خلق المثال من خلال الطبال و الزبال
على كل منصة مهرجان عام و في كل اجتماع لحزب الدولة و امام الرئيس في الزيارات حاملا بوقه يردد عبارات التملق و النفاق السوقية التي لا تتأفف عن رذيل الكلام و سقط القول و الابتذال المهين لإنسانية الإنسان. لا تخطئه عدسات الكاميرات و لا يفوت الحضور و لا الصحافة ، حاضر دوما كطقس لا بد منه لاكتمال الهيلمان الرسمي للدولة و بالمقابل يركب أفخم السيارات و يمتلك الدور و المشاريع التجارية من الأعطيات التي لا تنقطع من كل المسؤولين بلا استثناء، إنه الطبال. أما الزبال فظاهرة ظريفة يخصص وقته لصفحات الأنترنت و صور نشاطات حزبه الهزلية و التي يبدو في معظها محاطا بمجموعة من أطفال الشوارع و خطابات طويلة مسجلة لا يتجاوز التفاعل مع اكثرها نجاحا إعجابين و تعليقا باسم مستعار. أما العمل الحقيقي فتوزيع الشتائم على كل من يتعاطف مع قضية لحراطين. يكفي مرة واحدة أن تبدي ألمك لحالهم ليبدأ و هو الحرطاني بمليء صفحتك بأنواع التهجم ومقذعالسباب وبين الهدف والهدف يرتاح في كيل التهم لرموز الحراطين كبيرام و بوبكر ولد مسعود أوفي إطلاق شنيع النعوت و الصفات على المرحوم المختار و لد داداه طيب السيرة و نظيف الكف الذي لا يتورع عن اتهامه بكل الرذائل مخترقا أهم أعراف الإنسانية بترك الأموات يرقدون بسلام. المفارقة أن الأنترنت تغض بتسجيلاته الحماسية في الحديث عن ظلم الحراطين و مدح بيرام و التحقير بنفسه وماضيه الغير المشرف وبلغ به الأمر الى اختراع زي خاص يرتديه ليقطع الصلة حتى باللبس مع البيظان. ترى ماهي العلاقة بين سباب المختار ولد داداه و التهجم على المتعاطفين مع الحراطين و إعطاء صفقة زبالة لدكتور في العلوم الإنسانية و احتكار منصب الطبال الرسمي للرئيس و الحزب و الدولة لحرطاني و إغداق العطايا عليه و استئثاره بالرعاية الرسمية أكثر من أطر و مثقفي و حقوقي هذه الشريحة. السر يكمن في ما يسميه خبراء الدعاية بخلق المثال و يشبه ما دأبت عليه هوليوود من تصوير العربي إما كغني متكرش يطارد بنات الهوى أو ملتحي إرهابي يصرخ بعصبية. كان بإمكان ولد عبد العزيز فتح المنصة و إتاحة الفرصة لمصفقي البيظان العريقين في مهنة التطبيل أو منع هذا الطقس المهين لآدمية البشر أو مكافئة الحرطاني المتعلم على التخلي عن النضال بوظيفة أو حتى صفقة خارج إطار جمع القاذورات المليئة بالرمزية و عدم اشتراط سباب المختار ولد داداه والمتعاطفين مع الحراطين و النشاطات الحزبية الهزلية. إنها محاولة التشويه النفسي للمدافعين عن القضايا العادلة من خلال نموذج المناضل الذي يقايض قضيته بصفقة في جمع القمامة و ربط صورة المثقف الحرطاني بالعار و الشنار وتفريق كل المتعاطفين مع المظالم الاجتماعية من خلال تجريحهم بواحد ممن يتبنون آلامه وخلق صورة عامة لدى العوام ان كل من يناضل هو مرتزق في انتظار صفقة و أن التضحية و الإيمان أكاذيب للاستهلاك العام وإظهار أن دور الحرطاني المثالي في حالة الطبال هو التصفيق و التطبيل والجري و راء المسؤولين و بالمقابل سيحصل على الأموال التي تتيح له توديع الفقر و هجر الفاقة. حيل كتبت عنها آلاف المجلدات و أصبحت من كلاسيكيات الخبث الإعلامي و الدعائي ، لكنها لن تنجح في مجتمع حزم أمره و أختار طريق النضال. سينتصر الحق و الخير، رغم تهريج ضعاف الأنفس و سينتصر أبناء هذا البلد بكل ألوانهم و أطيافهم على إرادة الشر وسيبقى رموز الحقارة استثناء يؤكد عظمة و عدالة قضية الحراطين.