لا يخفى على الجميع واقع موريتانيا منذ القدم وحتى الآن واقعا استمر في الغيوم المظلمة بعيدا عن الانفتاح على العالم المتحضر، فيا ترى ما الأسباب في ذلك؟ هل الجهل، أم التعصب للموروث الثقافي القائم آنذاك ؟ أم بسبب الحكومات المتعاقبة؟ أم بسبب جهات خارجية لا تريد للمجتمع الموريتاني ان يرى النور؟
هذا المجتمع المكون من مجموعة من الفئات الطبقية الناتجة عن الهيمنة السائدة التي اسفرت عن هذه التعددية حتى يومنا هذا، ونجمت عنها فوارق إجتماعية شاسعة هي السبب الحقيقي في الهوة المنتشرة الآن الواقفة أمام الوحدة الوطنية
إن الظلم ظلمات يوم القيامة، هذه الظلمات التي بين الله تبارك وتعالى أنها ستخيم في اليوم الموعود على الظالم إن دلت على شيء فإنما تدل على أهمية العدل ,فالعدل أساس الملك، أين العدل وبعض الطبقات مغيبة عن الحياة الاجتماعية الكريمة، وأين العدل في ظل العنصرية حينما يكون المرء في وطنه يحس بأنه غريب، وأين العدل عندما يحس أبناء الطبقات لمهمشة بعدم توفير التعليم الجيد لهم، وأين العدل عندما تكون المناصب محتكرة على الطبقات الرأس مالية وطبقة النبلاء أما الطبقات الأخرى فمتروك لها الأعمال الأخرى هذا البعض من الكل وإذا أردنا استطراده لاتكفينا الأوراق والحبر.
فالدولة الموريتانية شأنها شأن العديد من الدول العربية والإفريقية لم تولد ولادة طبيعية، وإنما ولدت ولادة قيصرية بفعل إرادة الاستعمار الفرنسي، ووفقا لمصالحه الخاصة واستراتيجياته في القارة الإفريقية، وفي ظل ظروف خاصة بالنسبة للموريتانيين، اتسمت بتشتت أهوائهم وتباين كبير في مواقفهم من المولود الجديد، ورفض من محيطها الإقليمي، خاصة من جوارها في الشمال، الذي يشكل العمق الطبيعي والإستراتيجي لها.
وقد لعبت هذه العوامل مع غياب الموروث التاريخي في مجال السلطة وهياكلها الناظمة، ثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وانعدام البنية التحتية في كافة المجالات بشكل شبه كامل، دورا مؤثرا جعل ميلاد دولة وطنية مستقلة عن مستعمر الأمس، خطوة غير مرتبة من أبناء الوطن، لأنهم غير مهيئين لتحمل مسؤولياتهم في إدارتها، ولا يمتلكون التصورات اللازمة لقيادتها، وغير قادرين طبعا على تجنيبها المطبات والأخطاء القاتلة التي انحدرت فيها خلال العقود الماضية، لأنه من غير المنطقي أن نطلب من أبناء شعب كان يعيش حياة بداوة ظاعنة وفي محيط صحراوي شحيح الموارد، ولم يخضع لسلطة مركزية ولم يعرف سوى سلطة القبيلة القائمة على العصبية والولاء الأعمى، أن ينجحوا في بناء دولة وطنية عصرية مستقرة تقوم على أسس قوية ومتينة .
عانت موريتانيا منذ قيامها وإلى اليوم من عديد الأزمات التي كادت كل منها أن تهدد كيانها، بدأ من أزمة الهوية التي فجرت الأحداث العرقية في العام 1966 وأدت إلى تصدع بالغ في النسيج الاجتماعي الوطني ، مرورا بحرب الصحراء 1975 التي تورطت فيها البلاد وفتحت الباب لتحكم الجيش في مجال السلطة وإدارة الدولة، مما أدخل البلاد في حالة مزمنة من عدم الاستقرار السياسي . ولم تكن أحداث 1989 الأليمة اقل خطرا من الأزمات السابقة ، حيث شكلت بتداعياتها المستمرة سياسيا واجتماعيا ونفسيا، حلقة أخرى من حلقات مسلسل الأزمات المتتالية .
