هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ

ثلاثاء, 2017-02-07 12:31

هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ، وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل ومحمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

 أما بعد فإننا نحن جماعةَ العلماء في شنقيط  حراس الشريعة خلفاءَ الله في أرضه رسلَ الرسل صلة َ بينِ الله وعباده ملجأَ عباد الله تعالى عندما تلتبس عليهم أمورُ دينهم ترجمانَهم عن الله سبحانه وتعالى نُترجم لهم عن الله سبحانه وتعالى كلمةً مختصرة ًعن الردة ، كلمة ً تدخل  كل بيتٍ مسلمٍ لتبيّن لأهله أن هناك خطوطاً حمراءَ لا يُمكن للمسلم أن يتجاوزها وهو مسلم، كلمة ً تُحصِّن كلَّ ضعيفِ لم يُحصِّنه أبَوَاه ُبما حُصّن به أبناءُ الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، كلمة ً تحصن من لم يحصنه أبواه من عواصف ريح سُموم ملاحدة مسخرة ٍ من داخل المنزل ومن داخل الجيب عبر الفيسبوك والإنترنت والقنوات ملاحدة تستهزيء بالله وآياته ورسله ملاحدة من بني جلدتنا قد تناولت راية الدانمرك بعد ما أسقطها علماء المسلمين وعامتهم فدَسُّوا فينا مستهزئين مَكْرًا منهم لعلهم يجدون مكانا بيننا لم يكن حُلّ من قبلُ من قِبَلهم هُمْ فهم من بني جلدتنا ويتكلمون بلغتنا ويتزيون بزينا:

 

وكيفَ يأمَنُ رِعيانٌ وإن جَهِدوا    إذا تَرَدّى ثيابَ الشّاءِ سِرْحانُ

 

فأدركوا بعض ماتمنوا - وما كل ما يتمنى المرء يدركه - فصار بيننا من يحتضنهم وينتصر لهم حمية ً ليس إلا وكأنهم - وهم ولله الحمد مسلمون على ملة إبراهيم - لم يسمعوا قول الله تعالى في سورة الممتحنة الممتحنة : قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ  [الممتحنة : 4] 

 

 

والكلام في هذه الكلمة المختصرة على الردة  من ثلاثة وجوه:

1: حدُّها أي تعريفها وتفسيرها

 2 بما ذا تثبت الردة

3 ما هو حكم المرتد

أما تفسيرها  فالردة كفر المسلم  المتقرر إسلامه بالنطق بالشهادتين مختارا ويكون بأحد أمور ثلاثة: 

 1 بصريح  من القول: كقوله: إنه يشرك أو يكفر بالله نعوذ بالله.

  2 بقول  يقتضي الكفر: كجحده حكما علم من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة وحرمة الزنا.

3 بفعل يتضمن الكفر ويستلزمه استلزاما بينا  كإلقاء مصحف بقذر  ولو طاهرا كبصاق أو تلطيخه به والمراد بالمصحف ما فيه قرآن ولو كلمة ، ومثل ذلك تركه به أي عدم رفعه إن وجده به ومثل القرآن أسماء الله وأسماء الأنبياء ، وكتب الحديث وكذلك حرق المصحف وما ذكر معه إن كان على وجه الاستخفاف ، وأما إن كان على وجه صيانته فلا ضرر بل ربما وجب وكذا كتب الفقه إن كان على وجه الاستخفاف بالشريعة وإلا فلا، ومن الأفعال التي تقتضي الكفر  لباس ملبوس الكفار الخاص  بهم إذا لبسه حبا في الكفر وميلا لأهله وأما إن لبسه لعبا فحرام وليس بكفر.

ومن الأقوال التي تقتضي الكفر: أن يقول قائل إنه كلَّم الله سبحانه وتعالى أو جالسه أو يقول : إنه قادته رحلته إلى مكان جنوب عرش الرحمن.

 ومن الأقوال التي تقتضي الكفر:  الاستخفاف بنبي مجمع على نبوته بعيب في دينه أو بدنه أو غير ذلك من احتقار كلعن ومعاداة وكقوله: يتيم أبي طالب أو يتيم بني هاشم.

  ولا يلزم من اتصاف أحدهم بشيء جوازُ وصفه به.

