تعتبر الكاتبة المبدعة والأكاديمية الأردنية الجنسية سناء كامل احمد شعلان من الأسماء النسوية التي احتلت موقعا متميزا في المشهد الادب والثقافي العربي، بفضل خصوصيات النص الأدبي الذي تكتبه، وبفضل حضورها الجميل والمتميز في الجامعات العربية وفي مختلف الفضاءات الثقافية.
مبدعة.. .بقلم التحدي والجرأة
و كلما قرأت عملا أدبيا من أعمالها، سافرت في عوالم ساحرة من الجمال والجلال، وعند بداية كتابة قراءة نقدية للعمل، يسارع طلبتي بجامعة سكيكدة بالجزائر لأخذ النص الروائي أو القصصي قصد تسجيله لانجاز مذكرة أكاديمية في مستوى الليسانس او الماستر، ومن ثمة لا احتفظ إلا بالأوراق التي أخذت أخطها للاقتراب من العوالم الفنية والمجتمعية و الأسطورية لنصوص شعلان، قبل أن يعود لي الكتاب في نهاية كل موسم جامعي.
و يسألني الطلبة كثيرا: ماذا أدرس يا أستاذ في هذه الرواية او المجموعة القصصية؟ وهنا أجد الحرج النقدي، لأن لكل قارئ ذوقه ومنهجه وآلياته في كشف خصوصيات النص،لكن اليوم وبعد سنوات من الرحيل الجميل في النص السردي الشعلاني، سأحاول أن أقدم للقارئ الجزائري والعربي بعضا من هوية الكتابة السردية عند المبدعة العربية سناء شعلان، رغم صعوبة المهمة .
وقد تحصلنا على مجموعة من أعمالها الأدبية في الرواية وفي القصة، وآخرها نصوص مجموعتها الجميلة” تقاسيم الفلسطيني”-2015، وروايتها” أعشقني”-لها طبعت عديدة أولها عام 2012، وقد تكون لنا وقفة عندها في المستقبل.
و في قصص “مقامات الاحتراق”-2006، نقرأ في الهوية الفنية للنصوص حضورا لشخصيات تتعرض للضغوط ومحاولات السيطرة عليها، ونجد جماليات التشكيل الشعري للسرد، وإذا كان القارئ يبحث عن اللغة الصوفية فسيجدها بعض قصص المجموعة… و يسيطر على هذه المجموعة فضاء الموت ودلالات الخراب والفناء…
ولا تنسى الساردة الأردنية العربية البحث – بوعي التحدي والجراة- في السلطة وتفاعلاتها مع الرعية، كما تقترب من قضايا الرجولة والوعي الزائف وممارساته في المجتمع العربي، وكذلك فعلت في قصص”مذكرات رضيعة”-2006،حيث كاشفت سناء شعلان قضايا العادات و التقاليد و الإرهاب، مع طغيان تقنيات التجريب السردي وجمالياته، بخاصة التكيف والاختزال..
نصوص.. الغرابة والدهشة:
وتعتبر مجموعتها”قافلة العطش” – 2006،من أجمل ما قرأنا حول الحب و الحرية، وتشتغل الساردة فيها على موضوعات كثيرة، يمكن للقارئ العربي أن يناقشها ويحللها ، ومنها سفر المبدعة في أسئلة الرؤيا والآتي، وتوظيف الرحلة والأساطير، والموروث الشعبي بمختلف أسراره وطقوسه..
كما تستعمل الكاتبة تقنية تميزها عن غيرها وهي توظيف شخصيات غير عادية في تشكيل بنية القصص( قزم مسخ، ساحرة إفريقية، الأعور، الجنية…)، وهو ما يمنح نصها السحر والأجواء الشعبية الخارقة ، ويدخل القارئ في الدهشة و الغرائبية.
وتتميز نصوص هذه المجموعة باللغة الشعرية والرمزية، وتجلي الجنون و خرق المألوف، ويمكن لكل قارئ أن يدرس في نصوص شعلان- في هذه القصص وغيرها- إشكاليات الراهن العربي و سؤال الهوية و آليات اشتغالها السردي في سرديات سناء شعلان.
في مجموعتها “ناسك الصومعة”(2007)، نقرأ من المنظور الجمالي تهديما للأشكال السردية النمطية، حيث تحاول نصوص شعلان تجاوز أحادية الخطاب ومألوف التعبير السردي، عبر الانقلاب والتجريب و الإدهاش المتواصل للقارئ،أما في الجانب الموضوعاتي للنصوص فنجد الاشتغال الدلالي على الحلم و الأسطورة والتاريخ، وتجليات المرأة العربية في مجتمع ذكوري متخلف…
كما أن بعض القصص تبحث في الخلود وأسرارهم مثل قصة المجاعة،و تفتح الساردة مشاهد الصراع في الراهن العربي في قصة ناسك الصومعة…
في الختام:
لا يمكن اختصار التجربة الأدبية للدكتورة والمبدعة سناء شعلان ، ونقول في الختام: إن المشروع السردي لها يتشكل من علامات خاصة،فهي توظف الموروث الشعبي والديني والأسطوري، وتقترب من القضايا العربية الهامة التي تهم الانسان العربي وتحولاته النفسية والاجتماعية و الفكرية، بطريقة فنية فيها الكثير من الجرأة والتحدي ، فإنها روائية عربية متميزة ننصح بقراءة أعمالها لأنها مبدعة صنعت اسما عبر جودة النص في السياق السردي النسوي العربي.
*أكاديمي جزائري