
قبل أكثر من ألفي سنة من اليوم تفرق أنصار عيسى عليه السلام و حواريوه في الأمصار بين الأمم و الشعوب في المدن و القرى العامرة بمعابدها و قلاعها ، والتي بنيت في أغلبها بسواعد الرقيق الذي كانت تستجلبه الحضارات الغالبة من تخوم الحضارات المغلوبة بفعل قانون القوة الغاشمة و سيادة الغاب ، فكان منهم فلاسفة و مفكرون أطباء و مهندسون و بنائون و غواصون و كان لهم الفضل في نقل ثقافة و علوم و فنون الحضارات المغلوبة الى الحضارات الغالبة ، ويومها إستقر المشرد بالحواريين من صحب عيسى عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام في روما حاضرة الحضارة الرومانية ومركز إشعاعها الحضاري و رمز قوتها و صولتها و سيطرتها و إزدهار كنيستها المسيطرة على أمور الدين و الدنيا ، وهناك تعرضت الدعوة المسيحية و حواريوها و اتباعها لشتى صنوف التنكيل و التعذيب و القهر حينما دعا أصحابها الى الحرية و المساواة ورفع الإصر و الأغلال عن بني إسرائيل و عن الأمم و الشعوب كافة و عن الإنسان أين ماكان و كيف ماكان على هدي و إثر موسى و النببيئين من بعده عدالة و احدة و رسالة ربانية واحدة من إلاه واحد لاتتناقض و لاتتعارض وان تعدد الرسل و أختلف الزمان و المكان ، تدعوا الإخراج البشرية من عبادة العباد الى عبادة رب العباد متساوين و متحابين مهما كان لونهم او جنسهم اوعرقهم، تحمى الضعيف و تصون القوي تصل الأرحام و تحطم الأوثان و تحفظ الأنساب وتربي الإنسان على الصدق و العدل و القسط و الإحسان ، لاكن الكنيسة كانت لهم و لدعوتهم بمكان وراحت تنكل و تقتل و تثخن حتى الوتين و البنان حتى دان لها الأمر و أستكان وتراجع من قدرت عليه من الحواريين و الرهبان عن الدعوة وعن الأمر الذي كان ،"" ونادا سيبريانوس قائلا أيها الناس أطيعوا سادتكم بخوف و رعدة كما يرضى الرب و إن المساواة التي تنشدونها هي مساواة في الروح لا بالجسد "" ومنذ ذلك النداء و تلك الردة المشهودة في روما و الكنيسة و الكهنة يسوسون الدين و السياسة و الدنيا ودانت الأمم و الشعوب التابعة و المتحالفة و المغلوبة لسلطة الكنيسة و رأي الكهنة ، تماما كما يحدث في بلادنا و بلاد أخرى سبقتنا للحضارة و المدنية منذ البدايات الأولى لعصر الضعف و التراجع في الدولة الإسلامية و نهاية عهد الخلافة الراشدة ، كما حدث في الشام و العراق إبان حكمي الدولة الأموية و الدولة العباسية وكما حدث خلال أفول نجم الدولة الفاطمية في المغرب الأقصي و كما يحدث اليوم في موريتانيا حيث تسيطر المحظرة و روادها و خرجيها و أفتيائها و قضاتها و دعاتها على ا لسياسة و الدين و كثر الشعراء و المناطقة و علماء البلاط ودعاة الخرافة و التوسل بالبشر و التوسط به عند الله وفتاوى الضرورة و المحاباة المصادفة لهوى و رغبات السلطان الحاكم الظالم الجائر الفاسق ، وانتشرت منذ ذلك الحين أيضا كما في روما أيامها الزوايا و المحاظر و حلقات الذكر البشري و الطرق الوسيلية و الفضيلية التي تنصب البشر وسيطا بيننا و بين الله و تعظمه و تزكيه و تقربه من الله زلفى دون غيره من الناس كما تفرق المسلمون شيعا و بيعا و طوائف تماما كما تفرق الحواريون المسيحيون "" كلدانا و بروتسطنت و كاتوليك و اورتدوكس""، وهي أمور تحدث اليوم في بلادنا حتى و ان إختلفت المسميات سنة و شيعة وهابيون و مذهبيون مالكيين و شافعيين حنابلة و أحناف ظاهريين و باطنيين شاذليين و فاضليين و يعقوبيين حمويين و تيجانيين دعويين تبليغيين و قتاليين إرهابيين ومحظريين كنسيين و علماء كهنوتيين ، ما أشبه اليوم بالأمس البعيد و ان توحدت الرسلات في الغاية و الهدف و الوسيلة من آدم و نوحا عليهما السلام ثم موسى محرر بني اسرائيل فيعقوب و يوسف و الأسباط و إبراهيم الذي رفع القواعد من البيت و إسماعيل وخا تمهم محمد صلى الله عليه و سلم لانفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون ، رسالة واحدة قوامها العدل و الإنصاف و كسر الأغلال و تحرير العبيد من سيطرة المحظرة و الكنيسة و عبادة العلماء و الكهنة الى عبادة رب العباد . قال تعالى اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا ..صدق الله العظيم و نصرنا على من يلعنهم للا عنون ... العلماء الغير عاملون
بقلم:الدكتور/سعد ولد الوليد