
على هامش حديث الرئيس بيرام عن فلاسفة "النور"!
مبدئيا، أنا معجب بالرئيس بيرام ، واتفق معه في منطلقات و بعض قواعد نهجه، وله دين في رقبتي سأدفعه حبا يوما ما ان كتب في العمر متسع، ولكن:
ثمة حملة ممنهجة منذ زمن تحاول صقل بقايا العنصرية في خطاب الرجل مع بداية مشواره، وتحاول جاهدة تقديمه خيارا سياسيا جامعا و"منقذا" لموريتانيا ، ضررها ، في اعتقادي ، اكبر عليه من ضرر الصورة التي تحاول تغييرها، حيث تظهره في كل مرة مجرد جهوي صرف، و"ملاذ أخير" لنخبة جهوية من أسياده السابقين ومحيطهم الجغرافي !! وهو ما سيفقده مع الوقت ، ليس فقط ألقه الجماهيري والشعبي ، إنما سيهز ثقة النخبة فيه ، وبالتالي انتفاء صفة الثقة والاجماع حوله، والتي هي أهم ما ينقصه اليوم!!!
انه لغريب حقا أن يتعمد تحرري انعتاقي كبيرام ، التنقيص من الانظمة التي حكمت موريتانيا بشكل اجمالي ، ويستثني منها فقط النظام الذي حكم ما قبل 1979 ، بل ويشيد به بشكل مكرر ومبالغ فيه، مع ان لجراطين كانوا خارج المشهد مع ذاك النظام بشكل كلي ، وبإرادة سياسية ممنهجة ومحكمة يومها تعاملهم كعبيد ، ولم تطرح قضيتهم بشكل جدي الا مع الحركة التي عارضت ذاك النظام وساعدت في الاطاحة به لاحقا ، وسيكون القانون الذي الغى العبودية بشكل كامل قرارا تاريخيا للمرحلة التي يصب الرجل عليها لعناته بشكل متكرر، وستشهد الحكومة لأول مرة دخول أول حرطاني وزيرا!!!
واكثر ما فاجأني اليوم، وانا اتابع الحلقة الثانية من بودكاسته مع الاخ أحمد ولد حرود، إشادته بالمقاومة السنغالية للمستعمر وسخريته بالمقابل من المقاومة العسكرية الموريتانية، وهو الموقف الذي لا اجد له من تفسير الا انطلاقه من نفس الخلفية الجهوية التي جعلته يعجب بنظام ماقبل 1979!!
ولكن ربما ما غاب عن الرئيس، أن ارضاء تلك الحواضن، بالدوس على حقائق التاريخ والتنكر له، قد لا يرضي أيضا قبائل كبرى في نفس الدائرة قاومت المستعمر الفرنسي وكبدته من الخسائر المادية والمعنوية اكثر مما كبدته المقاومة السنغالية ، والمفارقة أن بعض ابناء تلك القبائل كانوا اكثر دعما للرئيس بيرام من غيرهم!!