يتطلب النظام السياسي الديموقىاطي  وجود أغلبية سياسية حاكمة  ومعارضة
تسعى  للوصول للحكم لتطبيق برنامجها و تحقيق  رؤيتها . و يعتبر اللجوء
إلى رأي الشعب هو الوسيلة  المؤدية للوصول إلى السلطة عن طريق  صناديق
الاقتراع  التي  يعبر المواطنون من خلالها  عن أي  فريق يريدون  أن ينيب
عنهم في تسيير شؤونهم . في بلادنا ما زالت المعارضة عاجزة للوصول إلى
السلطة  مند انطلاق المسار الديموقراطي ألتعددي  بعد المصادقة على دستور
20يوليو سنة 1991 المكرس للتعددية الحزبية و النقابية  و للحريات الفردية
و الجماعية .
و بغض النظر عن معوقات ممارسة الديموقراطية السياسية في بلادنا فما أهم
بعض  المعوقات التي قد تعترض المعارضة فيما إدا
استطاعت الوصول إلى السلطة ؟
لا يخفى  على أي مراقب للشأن السياسي  في بلادنا التباين و الخلاف بين
أحزاب المعارضة  الذي يكاد أن يصل إلى حد التناقض في البرامج والرؤى ,على
الرغم من اصطفاف  أحزابها في خندق واحد  لمعارضة النظام  الحاكم بلا
هوادة .و ما التباين في المواقف من قضايا كالوحدة الوطنية  و الهوية  و
المطالب الحقوقية إلا دليلا على دلك .
مما جعل  بعض الرأي العام يشعر بالقلق على مستقبل البلاد  مخافة عدم
الاستقرار الذي قد يحدث في حالة عدم حصول الانسجام و التوافق بين أحزاب
المعارضة عندما يصلون إلى السلطة .مما يعتبر من أهم التحديات الذي قد
تواجهه هده الأخيرة

فيما يعتقد  بعض المراقبين للشأن السياسي  ,أن غالية الرأي العام الشعبي
بات يتوق إلى التغيير, آملا في أن  يحمل في طياته  تغييرا لأوضاعه
الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية ,ويمكن من تخفيف  الغلاء المعيشي  و
يحسن من  نوعية الخدمات التي تقدمها
المرافق العمومية للدولة و يفضي إلى انفراج سياسي طال انتظاره .مما  قد
يحمل أحزاب المعارضة على أن   تشهد المزيد من  التقارب  و من التنظيم
والتنسيق  فيما بينها   , على حساب أجنداتها الذاتية   الأمر الذي يتيح
لها  إمكانية  التوافق على مرشح واحد
و لا سيما  بعد أن أثبتت  تجربة  تعدد  مرشحين في الانتخابات  الرئاسية
فشلها  في  استحقاقات   سابقة  .
بينما يظل التحدي قائما لأن تمكن المعارضة من  بلورة استيراتيجية تمكنها
من تجاوز عقبة الانتخابات  ليس معناه  حسم  التباين في
الأساسيات و الأولويات لكل حزب سياسي . و لا يخفى  ما لعدم  التمكن من
تجاوز أو تضييق هوة  الخلاف  من  معوقات في تشكيل و استقرار  حكومة  قد
تشكلها هده الأخيرة  . كما أنه يلزم لها الحصول على أغلبية برلمانية
كي تضمن المصادقة على مشاريع
القوانين في  البرلمان  كلما دعت الضرورة إلى دلك.
هدا عن  بعض المعوقات على المستوى الداخلي  لكن يبقى  على صناع القرار
الجدد  ترتيب  الأولويات  و حسم مواقف في ملفات
دولية و إقليمية  جد حساسة للغاية  ولا سيما أن موقع  موريتانيا الجغرافي
و الجيوسياسي  يتطلب منها اتخاذ مواقف متوازنة من النزاع على الصحراء
الغربية و من  الصراع الذي يدور في جمهورية مالي المجاورتين .
و في إطار  ذكر التحديات  ,لا يمكن إغفال  المطالب الاجتماعية و الحقوقية
 المتصاعدة  تغذيها روافد  داخلية و خارجية ,و لاسيما
أن المعارضة الراديكالية حسب ما يطلق عليها بعض الرأي العام اعتادت أن
تكون أهم حاضن لخطاباتها ومنظماتها.و هدا ما يعتبره المراقبون أهم
التحديات  الداخلية  يتعلق بالاستقرار و الوئام الاجتماعي اللذين يعتبران
من أهم مرتكزات الوحدة الوطنية.
و يمكن القول بأن  النظام الذي  طالما تشبث ببقائه في السلطة  ,دأب   على
استغلال  نقاط ضعف المعارضة  بالإضافة إلى لجوئه  إلى وسائل و
استيراتيجيات  تمكنه من التكيف  مع المتغيرات السياسية  متجددا في ظاهره
و محافظا على جوهره .مرونة تمكنه من عدم الانكسار .و ما إعلان  رأسه عن
عدم  تمرير مأمورية ثالثة  إلا دليلا  على  أنه  حضر بطريقة أو أخرى
خلافة نفسه  بنفسه .لكن هل فهمت المعارضة الراديكالية الدرس ؟ أم أنها
ستظل تجوب  ما بين  المسجدين ذهابا و إيابا إلى  أن يخرج  عليها الخصم من
حيث لم تكن تحتسب ؟