لم يأت خطاب النعمة سياسيا فقط؛ ولم يكن موجها للكتل السياسية ولم يك موجها لشريحة دون أخرى، بل كان لكافة شرائح الشعب الموريتاني و جميع مكونات الطيف السياسي، وجمع  بين الاهتمام بالسياسة والواقع الاجتماعي في موريتانيا، جاء مرتجلا بلغة بسيطة يفهمهما كل الموريتانيين تجمع بين الفصحى واللهجة لينال الجميع حظه من كلام الرئيس، كان الرئيس صريحا وجريئا في طرحه وصل إلى عمق المتلقي بسهولة، لم يدر ولم يلف حول مقاصده، تناول معظم النقاط التي كانت محل جدل في محافل الراي العام، وضع النقاط على الحروف وعبّر عن قصده.

يحسب لولد عبد العزيز أنه أدان و بشدة آثار الاسترقاق مطمئنا على أن الدولة التزمت دونما رجعة بمعالجة جميع أبعاد هذه الإشكالية و بالطريقة الأنسب من خلال سن القوانين و إنشاء المحاكم  المتخصصة و التهذيب   و الصحة و محاربة الفقر، وقد كثر اللغط حول مسألة اجتماعية تطرق لها الرئيس في كلامه، واعتبرها البعض من خصوصيات الانسان ولا دخل لأحد فيها، رغم أن رئيس الدولة وباعتباره السلطة العليا في البلد على كاهله مسؤولية توجيه الشعب ونصحه لتفادي عواقب الفوضى الاجتماعية، كما يقدم لهم تعليمات أساسية في مجال السياسية، يمكن كذلك أن يقدم لهم توجيهات وإرشادات لإنقاذ شعبهم من عاقبة الفوضى في النسل ويحذرهم مغبة ذلك على المجتمع وما يترتب عليه من مسؤولية تربوية واجتماعية ومستلزمات مادية لا تتوفر عند الجميع، وهو كذلك مسؤول عن عادات شعبه، وبإمكانه تغييرها، لكنه من غير المنصف أن يحرف كلامه ويصرف عن مقاصده، حتى يتم الايقاع به في مذمة شريحة ويخصص كلامه أنه عناهم فقط؛ في حين أنه يوجه كلامه للجميع لكل الموريتانيين فكلهم عرضة لما حذر منه، وعواقبه كالفقر وانتشار الجريمة، فيا أصحاب الصفحات المتنكرة، ويا أصحاب القلوب المتربصة ويا من تدعون أنكم سياسيون ورؤساء أحزاب سياسية  لا تكونون ممن يحرفون الكلم عن مواضعه؛ حيث أن الخطاب وضع في غير محله وبدت عليه آثار الاستغراب قبل أن يخرج من فم قائله، فكانت كلماته تطير بها الركبان في مواقع التواصل الاجتماعي وتضعها أيدي التحريف في مراجل الحساد والناقمين لتنضج وجبة مسمومة تساق لأفواه المواطنين على حين غرة؛ وهو لا يحتاج لشرح ولا إلى تفسير، بل يحتاج لمن يسمع بأذنه ويفهم بعقله، لا إلى من يستمع بدافع الحقد، ويفهم الأمور ويقيسها بهواه وحسب ما يخدم موقفه..فلا تواصل مع معارضة تحرف ما سمعه الجميع.

كما يحسب لولد عبد العزيز خلال خطاب النعمة أنه اقترح إلغاء مجلس الشيوخ لتحل محله مجالس جهوية تنظم إعادة توزيع الثروة لتحقيق تنمية شاملة متحررة من سلطة مركزية كدست الموريتانيين في أحياء الصفيح في نواكشوط ونواذيبو وروصو.

وكل ما يقال عن خطاب النعمة أنه وكما وصفه بعض المنظرين يمكن أن يضاف إلى الخطب التاريخية التي غيرت مصائر الشعوب، وأسست الدول. فقد قدم الرئيس رؤية واضحة، واقترح نقاطا محددة دعا المعارضة إلى الحوار حولها بغية الوصول إلى إجماع وطني، لإدراكه أن القضايا الوطنية الكبرى تتجاوز الخلافات السياسية حول إدارة الشأن العام.

 

احمدسالم ولد هيبه