 ومن الأقوال التي تقتضي الكفر:  أن يقول قائل - وقد خرج من ديار الإسلام - : إنه (( يغتسل من أديم الأرض الإبراهيمية المُرْتَويّة بدم الأضاحي البشرية والحيوانية بفعل نكتة سمِجَة[1] بين ملكوت الأعالي وشيخ ختن لتوه قضيبه بقدوم تلبية لنداء سماء حران[2] وهو في خريفه الثمانيني[3] (العهدة هنا على البخاري وسنده ابن عباس[4])  إنه سليل آزر نخاس أوثان  مابين النهرين صاحب التوبة[5] )). إلى غير ذلك مما مداره على الاستخفاف والاستهزاء بالله وآياته ورسله نعوذ بالله تعالى.

تلخيص للردة أعاذنا الله تعالى منها:

الردة تكون بأحد ثلاثة:

1:ما نفس اعتقاده كفر كعدم الخالق وجحد النبوءة

2: ما لا يقع من مؤمن

3:إنكار ما  علم من الدين ضرورة لتكذيبه الشارع.

 

بماذا تثبت الردة:

وأما إثباتها  فإنها تثبت بأحد أمرين:

1: الإقرار

2: شهادة عدلين

 قال الإمام ابن القطان: ((وأجمع أهل العلم أن شهادة شاهدين يجب قبولها على الارتداد ويقتل المرتد بشهادتهما[6].))

 

وقال الإمام ابن المنذر: ((وأجمع أهل العلم على أن شهادة شاهدين يجب قبولها على الارتداد ويقتل المرتد بشهادتهما إن لم يرجع إلى الإسلام. وانفرد الحسن فقال لا يقبل في القتل إلا شهادة أربعة.[7])) 

 

ماحكم المرتد؟

 

وأما حكم المرتد فالقتل إجماعا والاستتابة على تفصيل في الاستتابة:

قال الإمام ابن القطان:((  ذكر أحكام الارتداد:

الإشراف:

 

وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:من رجع عن دينه فاقتلوه ولا تعذبوا بعذاب الله[8]. وأجمع عوام أهل العلم على أن على من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بدل دينه فاقتلوه.

 

دخل في ظاهر قوله هذا الأحرار والعبيد والرجال والنساء وبه قال جمهور الفقهاء ولا أحفظ فيه خلافا.

 

النوادر: وأجمع الصحابة أن المرتدين وغيرَهم في آية المحاربة سواءٌ في وجوب الحكم بها عليهم.

 

الاستذكار: وقوله صلى الله عليه وسلم: من غير دينه فاضربوا عنقه عنى بذلك تغيير دين الإسلام ولم يعن فيما نرى من خرج من اليهودية إلى النصرانية ولا من النصرانية إلى اليهودية. وعلى هذا جماعة العلماء.)) انتهى كلام الإمام ابن القطان[9].

 

وقال الإمام ابن المنذر: وأجمعوا على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم أن له القتل .انتهى[10]  

 

وروى البخاري (4037)  ومسلم (4665) عن جابر بن عبد الله  رضي الله عنهما - : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله قال نعم)).

 

وروى البخاري في صحيحه(4039) عن البراء ابن عازب رضي الله عنهما قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار فأمَّر عليهم عبد الله بن عتيك ، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُعِين عليه ، وكان في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم فقال عبد الله لأصحابه اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل فأقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب فدخلت فكَمَنْت فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق[11] على وَد قال فقمت إلى الأقاليد[12] فأخذتها ففتحت الباب ، وكان أبو رافع يُسمر عنده ، وكان في علالي[13] له فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتحت بابا أغلقت عليّ من داخل قلت إنِ القومُ نذِروا بي[14] لم يخلصوا إلي حتى أقتله فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت فقلت أبا رافع قال من هذا فأهويت نحو الصوت فأضربه[15] ضربة بالسيف وأنا دهِش فما أغنيت شيئا وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت ما هذا الصوت يا أبا رافع فقال لأمك الويل إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف قال : فأضربُه ضربة أثخنته ولم أقتله ثم وضعت ظبة السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلته فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت : لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال : أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء فقد قتل الله أبا رافع فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال ابسط رجلك فبسطت رجلي فمسحها فكأنها لم أشتكها قط.

