ا – مدخل إلي مفهوم الرق والعبودية في الإسلام
في مجتمعنا التدينى الذي جلب علي الإسلام بالفطرة المصطنعة والتقليد الأمي العامي الناتج عن قصور في الفهم وسفسطة في التأصيل وارتجالية التأويل الناتج عن الأخذ بظاهر الدلالة في الآيات القرآنية الكريمة مما يجعل الفقهاء والعلماء والايمة في بلدنا بحاجة ماسة إلي تكوين علمي حداثي وتجديد فقهي تنويري ديني وتديني بغية الخروج من غوغائية ما وجدنا عليه السلف الصالح إذ لم يعد المفهوم الاجتهادي والقياسي الفقهي صالح للمرحلة الحالية المستنبط من مضامين المتون الفقهية الصفراء ( خليل الدسوقي الحطاب الاخضري ابن عاشر.) لان مرحلة مطالبة مؤلفي هذه الكتب بتقويم ما كان فاسدا من أرائهم حول ألأحكام الإسلامية والقضايا الدينية التي تجب مراجعتها وتصحيحها وتقويمها، فالقران الكريم والسنة المحمدية محفظين من تحريف والتجديد فكلامه صلي الله عليه وسلم وحي يوحي بل أن شخصه عليه أفضل الصلاة والتسليم قران يمشي غير أن فقهنا المرحلي يجب تجاوزه وصقل الدين الإسلامي من شوائب فتاويه الرجعية وتحصينه من القذف ونعته بالضيق والتزمت والانحسارية والزبوبية ووصفه بأنه دين استعباد فجعل من المسلمين أسياد وعبيدا ومن العبيد عبيد العبيد.
فقد شاءت الأقدار أن أتلقى تعلمي محظري علي يد شيخ زاهد وعالم جليل حفظ القران وهو في سادسة من العمر ثم تلقي دراسة العلوم الشرعية علي يد والده وابنة عمه الزاهدة التقية العالمة العارفة وفي السادسة عشر من العمر شارك في مسابقة المعلمين سنة 1961 لينجح الوحيد من بين 17 مشارك يكبروه سنا فكرم بأن يختار الولاية التي يريد فاختار مدينة روسو ودرس بها حتى تقاعد بعد 39 سنة من التدريس والعطاء العلمي ذاع صيته في المدرسة روسو 1 وقد تلقيت علي يده تدرسي محظري منذ 1981 وفي سنة 1984 قدر هو بنفسه ادخلي المدرسة الابتدائية ليشرف علي تدريسي طلية المرحلة الابتدائية ينتقل معي من قسم إلي أخر تغمده الله برحمته واسكنه فشيح جناته يشرف بنفسه علي تدريس علوم الدين وأصول الفقه وتاريخ السير النبوية أنا وأبنائه ولم يحدثنا أو يستشهد لنا في أي درس بما جاء في الكتب الصفراء فقد كنت الوحيد من أبناء السود في المدينة الذين يرقي لهم الجلوس في مأدبة درسه بعد أن يقد لنا الموقد لنصطلي علي جذوة من الجمر التي يضع عليها إبريقه ويبسط لنا حصيره الوردي فتبدأ الدرس عند أول بريق في سرد ملائكي التعبير وارتجال فريد النظير بلاغة ونحوا وصرفا كنت الابن المشاكس الفطن فكلما سدل الحصير أكون بجانبه الأيمن لسببين الأول لأكون أول من يتناول كوب شاي والثاني لأجد دفئ الموقد والله لم أرأي من هذا الشيخ العالم الجليل أي تضيق مني ولم يطلب مني يوما أن اترك مكاني لأحد من أبنائه الذين من بينهم من هو اصغر مني سنا كانت وصيته لنا دوما أن لا نظلم أحد في المدرسة أو خارجها ولكن إذا ظلما فل نكون أشرس من الأسد ضَرَاوةً ، من رحاب هذه الروضة الفريدة المثيل والنظير جعلتني منذ نعومتي أظافري شغوف موطني البرزخ الملائكي وأنا اسمح للفقهاء والعلماء من الطلبة والزوايا والعبيد أي فقهاء الخالفة الكحلة ولمعليمن وعلماء وفقهاء الزنوج ضجة وجدلا حول شرعية العبودية في الدين الإسلامي وخاصة ما هو قائم في ربوع " البلاد السائبة وبلاد الملثمين" وهل الدين الإسلام نزل من السماء من اجل استعباد الإنسان أو تحريره؟ وهل دين الإسلام سكت عن العبودية في مرحلة معينة كما فعل مع المحرمات والاخري مثل الخمر والميسر والريا ثم حرمها في مرحلة معينة أن انه استثني العبودية من باقي الإرث الجاهلي؟