وما الأزمة الحالية إلا انفجارا لمسار التاريخ السياسي الموريتاني المتعثر، ونتيجة لتلك الأخطاء المتراكمة التي واكبت نشأة وتطور الدولة الموريتانية . ولعل خطورة هذه الأزمة تكمن في أنها تهدد موريتانيا بانفجار خطير لوضعها الداخلي الهش وتنذر بتدخل خارجي سافر .
هذه الأزمة تدفع الدارس إلى طرح أسئلة من نوع هل الأزمة هي أزمة نظام ؟ام هي أزمة سلطة ، وهل أن الانقسام الحاد للنخبة السياسية هو انقسام يتأسس على منطق المصالح العامة للبلاد وطبيعة توزيع الأدوار بين الفاعلين فيها، أم يتأسس على منطق المصالح الضيقة والمنافع الشخصية؟ ، بتعبير آخر هل لنا أن نجعل من النظام الديمقراطي وآلياته حكما وفيصلا بين مختلف الفرقاء السياسيين وقبول مقتضيات اللعبة الديمقراطية؟ أم لنا أن نبحث عن صيغة تحكمية أخرى قد لا نصل إلى التوافق على وسائلها وحتى مضامينها بالسرعة المطلوبة .
من هذا المنطلق تتجسد الوضعية الحالية التى تمثلت في ظهور مجموعات من المكونة الشعبية تطالب بحقوقها منفردة عن مفهوم الدولة الواحدة وهذا بسبب عدم إشراك الطبقات الاخرى في صنع القرار المحتكر على فئة البيظان فقط الذين يرون انهم هم العقول المدبرة فقط لا غير، وهذا المفهوم مفهوم ضيق ناتج عن قلة وعي لتطور الحياة عبر الزمن وهذا ماصرحنا به آنفا
من هذه الاسباب ظهرت حركة الحراك للمعلمين وحركة الحراطين المتعدد وميثاق السوانك وولف وميثاق لحراطين الواعي على مستجدات الحياة الاجتماعية لكل الفيئات المكونة للشعب الموريتاني بدون تمييز، ولكن النظام الحالى مازال مسايرا لسابقيه في الافكار الرجعية ويرى الناشط محمد محمود ولد احمد ان النظام الحالي من اسوء الانظمة المتعاقبة على الدولة الموريتانية
من هذا المنطلق فقد اشغل هذا الواقع كاهلي وهو واقع آدواب المزرى في مقاطعة آفطوط ’ الذي مازال حتى الان يعاني من رواسب العبودية بمفهومها الحديث وهذا المفهوم يتمثل في إستغلالهم من طرف النظام الاستعبادي الذي ما زال يكرس في العقول سياسة التبعية هذه التبعية التي تجسد العبودية في ثوبها الجديد ناهيك عن المعانات التي يعاني منها سكان هذه المناطق بسبب قلة المأ هلات التي تجعل الساكنة يعيشون عيشا كريما في قريتهم وكذا ما يعاني منه شباب هذه القرى من تهميش وعدم توفير فرص عمل لهم بعد تخرجهم من مشوارهم الطويل في الدراسة، هذا يتجسد في كون النظام يقصي كل من يرى بأنه يناضل عن قضية من قضايا فئته المهمشة ومن الغريب ان هذا لاينطبق على فئة البيظان الذين قسموا ثروات الدولة ومناصبها على رموز القبائل المنسوبة للبيظان
واي حوار لايتكلم عن هذه القضايا يعتبر حوار يجسد مفهوم تراكم القضايا وعدم الرعية الواضحة في افصاح عن مستقبل واضح، اي قرار لايمتص هذه القضايا يعتبر اصحابه من مسببى اثارة الشغب والمشاكل.
بقلم/محمد محمود ولد احمد العمدة المساعد دقفك لباركيول