زيارة أردوغان : المكاسب الآنية والرهان المستقبلية ! / محمدالمصطفى الولي

أربعاء, 2018-02-28 12:19

تستعد العاصمة الموريتانية نواكشوط لاحتضان حدث عظيم ، وهو زيارة قائد بحجم أمة يحبه الشعب الموريتاني والأمة العربية أجمع ، وتطرح زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتوقع وصوله يوم غد الأربعاء 28 فبراير الكثير من الإستفهامات المصحوبة بشحنة من التفاؤل والإستعداد لنتائج الزيارة المرتقبة ، لعل أبرزها هو الإستفادة مما تحمله من أهمية تاريخية باعتبارها أول زيارة يقوم بها رئيس تركي لموريتانيا .

وتأتي زيارة أردوغان اليوم للمغرب العربي ودول إفريقيا كردة فعل لما أثير من آراء نقدية تقول بأن انقلاب تركيا لم يكن نموذجا للديمقراطية بقدر ماهو تحد حقيقي لتركيا في مسألة ما إذاكانت " أنقرة " قادرة على اتخاذ كل التدابير الازمة من أجل استعادة السلام في المنطقة العربية والشرق الأوسط أم لا  .

وتعتبر الدولة التركية النموذج الأعلى في التعاطي مع القضايا العربية العادلة ، كجناح إسلامي يؤدي دور المراقب من أجل التدخل بكل جرأة في ملفات عالقة تهم المواطن المسلم والعربي بعد أن عجزت عن اقتحامها وتسويتها الدول العربية والخليجية المسؤولة عن التمرد وانلاع الحرب واستطالتها في البلدان العربية وارتكاب المجازر والمآسي البشرية تحت رافعة الآمريكان والدعم السخي من بعض الدول الخليجية وبتدبير مخابراتي من الكيان الصهيوني " إسرائيل " .

كلها عراقيل كان يمكن أن تشكل حجر عثرة لدى رائدة العمل الإسلامي وسند الفلسطيني المحتل ، تركيا وشعبها العظيم ،  إلا أنها ظلت تحافظ على عهدها منذ تولي الرئيس رجب طيب أردوغان مقاليد السلطة ، بصفتها دولة لها مكانة تراتبية متقدمة في صفوف الدول النامية حيث تحتل المرتبة 19 عالميا ، كما تمتلك قوة اقتصادية ناعمة أدت إلى التحول الكبير الذى عاشته تركيا فى عهد أردوغان ، مسجلة في المضمار نفسه تراجعا كبيرا للمد العلمانى مما أدى إلى جعل تركيا الدولة الثانية فى الحلف الأطلسى بدل سياسية قرع أبواب الدول الأوروبية سبيلا إلى العالم الإسلامى والمحيط الإفريقي الذى يشكل عمقا تاريخيا للدولة التركية خلال القرون الأخيرة.

ففي الآونة الأخيرة تبنت تركيا العديد من الإستيراتيجيات والمواقف السياسية على المستويين الإقليمي والدولي وصلت حد الصعوبة ، بل ربما غيرت وبشكل جذري القوة " الجيوبوليتيكية " لتركيا خلال فترة الربيع العربي وماتمخض عنه من تداعيات قديكون لها تأثيرها السلبي على استمرار الأوضاع الراهنة في ظل الوضعية الحربية التي تتهم بها تركيا ضد المجموعات الكردية المدعومة من واشنطن في شمال سوريا .

في الوقت الذي يرى فيه مراقبون زيارة أردوغان للمنطقة العربية وشمال إفريقيا خطوة لم تعد متوقعة في مسيرة دولة تسعى لأن تصبح قوة إقليمية مؤثرة . وبالعودة إلى زيارة موريتانيا التي باركت إحباط أخطر عملية انقلابية في تاريخ تركيا معتبرتنها آخر حلقة من حلقات مسلسل الثورة المضادة ،  فإننا نجد اعتزام القيادة التركية توقيع العديد من الإتفاقيات في مجالات تحتاجها موريتانيا من بينها التعليم الذي تدهورت منظومته على المستوى الوطني في السنوات الأخيرة ، أي منذ إعلان الرئيس الموريتاني السيد :  محمد ولد عبدالعزيز 2015 سنة للتعليم ، لكنها كانت سنة إضراب للأسرة التربوية وقطع علاوات الأساتذة والمنح الدراسية عن الطلاب في الخارج ، الأمر الذي فاقم الإضرابات الطلابية ودفع الدولة إلى قمعهم  من أجل الدفاع عن حقوقهم المسلوبة ، وإن كانت تركيا تأوي كل عام عشرات الطلاب الموريتانيين الراغبين في الدارسة بدولة تركيا بالمجان ، إلا أن توقيع اتفاقيات تحدد بنودها الشراكة في الرفع من القطاع التعليمي الذي يحتاج إلى تحسين وضعيته يعد انتهازا لفرصة الزيارة وخطوة نستفيد من مكاسبها الآنية .

هذا إذا ما أخذنا في الإعتبار توسيع العلاقات السياسية والإقتصادية وتطوير التعاون الرامي إلى تعزيز شراكة حيوية في مجال الإستثمار المتبادل النتائج بين موريتانيا ودولة تركيا الشقيقة ، وذالك من خلال هذه الزيارة التي يؤديها أردغان رفقة رجال أعمال تركيين ربما تفتح لهم الزيارة آفاقا جديدة في مختلف المجالات ( المعادن والصناعة — الزراعة ... ) خصوصا أن موريتانيا تعد واحدة من أغنى الدول التي تعتمد في اقتصادها على الصيد والمعادن والثروة الحيوانية... وهي أمور من بين أخرى قد تدعوا المستثمرين الأتراك إلى التعاون وتعزيز الدعم الإقتصادي الخارجي للبلاد .

متابعون للشأن العام يؤملون أن تحظى الزيارة كذالك باسترجاع العلاقات الثنائية الأخوية والدبلوماسية بين موريتانيا ودولة قطر على غرار ماجرى في جمهورية " اتشاد " مؤخرا ، و التي استعادت علاقاتها بمباردة من السياسية التركية ذات البعد الخارجي ، بعد أن أعلنت اتشاد في 23 أغسطس آب الماضي إغلاق السفارة القطرية داخل أراضيها ، وهنا يمكن أن نتساءل — على افتراض أن أردوغان طرح الملف القطري — على المحك ، فهل ستفلح الوساطة التركية هذه المرة في إعادة المياه إلى مجاريها ببناء تفاهم مشترك ودبلوماسية ناجعة لاحتواء الأزمة القطرية كسبا لرهان العلاقات الإقليمية في الشرق الأوسط ؟ أم أن موريتانيا ستظل وفية لتعليمات مجلس الدول الخليجي وإن استمرت القطيعة مع الدولة العربية الوحيدة التي لم تعد تربطها والجمهورية الإسلامية أية علاقة ؟