إلي سجناء ايرا:بقلم/محمد بابا عضو المجلس التنفيذي لحركة ايرا

خميس, 2015-01-01 21:40

بيرام الداه عبيد ، ابراهيم ولد بلال ، الداه ولد بوسحاب ، عابدين ولد معطلله ... هي أسماء وألقاب تذكر بمعانات أدواب (قري العبيد والعبيد السابقين) ، والتجمعات ، و أحواض الآبار ، وساعات الحليب ، وأسواق الماشية . و في المدينة تذكر بمعانات غاسل الثياب ، الجزارين و البنائين ،  و عمال الموانئ . اليوم، هذه الأسماء تتصدر قوائم سجناء الرأي، وأصحاب هذه الاسماء يتواجدون في أقفاص السجون أمام محاكم أكبر المدن في موريتانيا أو تنتشر على إفتتاحيات الصحف وسائل الإعلام الوطنية والدولية. البعض منهم يرون أنفسهم سببا في الولوج الي المحافل الدولية المرموقة مقارنة شأنهم شأن المناضلين في هذا العالم وينافسون بذلك أكثر الرموز الأيقونية  في عصرنا لإيجاد مكانة لهم . 

هذا هو الجيل الجديد من لحراطين الصامد والمقدام الذي قرر بحزم  استرجاع كرامته دون الاعتماد على أي شخص ودون تسول ودون انتظار دولة القانون الوهمية . هذا الجيل هو بديل مسعود و ولد مسعود مجتمعين. وهو الذي ابتكر أشكال جديدة من النضال مع كفاءة نادرة. ولكنها دائما سلمية و محترمة للشرعية . لقد خلقت هذه المجموعة الجديدة من المناضلين لنفسها إطارا باسم ايرا والذي يستحضر في اختصاره المعارك البعيدة  للحركة الايرلندية التي تحمل نفس الاسم . 
لا احد اليوم في موريتانيا يمكنه ان يقول انه غير مبال لنضال ايرا . كلهم اليوم يتحدث عن نضال ايرا علي منابر البرلمان و منابر المساجد التي توجد في ربوع الوطن مرورا بحافلات النقل الحضري و سيارات الأجرة ، وعلي المستوي الدولي بدأت الدول من خلال سفاراتها التحدث عن مصير بيرام ورفاقه المسجونين . لقد انضممت انا و احمد عمو ولد المصطفي الي ايرا منذ سنتين بعد المحرقة المجيدة لبعض الكتب الفقهية الممجدة للعبودية . ولقد أثار هذا القرار الكثير من النقد وسوء الفهم . قيل أننا بيضان يستغلهم بيرام ، و قيل إننا ندعم العنصرية التي هي خطر علي تماسك الأمة ، و كانت هذه اخف الألقاب  التي وصمنا بها .

 اليوم لو تكررت الفرصة لما ترددنا ولو للحظة. هدفنا ليس نزع  الشيطنة عن ايرا و رئيسها او جلب  بيضان آخرين لها. نحن لا نمثل البيضان . بل نعتبر أنفسنا أكثر من ذلك ، مناضلين من اجل حقوق الإنسان و محبين للعدالة ونعتقد ان النضال من اجل المساواة هي واجب علي الجميع . وبالنسبة لنا الذين يرفضون الانضمام إلي معركة ايرا وينظمون معركتهم الخاصة  ضد العبودية ليسوا صادقين في مكافحة هذه الآفة . أولئك الذين يكتفون بالتلويح بالراية الحمراء من مخاطر الحرب الأهلية في كل مرة اتهم فيها البيضان  أنهم استعباديون هم الذين يبحثون عن ذريعة لكي لا يبذلوا جهدا في القضية . الكثير منهم يتهمون ايرا بأنها تتهمهم عندما يتم الحديث عن العبودية . نحن الآن ننتظر انضمامهم لايرا خاصة عندما دعي بيرام في خطاباته الأخيرة ، كما فعل في مناسبات أخري ، أن العبودية موجودة في المجتمع السوننكي .كما ان الذين يتهمون ايرا بممارس السياسة  ليسوا واضحين . كيف يمكن الفصل بين النضال من اجل حقوق الإنسان وإنشاء قوانين تحكم نفس الحقوق ؟