 

وروى أبو داود في باب الْحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم: عن ابن عباس أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبى - صلى الله عليه وسلم- وتقع فيه فينهاها فلا تنتهى ويزجرها فلا تنزجر - قال - فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع فى النبى -صلى الله عليه وسلم- وتشتمه فأخذ المِغْوَل[16] فوضعه فى بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم فلما أصبح ذُكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فجمع الناس فقال « أُنشُد اللهُ رجلا فعل ما فعل، لي عليه حق إلا قام ». فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها ابنان مثلُ اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة فلما كانت البارحة جعلتْ تشتُمك وتقع فيك فأخذت المِغْول فوضعته فى بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها. فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- « ألا اشهدوا أن دمها هدر ». ورواه الحاكم – في باب الحدود - مختصرا وقال صحيح على شرط مسلم. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.

 

 ومذهب مالك أن المرتد يستتاب – أي تطلب منه التوبة ثلاثة َأيام  فإن تاب وإلا قتل هذا إذاكان لم يكفر بسبب سب نبي أو ملك فسابُّ النبي والملك يقتل ولا يستتاب  وأما سابه تعالى فالأصح في المذهب استتابته قال الشيخ خليل في باب الردة: وإن سب نبيا أو ملكا أو عرّض أو لعنه أو عابه أو قذفه أو استخف بحقه أو غيّر صفته أو ألحق به نقصا وإن في بدنه أو خصْلته أو غَضّ من مرتبته أو وُفور علمه أو زهده أو أضاف له ما لا يجوز عليه أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو قيل له بحق رسول الله فلعن وقال: أردت العقرب قتل ولم يستتب حدا. قال المواق شارحا كلام الشيخ خليل: عياض:

 

من أضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم الكذب فيما بلغه أو أخبر به أو سبه أو استخف به أو بأحد من الأنبياء أو أزرى عليهم أو آذاهم فهو كافر بإجماع.انتهى[17] وقال الحطاب: (وإن سب نبيا إلى قوله ولم يستتب حدا): قال في الشفاء: ولا تقبل توبته سواء ظُهر عليه أو جاء تائبا، وقول المصنف: "حدا" يعني به أن السب ليس بردة قال في الشفاء: وهذا إنما هو مع إنكاره لما شُهد عليه به أو مع إظهاره التوبة والإقلاع عنه. قال: وأما من علم أنه سبه مستحلا له فلا شك في كفره وكذلك إن كان سبه في نفسه كفرا كتكذيبه أو تكفيره وكذلك من لم يُظهر التوبة واعترف بما شهد به عليه وصمم فهذا كافر بقوله، وباستحلاله هتك حرمة الله وحرمة نبيه قتل كفرا بلا خلاف. انتهى. ثم قال: لمّا قرَّر أن ميراث السابِّ لورثته: إن ذلك فيمن أنكر ما شُهد عليه به أو اعترف به وأظهر التوبة. قال: وأما لو أقرَّ به وتمادى على السبّ كان كافرا وميراثه للمسلمين ولا يغسّل ولا يصلى عليه ولا يكفن وتستر عورته ويوارى كما يفعل بالكفار انتهى. كلام الحطاب. [18]

 

بل حكموا بأن من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل ولو ظهر دليلٌ على أنه لم يرد ذمه قال الشيخ خليل: مبالِغًا في قوله إنه يقتل: (( وإن ظهر أنه لم يرد ذمه لجهل أو سكر أو تهور )) قال المواق: عياض : إن كان القائل لِمَا قاله في جهته عليه الصلاة والسلام غيرَ قاصد السّب والازدراء ولا معتقدا له ولكنه تكلم في حقه عليه الصلاة والسلام بكلمة الكفر من لعنه أو سبه أو تكذيبه وظهر بدليلِ حاله أنه لم يتعمد ذمّه ولم يقصد سبه إما بجهالة حمَلَتْه على ما قاله أو ضجَر أو سكر اضطره إليه أو قلة مراقبة أو ضبط للسانه وعجرفة وتهوُّر في كلامه ، فحكم هذا الوجه حكم الأول دون تلعثم. انتهى[19].

