
ختم الزعيم صالح ولد حنن شهادته علي عصر الانقلابات في موريتانيا مساء أمس بردود قوية ومؤثرة علي القلوب والأفئدة علي من يولولون كالعجائز في المآتم للتجارة بالوهم واعدام الذاكرة.
لقد كانت الحلقة الأخيرة من برنامج "بلا حدود" ضربة قاضية لخصوم الرجل والحاقدين عليه من صناع حكايات شهرزاد وكائنات الضرورة ؛ التي لا تفكر بما هو أبعد من الوجبة المقبلة؛ التي يأكل صاحبها حتي التخمة ثم يدخل أصبعه إلى فمه، كي يتقيأ ويفرغ أحشاءه، ثم يستأنف التهام الطعام.
لقد أنتصر الزعيم خطابا وبلاغة حين أشفق وعفا عند المقدرة على خصومه، وسجل انتصاره حسب أعراف الفروسية القديمة التي ينحني فيها المنتصر أمام خصمه المهزوم ويقدم له سيفه.
ثم جاءت درجة التسامح والاشفاق لتكون بليغة ومعبرة معني ودلالة ، للحفاظ على ما تبقى.. لا من ماء الوجه فحسب؛ بل من الحياة في مستواها الغريزي المحض.
لقد كشفت مداخلات الرجل عبر الحلقة أن الصواب عليه أن يعتذر للخطأ والخطيئة معاً، لأنه حلّق خارج السرب، وتمرد على فلسفة الحرباء التي تغير جلدها من فرط الخوف وعلى فقه الببغاء التي لا تجد لديها ما تقوله غير ترديد الصدى.
هذا في وقت عمدت مداخلات الخصوم المنسقة والمتناثرة تناثر الجزر على امتداد الأرخبيل علي إجراء جراحة فظة وبالغة القسوة وبلا تخدير لاستئصال كل صفة تتشكل فيها ملامح القوة والشجاعة عند الرجل وذالك بهدف استبدال ممانعته بالامتثال، وعصيانه بالرضوخ.
لكنه رغم ضغط الوقت وقساوة المداخلات التي غرق أصحابها في غيبوبة ساهمت فيها عوامل تعجز الجبال عن تحملها، فإن الرجل ظل كبيرا حتي في تعاليه وقفزه علي درجة الاسفاف وانحطاط لغة التخاطب لخصومه لأنه يعلم علم اليقين أنه لا يراهن على كبوة جواد أصيل إلي من تثقف على عالم البغال والحمير.