الحراطین بین المرحلة الحیوانية و المرحلة الإنسانية"عبدات ولد محمد"

خميس, 2015-03-05 14:41

بدأ المجتمع الحرطاني في الإنتقال من مرحلة إلی أخری مع بداية تشکل موريتانيا الدولة الحديثة و بالتحديد في الثلث الأول من القرن العشرين؛ حيث بدأت الهمسات الأولی للنضال. لقد کان لتشکل تجمعات الحراطين المعروفة ب: :(آدوابة( بشکل إنفرادي عن التجمعات المختلطة الأصلية التي تدار بصفة مطلقة من شيوخ العشائر و أعيانها و التي يعتبر الحرطاني فيها سقط متاع؛ أثر کبير في خلق الشخصية الحرطانية و بداية الإنتقال بها من مرحلة )الحيوانية( إلی مرحلة الإنسانية . فقد کانت هذه التجمعات تحمي کل من دخل فيها هاربا من نير العبودية ؛ کما حاول البعض منها قطع علاقته بالقبيلة أيام المستعمر الفرنسي حيث أصبحوا يدفعون العشر مستقلين عن شيخ العشيرة مما کان له أثر کبير في التحرر و الإنعتاق. وفي مثل هذا 05/03/1978 تأسست "حرکة الحر"النواة الأولی للنضال علی توطید و توسیع ذلک الإنتقال الذي قبله لم یکن وضع أکبر مکونة في البلاد یختلف عن الوضع الحیواني ، حیث کانت تباع و تستباح نسائها و أعراضها و أموالهما من طرف مکونة خرجت علی الدين و القیم و الأخلاق و المبادئ الإنسانية و هي مکونة "البظان" مدعومة بسلطة و حکم منبثق عنها. و قد نجحت "الحر" في مسعاها ذلک بعد أن کان برنامجها عند التأسيس هو أن ينتقل الحرطان من الوضعية الحوانية إلی الوضعية الإنسانية ؛ و يمکن القول أنها نجحت تقريبا بشکل کامل في ذلک المسعی؛ رغم مؤامرات و دسائس النظام الثلاثي و المتمثل في (المؤسسة المدينة؛ و شيوخ العشائر؛ و السلطة العسکرية) تجاه الحرکة. لقد عامل الثلاثي مکونة الحراطين کالبهائم ؛ فقد کانت الحرطانية تمنع من الزواج حفاظا لنزوات المستغل و أبنائه الحيوانية حتی ولو تقدم لها من يريد الزواج بها من المسترقين فإنها تمنع منه و تارة يقتل إن کان مسترقه أقل شأنا من مسترق المسترقة؛ و حتی إن کانت المسرقة لا تستهوي نزوات المسترقين لها فإنهم يرسلونها مع المسرقين للرعي أو يبيتونها مع أحدهم من أجل تحصيل أبناء للإسترقاق و دون وجه إنساني؛ نفس الشيئ کان يحدث مع المسترق المعبد و الذي کان يقتل غالبا إذا ماتقدم لخطبة مسترقة تستهوي أسيادها. و من الغريب أن کل هذا يحدث علی مرآی و مسمع من المؤسسة المدينة و المحسوبة علی الإسلام دون ناکر لتلک التصرفات الشيطانية ؛ أو شاجب لها أما السلطات الحاکمة فهي ليست معنية لتلک التصرفات لأنها من صلاحيات شيوخ العشائر و الذین یرون أن الحرطاني لا یعدوا کونه سلعة للقبیلة و أبناءها یفعلون به ما یشاؤون. و قد وضعت "الحر" المؤسسة المدينة أمام أمر الواقع مما جرها لإستصدار فتوی بإجماع علماء و فقهاء المرحلة ؛ و رغم أنها شرعت الرق في البلاد إلا أنها إعتبرت أصوله غير شرعية و بالتالي تضع الثلاثي بممارسته في تصرف منافي للإسلام و الإخلاق. ووقتها بدأ النظام الثلاثي المتربع علی مقالید البلد یستشعر الخطر علی مصالحه المزیفة فبدأ بإغراء و إقواء ذوي الحاجة و أصحاب الفاقة من المناضلین مما جعل الکثیر منهم یتخلی و يخون الذین قدموا دمائهم الزکية لخدمة الحضية و نذکر منهم مثالا لا الحصر الحمال "محمود سعید" الذي کان حمالا في میناء أنواکشوط و استلم مشعل القیادة في وقت حرج و صعب من تاریخ النضال لتغتاله أیدي الغدر و الخیانة ؛ و کذلک أول دکتور في البلاد سید و لد جابر الذي کان العقل النابض في فترة حمله للمشعل و بنفس الطریقة الهمجية و الوحشیة تمت تصفيته خارج الوطن بأیادي السوء و المکر. ولما بدأ النظام الرجعي في تصفية القیادات و المناضلین و التنکیل و التعذیب مقابل الإغراء و الترغیب إختار ضعفاء المبادئ و أصحاب الفاقة التخلي عن النضال و العبور للضفة الأخری ، حیث إستخدمهم و مازال یستخدمهم النظام الرجعي بیادق للتنکر للدماء الزکیة التي راحت ولنهجها و الدعوة للوحدة الوطنية تلک الوحدة التي يخلد من بقي علی العهد للذين راحوا هذا العام تحت معوقتها في فندق الخاطر ابتداءا من الساعة الرابعة عصرا بحول الله ‏