 

قال ابن جزي: ((أما المرتد فهو المكلف الذي يرجع عن الإسلام طوعا إما بالتصريح بالكفر وإما بلفظ يقتضيه أو بفعل يتضمنه ويجب أن يستتاب ويمهل ثلاثة وقال الشافعي في أحد قوليه يستتاب في الحال وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يستتاب شهرا وقال سفيان الثوري أبدا فإن تاب قبلت توبته وإن لم يتب وجب عليه القتل ولا يرثه ورثته من المسلمين ولا من الكفار بل يكون ماله فيئا للمسلمين إلا أن يكون عبدا فماله لسيده وإذا ارتدت المرأة فحكمها كالرجل وقال علي بن أبي طالب تسترق وقال أبو حنيفة إن كانت حرة حبست حتى تسلم وإن كانت أمة أجبرها سيدها على الإسلام  وقال أيضا: وأما من سب الله تعالى  أو النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أحدا من الملائكة أو الأنبياء فإن كان مسلما قتل إتفاقا واختلف هل يستتاب أم لا فعلى القول بالإستتابة تسقط عنه العقوبة إذا تاب وفاقا لهما[20] وعلى عدم الإستتابة وهو المشهور لا تسقط عنه بالتوبة كالحدود وأما ميراثه إذا قتل فإن كان يظهر السب فلا يرثه ورثته وميراثه للمسلمين وإن كان منكرا للشهادة عليه فماله لورثته وإن كان كافرا فإن كان سب بغير ما به كفر فعليه القتل وإلا فلا قتل عليه وإذا وجب عليه القتل فأسلم فاختلف هل يقبل منه أم لا ومن سب أحدا ممن اختلف في نبوته كذي القرنين أو في كونه من الملائكة لم يقتل وأدب أدبا وجيعا وأما من سب أحدا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أزواجه أو أهل بيته فلا قتل عليه ولكن يؤدب بالضرب الموجع ويكرر ضربه ويطال سجنه.انتهى كلام ابن جزي.[21]

 

وقال الإمام ابن القطان:النوادر: ولا أعلم خلافا بين الصحابة في استتابة المرتد.

النير:وإذا ارتد المسلم ولحق بدار الحرب وراجع الإسلام قبلت توبته وكذلك الزنديق، ولا أعلم بين الناس في ذلك خلافا.انتهى بحذف.[22]

إذا تقرر هذا وصار المسلم على بصيرة من أمره فإننا نختم بثلاث رسائل:

 

الرسالة الأولى موجهة للمرتدين ولا نعيّن أحدا ولانكفر أحدا مالم  يُقرّ بالكفر أو يثبت عليه بشاهدي عدل يفصلان الشهادة في الكفر فلا نكتفي بقول الشاهد إنه كفر بل لا بد من أن يبيٍّن ما كفر به بيانا واضحا لا إجمال فيه بأن يقول كفر بقوله كذا أو فعله كذا ، لاحتمال أن يكون الشاهد يعتقد أن ما وقع منه كفر وهو في الواقع ليس كذلك، ولا نتشوف لكفر أحد ولانرضى لأحد الكفر فلا نحمل كلمة من مسلم على الشر ونحن نرى لها طريقا في الخير فالخطأ في إدخال ألف كافر في الإسلام أولى من الخطإ في إخراج مسلم واحد من الإسلام فإذا وجدنا مائة وجه تسعةٌ وتسعون منها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد يشير إلى بقائه على إسلامه عمِلنا بذلك الوجه.

 

الرسالة الأولى للمرتدين الذين {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة : 32 ، 33]} ومحتوى هذه الرسالة: أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى ويعلموا أن ماعند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون سواء في ذلك من أسرّ منهم الكفر ومن جهر به وننبههم أن من سب الأنبياء  لا يخرج من الردة  بنطقه بالشهادتين فهو لم يكفر من جهة جعله مع الله إله آخر ولا من جهة نفيه الرسالة وإنما كفر من جهة استهزائه بالأنبياء  فلا يردّه للإسلام إلا أن يتوب من سب الأنبياء، فإن تاب قُبلت توبته إجماعا ونحن هنا نسقط عنه حد القتل اتباعا للإمامين: الشافعي وأبي حنيفة.

