الخطاب الحقوقي في بلدنا خطاب غير ناضج، أو هكذا أراه على الأقل. فمطالبه تتسم باللاواقعية و السطحية. ألفت الانتباه إلى أنني أعني خطابَ الحقوقيين الصادقين، أما التجار و سماسرة القضايا العادلة فهم بالنسبة لي لا يتبنون خطابا و لا يدافعون عن قضية بقدر ما يسعون إلى تحقيق مصالح أنانية ضيقة.
لنأخذ على سبيل المثال مطلبَ "المساواة" بين شرائح المجتمع أو فئاته الذي يطالب به بعض الحقوقيين (الصادقين) ! وجهة نظري أن العدالة تكمنُ في التفاوت لا في المساواة المطلقة، فالمواطنون فيهم النشيط و الكسول، و الذكي و الغبي، و الطموح و من لا طموح له، و المتعلم و الجاهل. و من الظلم و الحيف أن نساوي بين الناس و هم ليسوا متساوين في نضجهم، و تكوينهم، و ثقافتهم، و ذكائهم، و طموحهم...المساواة التي لا تأخذ بعين الاعتبار هذه الفروق تسمى "محاصصة"، و المحاصصة تتعارض مع المصلحة العامة للوطن.
الصواب أن نطالب، من أجل مصلحتنا العامة، و مصلحة وطننا، و الأجيال القادمة، باعتماد معيار الكفاءة و الإنجاز الشخصي، و تقريب المرافق العمومية (التعليم، الصحة...) من جميع المواطنين، بصرف النظر عن انتمائهم الإثني، أو الشرائحي، أو القبلي، و أن تكون الدولة راعيةً للجميع، و أن نطالب بالقضاء على المحسوبية، و على القبلية، و أن تكون الإدارة في خدمة المواطن. هذه المطالب مشروعة لأنها تتسق مع مبادئ العدل، و لأنها تصب في خدمة الصالح العام، لا خدمة فئة معينة. أما أن ننادي بضرورة المساواة دون مقاربة واقعية تأخذ بعين الاعتبار حالة الأفراد و اختلافهم، فهذا ما يُسمى، كما أسلفتُ، بالمحاصصة، و ثقافة تقاسم الكعكعة. 
موريتانيا التي أحلم بها هي دولة قانون قد تكون الحكومة فيها كلها مكونة من الزنوج أو الحراطين أو البيظان، ما دام المعيارُ الكفاءةَ، و المستوى المعرفي.

نقلا من صفحة المدون: Abdou Khalifa