناقطة وأحفاد المرابطين أن فقهائها وعلمائها الذين أفتوا بأحقية العبودية في موريتانيا يتعارضوا مع مبادئ الدين الإسلامي السمحة تعارضا صريحا فلا تجدهم يحدثون عن حربا جهادية حدث في موريتانيا وان كنت وقعت بالفعل الافتراضي فأين كان الكفرة من الشرائح الأخرى حسب تراتبها الطبقي أثناء الحرب الجهادية ضد أهل الردة والكفر أم أن هذه الشرائح جميعا كانوا مسلمين بينما كان السود كفرة تناقض صريح مع مبادئ الدين الإسلامي وما المانع من تحرير السود بعد دخولهم في الإسلام ولماذا لا يعتمدون علي دلائل تثبت شرعية الرق كمرجعية أو قاعدية دينية في فتاويهم حول شرعية العبودية في موريتانيا فقد حاولت الحكومة الموريتانية في منتصف السبعينات أن تصدر فتاوي تحرم العبودية والاسترقاق لإنعدام وجود مبرر شرعي لها ومن أشهر تلك الفتاوى فتوى الشيخ الشنقيطي رحمه الله " قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : " وسبب الملك بالرق : هو الكفر ، ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين " انتهى من " أضواء البيان " (3/387 ، وقال أيضا " فإن قيل : إذا كان الرقيق مسلماً فما وجه ملكه بالرق ؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال  ، وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله" أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء  أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق ، والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء فيها المسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي وثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع ، وهو الحكيم الخبير ، فإذا استقر هذا الحق وثبت ، ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقاً بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام ، وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه كما هو معلوم عند العقلاء ويحسن بالمالك وأجمل به أن يعتقه إذا أسلم ، وقد أمر الشارع بذلك ورغَّب فيه ، وفتح له الأبواب الكثيرة  فسبحان الحكيم الخبير " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مثيل لكلماته وهو السميع العليم" الانعام  وقوله تعالي (صدقا) أي في الأخبار و( عدلا) أي في الأحكام ولا شك أن من ذالك العدل الملك بالرق وغيره من أحكام القرآن وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم انتهي من أضواء البيان (389/3) .

ففي غزوة بدر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الفداء من أسرى المشركين وأطلق سراحهم ، وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً من الأسرى في غزواته مجاناً ، منَّ عليهم من غير فداء ، وفي فتح مكة قيل لأهل مكة : اذهبوا فأنتم الطلقاء وفي غزوة بني المصطلق تزوج الرسول أسيرة من الحي المغلوب ليرفع من مكانتها , حيث كانت ابنة أحد زعمائه حنما وقت ضمن سبايا, وهي أم المؤمنين جويرة بنت الحارث رضي الله عنها ، فما كان من المسلمين إلا أن أطلقوا سراح جميع هؤلاء الأسر  بدون فدية حتى يبينوا أن الإسلام دين تسامح  وانه دين  ليس متعطشا لدماء الأسرى ، بل ولا متعطشا حتى لاسترقاقهم ومن هنا تدرك الصورة المحدودة والمسالك الضيقة التي يلجأ إليها في الرق، لأن هذا الأسير الكافر المناوئ للحق والعدل كان ظالماً ، أو معيناً على ظلم ، أو أداة في تنفيذه أو إقراره , فكانت حريته فرصة لفشو الطغيان والاستعلاء على الآخرين إن الحرية حق أصيل للإنسان  ولا يسلب المرء هذا الحق إلا لعارض نزل به , والإسلام عندما قبل الرق في الحدود التي حض عليها الشرع فهو قيّد على إنسان إن يستغل حريته أسوأ الاستقلال فإذا سقط إثـر حرب بين عدوان انهزم فيها  صاحب الباطل ، فإن إمساكه بمعروف مدة أسره بتصرف سليم ومع كل هذا فإن فرصة استعادة الحرية لهذا وأمثاله في الإسلام كثيرة وواسعة كما أن قواعد معاملة الرقيق في الإسلام تجمع بين العدالة والإحسان والرحمة  فمن وسائل التحرير فرض نصيب في الزكاة لتحرير العبيد وكفارات القتل الخطأ والظهار والأيمان والجماع في نهار شهر رمضان إضافة إلى مناشدة عامة في إثارة للعواطف من أجل العتق والتحرير ابتغاء وجه الله وسبب الملك بالرق هو الكفر ومحاربة الله ورسوله. 