 

الرسالة الثانية موجهة لشعوب المسلمين ومحتواها أن يعلموا أن من الردة: اعتقاد أن الأنبياء لايجب نصرهم وأن من الردة أن يسمع المسلم سب الأنبياء ولا يكف من سبهم عن سبهم وهو قادرعلى ذلك قال في الكفاف مشبها بجزئيات الردة:

 

كذا اعتقاد نصره لم ينحتم    أولم يكف عنه ذم من ذأم.

فانتبهوا إلى ذلك ولاحظوا ما فيه من الخطورة وكُونوا سدا منيعا أمام ما يسعى إليه الملحدون من وجود فئة ملحدة مقبولة في هذا المجتمع الطيب المسلم مائة في المائة فليكن المستهزؤون بينكم وصمة عار ونكتة سوداء تقذفها المجالس وتدفعها الأبواب وتَشْزُرُها الأعين وتستك منها المسامع وتحزن منها القلوب وتغتم منها النفوس وتضيق بها الصدور فليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل: { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  [المجادلة : 22].

 

 

الرسالة الثالة والأخيرة للحكّام

ومحتواها أن يقيموا حدود الله سبحانه وتعالى على كل من ثبت بالمثبتات الشرعية أنه من المستهزئين بالله وآياته ورسله، وليعلموا أنهم مسؤولون عن ذلك أمام مالك الملك يوم لا ملك إلا ملكه.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أللهم هل بلغنا اللهم فاشهد. حرر آخر ليل الأربعاء الثامن من صفر عام1435 من الهجرة الموافق 11ـ 12ـ2013م الساعة الرابعة والدقيقة الرابعة عشرة بالتوقيت العالمي الموحد.  

 

العلماء الموقعون:

 

محمد فال "ابَّاهْ" بن عبد الله

محمد الحسن بن أحمدُّ الخديم

القاضي ابَّيْنْ بن بَبانَهْ

القاضي أحمد شيخنا ابن أمّاتْ

محمد المختار بن امْبالهْ

أحمدُّو بن المرابط بن حبيب الرحمن

حمدا بن اتّاه

محمد بن سيد يحيي

محمد عبد الرحمن بن فتًى

محمد الامين بن الشيخ بن مزيد

ابَّاهْ بن محمد عالِ بن نِعْمَهْ

سيد محمد بن الشّوّاف

محمد عبد الله بن المصطفْ

محمد الأمين بن ابَّاه

محمدن الزايد بن لمرابط محمد  سالم بن ألُمّا

محمد سالم بن اتاه بن يحظيه بن عبد الودود

حَيْمِدّهْ بن  لمرابط محمد  سالم بن ألُمّا

المختار بن بَوْبّهْ

محمد بن محفوظ بن المختار فالْ

عبد الرحمن بن البحر بن عَدُّودْ

الدينْ بن محمد علي

محمذِنْ فالْ بن آبَّــــــــــ

أحمد بن أجّاهْ

 

---------------------------------

 

[1] - سمج : ( سَمُجَ ) الشَّيْءُ ، بالضَّمِّ ، ( ككَرُمَ ) يَسْمُج ( سَمَاجَةً : قَبُحَ ) ولم يَكُن فيه مَلاَحةٌ ، ( فهو سَمْجٌ ) مثلُ ضَخُمَ فهو ضَخْمٌ ، ( وسَمِجٌ ) مثلُ خَشُنَ فهو خَشنٌ ، ( وسَمِيجُ ) مثل قَبُحَ فهو قَبيحٌ . تاج العروس.

[2] - لابد من توضيح ما يقصد الخبيث للعامة فقد قال القرطبي :                   

قوله تعالى : ) فآمن له لوط ( لوط أول من صدق إبراهيم حين رأى النار عليه بردا وسلاما قال بن إسحاق آمن لوط بإبراهيم وكان بن أخته وآمنت به سارة وكانت بنت عمه ) وقال إني مهاجر إلى ربي ( قال النخعي وقتادة : الذي قال : إني مهاجر إلى ربي هو إبراهيم عليه السلام قال قتادة هاجر من كوثا وهي قرية من سواد الكوفة إلى حران ثم إلى الشام ومعه بن أخيه لوط بن هاران بن تارخ وامرأته سارة قال الكلبي : هاجر من أرض حران إلى فلسطين وهو أول من هاجر من أرض الكفر قال مقاتل : هاجر إبراهيم وهو ابن خمس وسبعين سنة وقيل : الذي قال : إني مهاجر إلى ربي لوط عليه السلام.