قبل محاولة البحث في أغوار موضوع شائك ومتشعب استغرب من فتاوى رابطة العلماء الموريتانيين المستندة علي فتاوي ماضية رد جل العلماء عليها بإحية الرق والعبودية في ربوع هذا الوطن وقد طالب البعض منهم بتعويضات للأسياد بدلا من التعويض للعبيد وهي فتاوى مشهورة في ( باب الرق والعتق ) مثل الفتاوى الذي يحمل الرقم 6363 للفقيه والعالم الملقب عدود المباركي المصدر: مكتبة محمد عبد الله الحسن والفتاوى رقم 6315 لإسماعيل الشيخ سيديا "باب" المصدر مكتبة محمد المختار السعد وكلاهما أبناء الخولة للأرقاء فتطلع علينا اكبر مرجعية دينية مغيب فيها تمثيل الأرقاء وتحكم عليهم بقتاوي منسوخة أصلا وفرعا وباطلة اجتهادا ومعزرة قياسا إذ تقول بكل وقاحة وانعدام الإنسانية " الممارسات الاسترقاقية المحتملة بعد صدور فتوى العلماء 1981 تعتبر باطلة شرعا"،وفتوى "ببطلان أي اعتبار لوجود أي نوع من الرّق الشرعي اليوم في موريتانيا ، ومن الواضح أن لفظ كلمة "المحتملة" الواردة في السياق بعد الممارسات الاسترقاقية تفيد الشيء وضده وان كان العمل بالضد هو الأرجح مؤكدا الباطل الرجعي من طرف وزير العدل جهلا منه بانعدام القرينة بين الفتوى وقوانين أفينة الأرقاء قائلا " إن مشروع القانون المجرم للعبودية والمعاقب للممارسات الاستعبادية سيمكن من جعل الممارسات الاستعبادية في موريتانيا تصنف كجرائم، موضحا أن مشروع القانون سيرفع حد العقوبات من جنح في غالبية المسائل وفق القانون السابق إلى جرائم وأضاف الوزير خلال حديثه في المؤتمر الصحفي الأسبوعي بوزارة الاتصال، إن العقوبات الخاصة بالممارسات الاستعبادية سترتفع بموجب القانون الجديد من 5 إلى 10 سنوات، كما سيتم رفع الغرامة من 50 ألفا إلى 5 ملايين، وأوضح الوزير أنه بموجب خارطة الطريق التي صادقت عليها الحكومة في 6 مارس 2014 تم تكييف الممارسات الاسترقاقية جريمة، مشيرا إلى أن القانون الجديد أكد على وجود محاكم متخصصة لجرائم الاسترقاق ستنشأ على امتداد التراب الوطني" إن كل ما ورد علي لسان رابطة العلماء ووزير العدل كان خاليا من نصوص شرعية دينية وإسلامية تجرم الرق والعبودية مما يعني إن هذا الفتاوى استهلاك إعلامي وطني ودولي والسعي إلي البحث عن وجود قدر من المصداقية في دول العالم العربي والإسلامي وخاصة مرحلة نضال شريحة الأرقاء والأرقاء بفضل جهود كبوكبة من الحقوقيين علي رأسهم المناضل الحقوقي بيرام الداه أعبيدي سجين الرأي نائب رئيس الجمهورية حسب الاستحقاق الديمقراطي في بلدان العالم الحر باعتبار نتائج الاستحقاقات الرئاسية الأخيرة والتي حصل فيها علي مرتبة مشرفة بعد أن أفتت رابطة العلماء وغيرها من العلماء والفقهاء الذين من بينهم من اصدر فتاوى تجريم الرق اليوم بأنه زنديق وكافر وبعد قترة وجيزة تصدر المحكمة والقضاء اجمع شهادة براءة من تهم الفتاوي، مما جعل الكثير من علماء وفقهاء العالم الإسلامي والعربي يشككون في نوايا الجمهورية الإسلامية في محاربة الرق والعبودية ويتحفظون علي مساعدات كانت تأخذ باسم القضاء علي الرق في موريتانيا وتحيروا من كيف يمسي المؤمن كافرا ثم يصبح مسلما ثم يترشح لأكبر منصب في جمهورية إسلامية مما يعني انه غمار سياسي أو تجاوز مرحلي لازمة خانقة مثل ما تجاوزت حكومة الرئيس السابق محمد خونه أزمة مشابهة.