ومن هناك ندرك الطرق والمسالك الضئيلة التي يسلك إليها في شرعية الرق والعبودية في الإسلام ويسعي دوما لمحاربتها وانتفائها من المجتمع المسلم لأن هذا الأسير الكافر المناوئ للحق والعدل كان ظالماً ومتحيز للقتال والاستعلاء على الآخرين فإذا حدث لأمر ما أن استرق شخص عن طريق الجهاد وظل علي غير ملتنا ولا ديننا ثم ظهر أنه أقلع عن غيه ، ونسي ماضيه وأضحى إنساناً بعيد الشر قريب الخير ، فهل يجاب إلى طلبه بإطلاق سراحه ؟ الإسلام يرى إجابته إلى طلبه ، ومن الفقهاء من يوجب ذلك ومنهم من يستحبه وهو ما يسمى عندنا مكاتبة العبد لسيده (بمعنى أن العبد يشتري نفسه من سيده مقابل مال يدفعه له على أقساط ) قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) النور والمكاتبة من باب التعليل لا التقييد وأيضا لم يذكر في هذه الآية جواز الاسترقاق، وهو الأصل في الأسرى ، وهو يدخل في المن إذا اعتبر المن شاملا لترك القتل ، ولأن مقابلة المن بالفداء تقتضي أن الاسترقاق مشروع . ويري جمهور العلماء إن المكاتبة جائزة لغير صاحب الملة أما صاحب الملة فلا يجوز في حقه إلا التحرير أو العتق وهذا ما يستنبط من مدلول الآية ، ولم تفتي جماعة الفقهاء والعلماء في الرد علي حرية اللجنة العسكرية 1981 بان الأرقاء المسلمين لا يجوز شرعا استعبادهم ولا مكاتبتهم بناء علي تقدم ذكره في محكم التنزيل بل شرعوا وأفتوا بجواز ملكيتهم ومكاتبتهم من طرف السلطان ولو كانوا مسلمين بينما يري البعض جوازه إن قدر عليه وقد روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك " أن المن من العتق  وقد خرج علماء وفقهاء بلدنا من بين الفرقين فلا هم إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء باستثناء فتوي صدرت في سنة 1978 نجد جماعة من الفقهاء والعلماء التحرريين العاملين بالكتاب والسنة يفتون بعدم شرعية العبودية في موريتانيا أصلا وفرعا  وان الحراطين سبايا حرب أو أصحاب ردة وكفر في الأصل فقد بعث حاكم تنبكتو محمد الملقب (بغيغو) بن محمود بن آبي بكر الونكري إلي الشيخ الأفضل الفقيه والعالم الورع سيدي محمد احمد قاضي جماعة تنبكتو أحسن الله عاقبتنا وعاقبته ونور قلوبنا وقلبه بنور معرفته واجلي عنا وعنه غياهب الجهل وجهل شرائعه يسأله " بعد السلام الجزيل عليكم من كل من اعتني بأمور الشريعة في بلاد (جزولة) نستفسر في ما يرد علينا من العبيد من أشتات قبائل السودان من جهة ودان وتيشيت وولاته وأما من جهة تنبكتو فحن بحمد الله تعالي لا نسال عن ما جاء منها من السودان لحسن ظننا بكم أن تباع في بلدكم أحرار المسلمين فبين لنا أي القبائل يجوز شراؤها ممن سباهم وآتي بهم ومن لا يجوز لإسلامهم لعدم الحكم والملك في تلك الجهة لان أهل ودان مغلوبون لا يقدرون علي دفع الظلم بأديهم ولا يقبل عنهم بألسنتهم وللشيخ الفقيه الأجر الجزيل عند الله الجليل لكل ذي دين محتاج إلي من يخدم زوجته ولم يكن عندها خدام إلا من السودان وبعضهم يأتوننا يقرؤون سورا من القرآن وبعضهم يقول بلسانه ما يدل علي إسلامه فأشكل علينا الأمر؟ هذا بيت القصيد في عبودية سودان وسود موريتانيا.

