أنهى شيوخ حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا الجدل الدائر منذ أسابيع حول التعديل الدستورى، وأسقطوا رهان القوى المتطلعة لإجهاض الاستفتاء عبر البرلمان، مؤكدين دعمهم المطلق للرئيس الحالى والتزامهم بتوجيه الحزب الذى ينتمون إليه.
سلسلة من الاجتماعات الغاضبة، وبيانات مقتضبة من وقت لآخر، وخرجات إعلامية محسوبة، وتحذير من مستقبل مجهول ينتظر البلد فى حالة خرق القانون والدستور، وانتفاضة قال أحد زعماء المعارضة بمجلس الشيوخ إنها أسقطت آخر قلاع الديكتاتورية بالمجلس، مظاهر امتعاض قرر الشيوخ ابتلاعها دفعة واحدة، والتوجه نحو دعم المسار الذى أختطه الرئيس وأبرز معاونيه خلال الأشهر القديمة.
لم تعلن الحكومة لحد الساعة التزامها بمقتضيات المادة 99 من الدستور، أو تبنى الاستفتاء عبر المادة 38 من الدستور، لكن من الواضح بعد الآن أن المجلس لن يعرقل مرور التعديل من البرلمان، ولن يعترض بعد اليوم إذا تم تجاهله من قبل الرئيس عبر طرح التعديل الدستورى للاستفتاء المباشر.
وكان شيوخ الأغلبية الداعمة للرئيس قد دخلوا فى تمر جزئي بعد خطاب الرئيس فى الثالث من مايو 2016 بمدينة النعمة، والشرح الذى قام به حزب الاتحاد من أجل الجمهورية للخطاب بمختلف مناطق العاصمة نواكشوط، وحاول بعض الشيوخ المغاضبين ركوب الموجة للإطاحة بالحزب أو تقويض الثقة فى القيادة الحالية، ودخل فى اجتماع شبه مفتوح بمقر المجلس بالعاصمة نواكشوط، وشكل لجان اتصال ورفض التعامل مع الدعوة التى وجهها رئيس الحزب، بل إن البعض جاهر بموقفه الداعى لإقالة بعض أعضاء الحكومة ومحاسبة بعض أعضاء الحزب أن الفاعلين فى الأغلبية، متهما قيادة الحزب بأنها أهانت الشيوخ، وأعضاء الحكومة بسوء الأدب مع غرفة لها دورها فى التشريع الموريتانى ومكانتها الدستورية المحفوظة بكل القوانين.
لكن الحراك المغاضب أنتهى إلى حفل عشاء مشترك مع الرئيس ورئيس الحزب والوزير الأول، كانت فيه السياسة حاضرة بقوة، وفيه حضر الاقتصاد والجهة والمطالب الشخصية، والصراع الدائر بين قوى الأغلبية بشكل كبير.
ورغم محاولة البعض استعادة روح المبادرة داخل المجلس، وإذكاء روح المقاومة والتمرد ، إلا أن الحراك السياسى الذى عاشته دوائر الأغلبية فى الفترة الأخيرة والحزب الحاكم على وجه الخصوص، أعاد تدوير الكتلة المناوئة داخل المجلس، وأنتهى بالحراك من مناهض ومحذر ومناوئ إلى منضبط وملتزم ومستعد للخدمة تصريحا لاتلميحا هذه المرة، وبشكل مكتوب لالبس فيه، بعد اللجوء للتورية ومحاولة التملص والعمل مع أطراف داخل الحزب وخارجه لفرض منطق آخر، لكن رياح الحوار أتت بما لاتشتهيه سفن الثائرين من أجل قدسية المجلس الذى تنتظر جرافات "أنير" سابقا أوامر الرئيس لتجريف مقره وتحويله إلى واجهة عصرية للقصر الرئاسى بنواكشوط.