إن مسألة الرق من المسائل التي يفرح بها المرجفون، ودائما ما يثيرونها على أنها سبة في وجه الإسلام، وهمهم تدنيس الإسلام ، فالإسلام لم يبتكر مسألة الرقيق، وإنما كانت أمراً قائماً في شعوب الجاهلية قبل مجيئه، فجاء الإسلام بتنظيمها، وحصر أسبابها في سبب واحد فقط، وهو الأسير من الأعداء المحاربين في نص قراني صريح لا لبس ولا تأويل في قوله تعالي"فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ " وقد وسع الإسلام طرق التخلص منها، فرغب في إعتاق الرّقاب ابتداء من الفدية المدفوعة الثمن أو المقايضة بتعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة أو التخلص من العبودية في الدخول في الإسلام بدلا من استعبادهم وهم مسلمين وجعل تحرير الرقاب كفارة ملزمة للقتل الخطأ، والجماع نهارا في شهر رمضان، والظهار، واختيارية لكفارة اليمين، فضيقت أحكام الشريعة مصدر الرق، ووسعت مصارفه ووسائل التخلص منه، وحفظت الشريعة حقوق الرقيق التي كانت مهدرة قبل الإسلام، غير أن مشكلة بعض علمانا وفقهائنا وضعوا الإسلام في موضع المتهم، وبدءوا يدافعون عنه، ولكن بلا علم فأفسدوا أكثر مما أصلحوا، وقالوا لا يوجد نص ديني صريح يحرم الرق كما حرم الخمر والربا والخنزير وغيرها كما قالوا لا يوجد أصلا نص ولو كان غير صريح يحرم الرق في الإسلام اتفق جمهور العلماء والفقهاء علي عدم جوازية أو شرعية الرق بين المسلمين لان قتال المسلم للمسلم معصية انطلاقا من قوله تعالي" وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت ، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم . وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن ، عن أبي بكرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يوما ومعه على المنبر الحسن بن علي ، فجعل ينظر إليه مرة وإلى الناس أخرى ويقول : " إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " . فكان كما قال ، صلوات الله وسلامه عليه ، أصلح الله به بين أهل الشام وأهل العراق ، بعد الحروب الطويلة والواقعات الطاحنة وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه رواه مسلم، وهذا الحديث أصل في حق المسلم علي المسلم وفي ما ينبغي أن يكون بين المسلمين من أنواع التعامل ، وللأسف الشديد فقد تشابه علي الكثير من الفقهاء والعلماء الإجلاء كلمة العبودية التي حث عليها الشرع في الآيات الصريحة والوارد ذكرها في الإسلام والتي تعني عبودية المسلم لله عزّ وجلّ وهي التي أمر بها سبحانه في كتابه وأرسل الرسل لأجلها كما قال تعالى "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" النحل – 36 والعبودية في اللغة مأخوذة من التعبيد تقول عبّدت الطريق أي ذللته وسهلته ، وعبودية العبد لله لها معنيان عام وخاص ، فإن أريد المُعبّد أي المذلل والمسخر فهو المعنى العام ويدخل فيه جميع المخلوقات من جميع العالم العلوي والسفلي من عاقل وغيره ومن رطب ويابس ومتحرك وساكن وكافر ومؤمن وبَرٍّ وفاجر فالكل مخلوق لله عز وجل مسخر بتسخيره مدبر بتدبيره ولكل منهم حدٌّ يقف عند.وإن أريد بالعبد العابد لله المُطيع لأمره كان ذلك مخصوصا بالمؤمنين دون الكافرين لأن المؤمنين هم عباد الله حقا الذين أفردوه بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ولم يشركوا به شيئاً . كما قال الله تعالى في قصّة إبليس : "قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ . سورة الحجر ، أما العبادة التي أمر الله بها فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة والبراءة مما ينافي ذلك فيدخل في هذا التعريف الشهادتان والصلاة والحج والصيام والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله والملائكة والرسل واليوم الآخر وقوام هذه العبادة الإخلاص بأن يكون قصد العابد وجه الله عز وجل والدار الآخرة قال الله تعالى " يتجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى" ، فلا بد من الإخلاص ثم لا بد من الصدق : بأن يبذل المؤمن جهده في امتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه والاستعداد للقاء الله تعالى وترك العجز والكسل وإمساك النفس عن الهوى كما قال الله تعالى"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " ثم لا بد من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيعبد العابد الله تعالى بوفق ما شَرَع عزّ وجلّ لا بحسب ما يهوى المخلوق ويبتدع وهذا هو المقصود باتّباع النبي المرسل من عند الله محمد صلى الله عليه وسلم فلا بد من الإخلاص والصدق والمتابعة فإذا عُرفت هذه الأمور تبين لنا أن كل ما يضاد هذه التعاريف فهو من العبودية للناس فالرياء هو عبودية للناس والشرك هو عبودية للناس وترك الأوامر واسخاط الرب مقابل رضى الناس عبودية للناس وكلّ من قدّم طاعة هواه على طاعة ربه فقد خرج عن مقتضى العبودية وخالف المنهج المستقيم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم وتعس عبد الخميصة وتعس عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتفش" فالعبودية لله تجمع وتتضمن المحبة والخوف والرجاء فالعبد يحبّ ربّه ويخاف عقابه ويرجو رحمته وثوابه فهذه أركانه الثلاثة التي لا تقوم إلا بها .