اليوم وبعد أن تمكن ايرا من تغيير العقليات حول العبودية المنزلية والنسب و بعد ان أجبرت السلطة علي الاعتراف بوجود العبودية في موريتانيا من خلال إنشاء محكمة مختصة ، ووكالة متخصصة في مكافحة مخلفات العبودية ،كما نقلت ايرا نضالها إلي ولوج الأرقاء و الأرقاء السابقين إلي الملكية العقارية . وبعد قافلة العبيد من اجل الحرية التي جالت البلاد طولا وعرضا السنة الماضية ، ها هو اليوم الدور علي قافلة القضاء علي العبودية العقارية التي ستمكن مئات الآلاف من المزارعين من الاستفاقة من سباتهم الذي ينقل من جيل إلي جيل وعبء حرث الأراضي التي يتوارثها آخرون ولهم حق ملكيتها و حق جني حصادها . هذه هي الحلقة المفقودة لقانون تجريم الرق وممارسات الرق . لا يمكن ان يكون القضاء علي العبودية فعليا إلا بإلغاء الإقطاعية البربرية القبلية للأراضي الزراعية و التجسيد الفعلي و المعقلن للإصلاح الزراعي يرتكز علي الولوج الكامل للعبيد والعبيد السابقين إلي الملكية العقارية . وبعد إطلاق هذا المحور الجديد من نضال ايرا تم القبض علي نشطاءها المناهضين للعبودية الذين تم تعذيبهم و استجوابهم لمدة ثلاثة أيام حول اتهامات خيالية أمام محكمة روصو، كما تم تعريضهم لعقوبات قد تكون بالسجن  ما بين ثلاثة إلي خمس سنوات

نحن نفكر فيهم خاصة أن عشية المحاكمة ، توغل كوماندوزملثم من الحرس الوطني "الباسل" يتكون من ثلاثين رجلا في زنزاناتهم لحملهم علي الخروج في الفناء علي أساس أن أوامر صدرت لهم لإجراء بحث دقيق للسجن . في تلك الليلة بيرام ولد اعبيدي ، ابراهيم ولد بلال ، داه ولد بوسحاب و عابدين ولد معطلله وعشرة ناشطين آخرين والذين كان من المفترض ان يمثلوا في اليوم التالي أمام القاضي أرغموا علي السهر حتي الساعة الرابعة ليلا لحضور جلسة التعذيب التي تعرض لها سجناء الحق العام الذين يتقاسمون معهم نفس السجن بروصو وكانت تلك العملية  تهدف إلي تخويف و ترهيب وإضعاف معنويات الحقوقيين . وقد برهن المناضلون عند بداية المحاكمة من خلال صمودهم وثقتهم بأنفسهم أنهم قادرون علي إفشال لعبتهم المثيرة للشفقة.

نحن واثقون من ان هذه المرحلة الجديدة من النضال لايرا سيتتوج بتقدم كبيرومعتبر . ربما تنشأ غدا وكالة وطنية للإصلاح العقاري . ربما حتي صندوق زراعي للولوج إلي الملكية العقارية . كما يمكن إدراج عقوبات في قانون تجريم العبودية بهدف تكريس حق الملكية العقارية. و لكي تكون تلك الإجراءات إحقاق حق للحراطين الذين سحقوا وتعرضوا طيلة قرون إلي الوحشية و الاستعباد العقلي و أنهم ولدوا مع هذه الحقوق وإنهم قادرون على الحصول علي تطبيقها واحترامها .

إلي مناضلي ايرا الذين يقبعون في سجون روصو أوألائك  الذين يحاول إسكاتهم  و نسيانهم في مفوضيات نواكشوط ، أقول لهم إنني ارفع لكم القبعة و أحييكم . اتركوهم يوجهون اتهاماتهم التي لا نهاية لها ، مثل زعمهم بتلقيكم أموالا من الخارج ، أوانكم تتآمرون مع الكيان الصهيوني ضد بلدكم موريتانيا . يكفي لنفي مثل هذه الاتهامات دعوتهم لزيارتكم ، أو لمشاركتكم يوما من حياتكم في حي بي كا عشرة . اتركوهم يقولون، هذا أفضل ما لديهم للقيام به.        

محمد بابا
عضو المجلس التنفيذي لحركة ايرا