 وقد أجاب الفقيه وعليكم السلام ورحمة الله تعالي وبركاته فبيع الأحرار في هذه البلاد فشا فشوا فكل من ادعي الحرية فهو مصدق ما لم يتبين كذبه سواء أتاكم من هذه ناحية ودان أو من تلك الناحية تيشيت أو غيرهما فالعرب الذين يعدون علي أحرار المسلمين يبعونهم ظلما فلا يحل تملكهم بشي من ذالك لان أصل الرق في الإسلام الكفر - مصدر الإفتاء ميكرو فليم جامعة ألمانيا وأرقام تسلسل فتاوي هي: 6232 و 6233 و 6235 و6237 من نفس المصدر تنفي شرعية الرق والعبودية في موريتانيا فرعا واصلا فما هو مبرر عجز رابطة العلماء الموريتانيين عن إصدار فتوي شرعية تبين عدم شرعية العبودية أصلا وشرعا وفرعا فانا لله وإنا إليه راجعون علي ذهاب العلم وأهله وانطماس شمسه وخسوف قمره وأفله كما وعد المصطفي عليه الصلاة والسلام ، أما ذر الرماد في عيون الأرقاء من طرف وزير العدل وتلويح الوزير بان العقوبات الخاصة بالممارسات الاستعبادية سترتفع بموجب القانون الجديد من 5 إلى 10 سنوات، كما سيتم رفع الغرامة من 50 ألفا إلى 5 ملايين فحبذا لو روح الوزير علي نفسه وتسال أين الشخص أو الأشخاص الذين عقبوا بالقرارات الماضية والتي هي اقل إتاوة من لا حقتها فهل هي كذبة ابريل من طرف الوزير والرئيس ومجلس الوزراء علي الأرقاء والعبيد السابقين فلو سبق أن عقب احد طبقا للقانون المجرم للعبودية والمعاقب للممارسات الاستعبادية الذي جعل الممارسات الاستعبادية في موريتانيا تصنف كجرائم، لإستبشر الأرقاء والعبيد السابقين خيرا بأن مشروع القانون الجديد سيرفع حد العقوبات من جنح في غالبية المسائل وفق القانون السابق إلى جرائم ضد الإنسانية كفي نكاية وزورًا ونفاق سيادة الرئيس وحكومتك الموقرة ورابطة علمائك  إن الاستهزاء بالعبيد والعبيد السابقين أفضل منه عدم معاقبة الناس علي ما اقترف السلف عن قصد أو جهل فهم لا يريدون معاقبة أي احد بقدر ما يردون التعويض وليس علي حساب احد بل علي عائدات خيرات وطنهم وعرق جبينهم وخلق فرص عمل وتوظيف وإدماج في المجتمع كدعم تشجعي علي نسيان الظلم والحيف الذي كان عقبة في إلحاقهم بمكونات الطيف الاجتماعي الأخرى دون أن يدفع فقير أو مظلوم من شرائح المجتمع فاتورة إتاوة مغلظة لم يرتكب جرمها وليس هو من شرعها وأفشاها في عقدة المجتمع وفكره وثقافة أنهلك بما فعله السفهاء منا وعليه فلا تجد نصوص في القرآن والسنة صريحة تأمر بالاسترقاق والعبودية، بينما تحفل آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالعشرات من النصوص الداعية إلى نبذ العبودية وتجريمها والحث علي العتق والتحرير فقد جاء في حديث قدسي قال الله تعالى " ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ ، ذكر منهم : رَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ) رواه البخاري وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَال" رواه البخاري وأما العبودية في الديانات الأخري غير الإسلام ،وان كانت أجناس منحطة عند اليهود إذ يمجدونها ويسعون إلي ترسيخها، عن طريق  استعباد الإنسان لأخيه الإنسان بالتسلط والقهر فقد جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من سفر الخروج ما نصه" إذا اشتريت عبداً عبرانياً فست سنين يخدم ، وفي السابعة يخرج حراً مجاناً ، إن دخل وحده ، فوحده يخرج ، إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه , إن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين وبنات فالمرأة وأولادها يكونون للسيد ، وهو يخرج وحده ، ولكن إذا قال العبد : أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حراً ، يقدمه سيده إلى الله ، ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ، ويثقب سيده أذنه بالمثقب يخدمه إلى الأبد وفي الوجه المناقض بشهادة  جوستاف لوبون في ( كتاب حضارة العرب) ص459/460 يقول "الذي أراه صادقاً هو أن الرق عند المسلمين خير منه عند غيرهم، وأن حال الأرقاء في الشرق أفضل من حال الخدم في أوروبا، وأن الأرقاء في الشرق يكونون جزءاً من الأسرة... وأن الموالي الذين يرغبون في التحرر ينالونه بإبداء رغبتهم." انتهى .

