"الولاء للوطن أو لن يكون"

جمعة, 2016-10-21 22:21

سالت أقلامٌ كثيرة , وشُنّت حملات على جميع الجبهات ,وكانت التوقعات في مجملها تصب في خانة واحدة هي تغيير الرئيس للدستور من أجل ترشحه لمأمورية ثالثة.
وأجمعَ الكل على أن ما سُميّ "بمسرحية" الحوار والتشاور مجرد تحصيل حاصلٍ , ولعب على عقل المواطن , في الوقت الذي بقيت فيه المعارضة الراديكالية خارج اللعبة تتفرج من بعيد وتُناورُ من خلف الكواليس ...تساوم على مصلحة الجيوب قبل مصلحة الوطن.
تكلم الغوغائيون وقالوا كثيرا مما يقال ومما لا يقال ،ولم يكن البرزخيون بمنأى عن الأحداث ،فقد حللوا وتوقعوا وراهنوا ,كلٌّ حسب هواه وأمانيه وتطلعاته...شارك الجميع وتكهنَ الكل بما سيؤول اليه الحوار والنتائج المتوقعة منه ،حتى حديث الصحون كان له دور بارز هو الآخر.
انتفخت بطونٌ وامتلأت جيوبٌ ، وحده المواطن المطحون ظل صامتا - رغم الجوع والألم ،رغم المرض والتهميش والحرمان من خيرات بلده المعطاء - ينتظر ويراقب بحذر , يتمنى بصدق عاطفة ، وبحرقة من وقع بين فكي كماشة (البحث عن وطن آمن , والخوف من مصير كثيرين عصفت بهم رياح التغيير أو خريف تساقطت أوراقه المصفرة ، وحكاما ومعارضة كل همهم مصلحة جيوبهم) , وظل الوطن صامدا ، صامتا ، لو سألت رماله ،لحدثتك عن أجداد ـ رغم قساوة الحياة وصعوبتها ـ جاهدوا بدمائهم الزكية وقاوموا وحافظوا على الهوية والتماسك واللحمة ،لم يُرهبهم المستعمر بقوته ولا عتاده، كتبوا اسم شنقيط بماء الذهب ، وخلدوا مجدا متجذرا , متجددا للشناقطة ، وفاء ،وصدقا، وامانة ،وتمسكا بدين الله وسنة رسوله، وهذا ما يجعلني أطرح سؤالا هو لبُّ الخاطرة ،هل نحن حقا أحفاد هؤلاء الكرام ، هل تجري في عروقنا تلك الدماء الزكية الطاهرة ، وهل تلك الوجوه المتلونة تلوّن الحرباء لها نفس الحمض النووي؟! ,أشك في أننا حفدة هؤلاء.
فَعَلى كل واحد منا أن يجري فحص DNA لنتأكد ، فوا عَجَبي لمن لا يستحي من الله ،ولا يحترم ذاته ويُعرض أبناءه وأبناء وطنه للمذلة والهوان من أجل سِقط من المتاع.
لقد كان الرئيس شجاعا ،حين ذرَّ الرمادَ في عيون المعارضة ,في نفس الوقت الذي وجّهَ فيه صفعة قوية لِمن كانوا يدفعونه بقوة لإعلان ترشحه من أجل ضمان مصالحهم الشخصية ,حيث لم يكن وفيا لجهودهم ونفاقهم , ولم يصُن ماء وجهوهم , فظهرت بالامس واجمةً , عابسة المنظر ,كأن على رؤوسهم الطير.
وبعد نهاية حِقبة من الخوف والترقب والتجاذب , يقف الوطن اليوم على مفترق طرق خطير ، لذا علينا ألا ننسى ـ ولو للحظة واحدة ـ أن الوطن يجب أن يبقى أكبر وأعظم من الجميع.
سئمنا , مللنا...نريد من يصون الوطن والمواطن ،نريد من يسهر على المصلحة العامة للبلد التي هي مصلحته ومصلحتي ومصلحة زيد وعمرو ،نريد عدلا ،نريد مساواة ،نريد ديمقراطية ،نريد قطيعة مع هذه الوجوه التي أكلت بنَهَم خيرات هذا البلد ،هذه الوجوه التي هي مكمن ومصدر الداء ،نريد التجديد ، مع الحفاظ على مؤسساتنا , على قواتنا المسلحة وقوات امننا , فهما الدرع الحصينة التي تحمينا من مخاطر الداخل والخارج.
نعم لنشيد يمجد ماضي أجداد نفتخر بهم ،نعم لنشيد يذكر موريتانيا الاسلامية العربية،وجيشها حامي حماها، نعم لموريتانيا حرة أبية , لا تباع، ولا تشترى ،لا لهذه الوجوه الغوغائية التى ،تدخل من باب وتخرج من آخر كلما اقتضت مصلحتها ذلك ،لا لشراء الولاء للوطن بالملايين والضعيف يموت دون أن يجد ثمن وصفة دواء ،لا لشراء ولاء من لا ولاء له ،فالانتماء للوطن يكون بالقناعة والحب لهذه الارض , لهذه الامة , او لن يكون أبدا...

نقلا من صفحة الكاتبة الزهراء نرجس على الفيسبوك