فقد جاء الإسلام من اجل محاربة الرق وتضيق الخناق علي مداخله وموارده كالبيع والمقامرة والنهب والسطو ووفاء الدين والقرصنة فالغي جميع هذه المداخل ولم يبقي إلا مدخلا واحد وهو الجهاد في سبيل الله إذ لا استرقاق إلا في حرب شرعية مباحة أي بين أصحاب ملة علي الحق وأخري علي الباطل إذ لا يجوز للمسلم أن يعبد أخاء السلم ولو في حرب بينهما بل يجب مقاتلة الطائفة التي علي الباطل حتى تفيئا لي أمر الله فقد ظل الإسلام يحارب العبودية مثل ما حرب كل الكبائر والمحرمات من مخلفات الإرث الجاهلي النذيل مثل الخمر والربا والمسير إلي أن قضي عليها خارج وداخل المجتمع المسلم بل حتى أوليك الذين جاء الإسلام وهم عبيد فبدأ يحث علي تحريهم تدريجيا حتى قضي عليها ولم يشع في المجتمع الإسلامي قط أن مسلما حارب مسلم ثم تخذه عبدا له وإنما وجدهم عبيدا واشترهم وحرروهم وقد رغب الشرع في ذالك من خلال آيات قرآنية كثيرة مثل قوله تعالي" وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً " ويجمع جمهور المفسرين من العلماء علي أن كلمة ملك اليمن وردت في بعض سياقها في الرقيق الجديد العهد بالإسلام مستدلين بقوله تعالي" وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ" ، وهذا رأي جمهور أيمة الفقه وأهل النظر إذ يرون أن المحصنات هن الحرائر في أعراضهن غير مملوكات أما الأخريات فهن مملوكات لكنهم جميعا مؤمنات وملك اليمن يعني أن يتصرف الشخص من إرادة الآخر لا من إرادة نفسه ويقول بعض الايمة أن الزوجة ملك يمين لعدم تصرفها في ملكها إلا بإذن زوجها وموافقته ولا يعني ذالك أنها عبدة أو رقيقة له مع إن الزواج من الرقيق من أهم أسباب العتق لقوله صلي عليه وسلم" ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، والعبد المملوك إذا أدى حقَّ الله وحقَّ مواليه، ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران ) "رواه البخاري ومسلم" ونجد الإسلام بدأ في مسعى تدرجي بغية محاصرة العبودية حسب مراحل تاريخية من خلال تعامله معها إبان البعثة النبوية الشريفة وسنتناول الموضوع من خلال ثلاث محاور أساسية:
1 – العبودية في ما قبل الإسلام وموقف الشرع منها؟
2 – العبودية في الإسلام فهل الإسلام اقر بها علي غرار غيرها من مدنسات الإرث الجاهلي؟
3- العبودية ما بعد الإسلام وهل للعبودية من أصل في الدين الإسلامي؟
هذا ما سنتاوله في بحثا المتواضع حول مشكل العبودية في الإسلام "موريتانيا نموذجا" من خلال ثلاثة أجزاء محورية:
- المحور الأول مدخل إلي مفهوم العبودية والرق في الإسلام
- المحور الثاني فهل للعبودية في موريتانيا من تأصيل شرعي
- المحور الثالث موقف السلطات والفقهاء والعلماء في موريتانيا من العبودية
............ يتواصل بإذن الله............
أ: محمد ورزك محمود الرازكه/ فلسفة وعلم اجتماع