فمن باب الغرابة والاستهجان أن الكثير من فقهائنا وعلمائنا يسوؤون الي الدين الإسلامي ويقول انه جاء بالعبودية وانه أقرها وهذا مناف لمنطق العقل ومحكم التنزيل ومعناه أن الدين الإسلامي في نظرهم جاء بإقرار الخمر والربا والميسر وارث الجاهلية الفظيع لأن الرقيق والعبودية كانا رفقاء هذه المدنسات والخبائث فتعالي الدين الإسلامي وتنزه أن يأتي بمثلها أو يشجع علي فعلها فهل يعقل أن ينهي الدين عن قرب الصلاة أو الإتيان بها من طرف المسلم وهو سكير ثم يشجع أو يرغب أو يقر بإحية شرب الخمر من طرف المؤمنين في قوله تعالي" يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا " فقد خص الله سبحانه وتعالى بهذا الخطاب المؤمنين ؛ لأنهم كانوا يقيمون الصلاة وقد أخذوا من الخمر وأتلفت عليهم أذهانهم فخصوا بهذا الخطاب ؛ إذا كان الكفار لا يفعلون الصلاة صحاةً ولا سكارى لان الخطاب صريح وموجه للذين امنوا فقد  روى أبو داود عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال" لما نزل تحريم الخمر قال عمر  اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ؛ فنزلت الآية التي في البقرة " يسألونك عن الخمر والميسر" قال فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ؛ فنزلت الآية التي في سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"  فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي ألا لا يقربن الصلاة السكران فدعي عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ؛ فنزلت هذه الآية " فهل أنتم منتهون" فقال عمر انتهينا وقال سعيد بن جبير  كان الناس على أمر جاهليتهم حتى يؤمروا أو ينهوا ؛ فكانوا يشربونها أول الإسلام حتى نزلت  "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " فقالوا  نشربها للمنفعة لا للإثم ؛ فشربها رجل فتقدم يصلي بهم فقرأ "قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون " فنزلت " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى "  فقالوا في غير عين الصلاة ، فقال عمر  اللهم أنزل علينا في الخمر بيانا شافيا ؛ فنزلت" إنما يريد الشيطان الآية  فقال عمر انتهينا، انتهينا ثم طاف منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا إن الخمر قد حرمت ؛ على ما يأتي بيانه في محكم التنزيل " وروى الترمذي عن علي بن أبي طالب قال  صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر ، فأخذت الخمر منا ، وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون . قال  فأنزل الله تعالى" يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون"  قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح  ويتفق جل فقهاء وعلماء العصر الحديث انه لا توجد عبودية في الإسلام إذ ينطلق الفقيه والعالم المعاصر عدنان الرفاعي من جدلية نفي مطلق لوجود عبودية في الإسلام معززا قولته بان الرق ليس مشكلة إسلامية حتى يلقى باللائمة فيها على الإسلام إنما هو مشكلة إنسانية ناتجة عن الصراع والتدافع الإنساني، فلا يوجد نص في القرآن أو السنة يأمر بالرق أو يحث عليه بل نجد النقيض من هذا إذ لا يوجد رقيق وعبيد وجواري فمن خلال فهم أن ما جاء في كتبت التراث أن ملك اليمين هم اسري الحرب وما طلقت عليه الموروثات السبايا من الحرب هو أمر لم يرد في القران بل هو من أضافيات البشر وقصور فهم لتأويل صريح الآية وليس عليه دليل صريح من القران فليس هناك علاقة بين ملك اليمن واسري الحرب إذ أن ما جاء في صريح القرءاني هما شيئان لا ثالث لهما هو المن أو الفداء ولم يأمر رب العالمين بالاحتفاظ بأسرى الحرب أو استعبادهم فيما تسميه كتب التراث بالسبي، وهذا واضح في هذا النص القرءاني " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها" وكلمة العبد في القران تطلق علي الإنسان بشكل عام يقول الله تعالي في سورة الإسراء " ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكور" ويقول الله تعالي في  سورة ص"وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب " ويقول الله تعالي في سورة البقرة "يا أيها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم "

