إن موضوع إستقلال القضاء الذي يتشدق به القضاء الموريتاني شأن يتجاوز بكثير حدود القضاة أنفسهم إذ أنه في جوهره وثيق الصلة بقضية العدل وميزان الحرية في المجتمع, وفي العالم المتحضر فإن قيمتي العدل والحرية تتأثران سلبا وإيجابا بمقدار ما هو متوافر من استقلال للقضاء في كل بلد, لذلك فإننا حين ندافع عن استقلال القضاء ونتشبث به, فإنما ندافع عن أنفسنا في حقيقة الأمر, وحين يستشعر القضاة قلقا من جراء نقصان استقلالهم, فإن ذلك القلق ينبغي أن ينسحب علينا تلقائيا. لأن المقصود بإستقلال القضاء، عدم جواز التدخل والتأثير من قبل الغير على ما يصدر عنه من إجراءات وقرارات وأحكام. والتدخل والتأثير أمر مرفوض سواءً كان مادياً أو معنوياً وسواء تم بكيفية مباشرة أو غير مباشرة، وبأية وسيلة من الوسائل. وهناك العديد من صور التدخل، مثل تدخل السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية، أو غيرهما من أشخاص القانون العام والخاص، كما يدخل في نطاقه الرؤساء الإداريون للقضاة وأطراف الدعوى، ولهذا فإن استقلال القضاء يقتضي ليس فقط منع تدخل تلك الجهات في أعمال القضاة، ولكن هذا هو الأهم - وجوب إمتناع القضاة أنفسهم عن الاستجابة أو القبول أو الخضوع لأي تدخل أو تأثير، ويترتب على ذلك أن القضاة حرصاً على إستقلالهم لا يمكن أن يستجيبوا ويخضعوا إلا لصوت القانون والضمير بعيدا عن التقاليد التي تحكم مجتمعنا وبعيدا عن القبائل التي لا تمثل كافة مكونات المجتمع الموريتاني قبل الولوج في معرفة المفهوم لابد من الوقوف على معنى القضاء في اللغة والاصطلاح ، فالقضاء في اللغة له معان عدة، كما وردت كلمة القضاء في القران الكريم (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون )، وهذه الآية تشير على أن القضاء يكون بمثابة الإلزام الذي لابد من العمل به، وكذلك فإن له معنىً آخر يدل على الحكم والفصل بين شيئين متنازعين، وذلك استناداً لقوله تعالى (وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون) صدق الله العظيم ، وهذا بعض مما تدل عليه مفردة القضاء في اللغة. كيف نحتفل بالسنة القضائية ونحن جميعا نعلموا أن القضاء الموريتاني غير مستقل وخاصة نحن أبناء المعاناة هم من نأكد لكم ذالك, عندما نمثلوا أمام القضاة حاملين على الأكتاف همومنا وهموم أسلافنا وهموم خلفنا و هموم أهل آدواب وأهل القرى وأهل الكبات والكزرات وأنجايات وأهل كسكس (المهمشين والمقصين و المستعبدين في هذا الوطن)؟ والمثال الحي على هذا إصدار قاضي محكمة روصو محمد محمود ولد الطيب الذي حكم ظلما وتعسفا على رئيس حركة التيار الإنعتاقي بيرام الداه عبيد ونائبه براهيم بلال ورئيس حركة كاوتال جيبي صو بالحبس سنتين نافذتين على خلفية نضالهم الجاد والمستمر عن ضحايا العبودية العقارية.وإرساله الغير قانون إلى سجن إنفرادي بحبس ألاك. تلبيتا لمطالب المجموعة الإستعبادية الإقضائية الحاكمة وعلى رأسها أبن الصدفة محمدكم ولد عبد العزيز الذي قال في مؤتمره الأخير لا يوجد سجين واحد من سجناء الرأي العام واصفا إيهم بسجناء الحق المدني. يسقض القضاء الموريتاني المأسس على القبيلة و الفيئة الحاكمة.