 

 

[3] - لابد من توضيح كلام الخبيث للعامة  ففي الصحيحين :

عن أبى هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  « اختتن إبراهيم النبى عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقَدُوم ».

[4] - انظروا هذا الاستهزاء.

[5] - قال القرطبي: قوله تعالى : {وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم}: ((اختلف في معنى قول إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام : "وتب علينا" وهم أنبياء معصومون ، فقالت طائفة : طلبا التثبيت والدوام ، لا أنهما كان لهما ذنب.

قلتُ: وهذا حسن ، وأحسن منه أنهما لما عرفا المناسك وبنيا البيت أرادا أن يبينا للناس ويعرفاهم أن ذلك الموقف وتلك المواضع مكان التنصل من الذنوب وطلب التوبة. وقيل: المعنى: وتب على الظلمة منا. وقد مضى الكلام في عصمة الأنبياء عليهم السلام في قصة آدم عليه السلام. وتقدم القول في معنى قوله: {إنك أنت التواب الرحيم} [البقرة : 128] فأغنى عن إعادته.))

[6] - الإقناع في مسائل الإجماع للإمام الحافظ أبي الحسن علي بن القطان الفاسي، المتوفى سنة 628هـ طبعة دار القلم دمشق المجلد الرابع، ص:1927

[7] - الإجماع للإمام ابن المنذر المتوفى سنة 318هـ ، طبعة دار الفكر العلمية ، بيروت، لبنان، ص 76.

[8] - يعني النار.

[9] - الإقناع في مسائل الإجماع. ط السابقة  المجلد 4 من ص 1925إلى ص 1928

[10] الإجماع الطبعة السابقة.

[11] - قوله ثم علق الأغاليق على وَدٍّ بفتح الواو وتشديد الدال هو الوتد وفي رواية يوسف وضع مفتاح الحصن في كوة والأغاليق بالمعجمة جمع غَلق بفتح أوله ما يغلق به الباب والمراد بها المفاتيح كأنه كان يغلق بها ويفتح بها كذا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره بالعين المهملة وهو المفتاح بلا إشكال.فتح الباري.

                                              

[12]- قوله فقمت إلى الأقاليد هي جمع إقليد وهو المفتاح وفي رواية يوسف ففتحت باب الحصن. فتح الباري.

 

[13]- قوله في علالي له بالمهملة جمع علية بتشديد التحتانية وهي الغرفة وفي رواية بن إسحاق وكان في علية له إليها عجلة والعجلة بفتح المهملة والجيم السلم من الخشب وقيده بن قتيبة بخشب النخل.فتح الباري.  

[14] - قوله نذروا بي بكسر الذال المعجمة أي علموا واصله من الإنذار وهو الاعلام بالشيء الذي يحذر منه وذكر بن سعد أن عبد الله بن عتيك كان يرطن باليهودية فاستفتح فقالت له امرأة أبي رافع من أنت قال جئت أبا رافع بهدية ففتحت له. فتح الباري.

[15] عبر بالمضارع لأجل استحضار الصورة.

[16] - ( المِغْوَل ): بكسر ميم وسكون غين معجمة وفتح واو مثل سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطيه ، وقيل حديدة دقيقة لها حد ماض ، وقيل هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتك على وسطه ليغتال به الناس. عون المعبود شرح سنن أبي داود.

 

[17] - التاج والإكليل ط مكتبة دار النجاح ليبيا ج 6 ص 285

[18] - مواهب الجليل ط دار الرضوان ج 6 ص 489 و ط مكتبة النجاح ج 6 ص 285

[19] - التاج والإكليل لمختصر خليل ط مكتبة النجاح ليبيا ج 6 ص 287

[20] قال في مصطلحه: وإذا ذكرنا ضمير الاثنين كقولنا: عندهما أو خلافا لهما فنعني الشافعي وأبا حنيفة.

[21] - القوانين الفقهية تأليف أبي القاسم محمد بن أحمد بن جزي المتوفى سنة 741هـ ص 293-294

[22] الإقناع الطبعة السابقة  المجلد 4 من ص  1928 إلى ص 1929