فالحر والعبد تعنيان مركزين ووظيفتين متقابلتين في اتخاذ القرار  بالنسبة لمسالة محدودة وليست أبدية أي ظرفية وهي تصف حال الشخص الواقع تحت إمرة الأخر بحيث لا يملك إلا تنفيذ قرارات الحر ولا تعني الملك مثل قولك انأ رب البيت أي الحر في تصرف فيه وليس  الؤلوهية بل  أنت عبدا ولست رب لا من هو في البيت أي الزوجة مثل قوله تعالي" وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا" فقد جاءت اشتري معني لكلمتان مترادفتان لمقصدين مختلفين هما وشروه وقال الذي اشتراه ولا يفهم سياق الآية إلا من خلال ظاهر الضمير العائد علي السيارة وقال الذي اشتراه  مع ذكر أقوالا ومقاصد متعارضة  ولا يتوقف تفسير كتاب الله علي تلك الأقوال متعارضة فالحر والعبد مسالتان متعارضتان مما يعني أن ليس في الإسلام عبودية وإنما جاء ليحارب مخلفاتها ولو كانت كلمة العبد لازمة لشخص معين للزمت لنبينا نوح وأيوب وداود عليهم الصلاة والسلام ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال" لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي، كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي "[رواه مسلم بالله عليكم جمع العلماء والفقهاء في الجمهورية الإسلامية أهذا إقرار بالعبودية في الإسلام أم محاربة لمخلفاتها؟ وقول النبي صلى الله عليه وسلم" مَن أَعتَقَ رقبة مسلمةً، أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار حتى فرجَه بفرجه» [رواه البخاري ومسلم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم"مَن أَعتَقَ رقبة مسلمةً، أعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار حتى فرجَه بفرجه" [رواه البخاري ومسلم.

أما موقف الإسلام من الرق فينبع من تصوره لهذه المشكلة  فالإسلام ينظر إلى الرق باعتباره نتيجة حتمية للصراع بين البشر وهذه النتيجة رسخت في الأذهان والمعتقدات على مر آلاف السنين، ولهذا تعامل معها الإسلام بخطة لا تتجاهل الواقع ولا تقفز عليه ولا تعترف به علي النحو الذي فعلت الديانات والمجتمعات الأخرى ولأسف الشديد آن الكثير منا يبني شرعية الرق علي قصص يهودية تقول أن حام وسام أبناء نوح كنا في طريقهما إلي وجهة معينة وهما يحملان كتب مقدسة فأمطرت السماء عليهم فجأة فقام حام بوضع الكتاب المقدس فوق رأسه فسال عليه المداد فصار اسود البشرة بينما وضع سام الكتاب المقدس تحت إبطه  وهذه الإسرائيليات مستخلصة من الرواية اليهودية التي تقول" إن حام بن نوح وهو أبو كنعان جد العرب كان قد أغضب أباه ، لأن نوحاً سكر يوماً ثم تعرى وهو نائم في خبائه ، فأبصره حام كذلك ، فلما علم نوح بهذا بعد استيقاظه غضب ، ولعن نسله الذين هم كنعان ، وقال  كما في التوراة في "سفر التكوين" إصحاح "ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته ، وقال : مبارك الرب إله سام ، وليكن كنعان عبداً لهم ) . وفي الإصحاح .. وأيضا لا تعترف به على النحو الذي فعلته المسيحية كل هذا من أباطيل الأقوالين التي يراد بها تأثير علي عقيدة المسلم والوقوف في وجه الحق ومنعه من الوصول إلي الناس وكان من نتائج محاربة الإسلام لجيوب الأستعباد اندماج الأرقاء في الأسر الإسلامية إخوة متحابين، حتى كأنهم بعض أفرادها وخير مثل علي هذا قصة الصحابي الجليل زيد التي ورد ذكرها في سياق القران الكريم وهو الصحابي الوحيد الذي جاء ذكر اسمه صريحا في محكم التنزيل مما لا يدع مجالا للحاقدين علي الإسلام بأنه صالح لكل زمان ومكان بل أن الفكر اليهودي في العبودية قائم علي دعوة نوح علي ابنه حام كما تقدم ذكره.

وكما يقول الدكتور "جورج بوست" في " قاموس الكتاب- "(أن المسيحية لم تعترض على العبودية من وجهها السياسي ولا من وجهها الاقتصادي، ولم تحرض المؤمنين على منابذة جيلهم في آدابهم من جهة العبودية، حتى ولا المباحثة فيها، ولم تقل شيئاً ضد حقوق أصحاب العبيد، ولا حركت العبيد إلى طلب الاستقلال، ولا بحثت عن مضار العبودية، ولا عن فساوتها ولم تأمر بإطلاق العبيد حالاً، وبالإجماع لم تغير النسبة الشرعية بين المولى والعبد بشيء، بل بعكس ذلك فقد أثبتت حقوق كل من الفريقين و واجباته"..

............ يتواصل بإذن الله............

أ: محمد ورزك محمود الرازكه/ فلسفة وعلم اجتماع