بعد انقطاع دام أكثر من خمسة أعوام عن منطقة آفطوط وسط موريتانيا تلك المنطقة التي ولدت من رحم أساطير والسرعات الطاحنة التي أدارت رحاها على ادمي
أخيام (أولاد أدرك الناموس) بين السكان آنذاك في بداية القرن العشرين التي كادت أن تعصف بالمنطقة حتى لا يكون لآبائنا وجود أحرى بنا نحن أن نكون اليوم رجالات
نصول ونجول داخلها ....
في أحد الأيام من السنة الفارطة وبتحديد يوم الجمعة 02/10/2015
تعرفت أنا مولاي علي أحدي الحسناوات ذات جذور متأصل في شلخة التياب التابعة لمقاطعة أمبود التي تدار إداريا من كيهيدي عاصمة ولاية كوركل !
نعم تعرفت على أحدي اللؤلؤات الوسط الموريتاني عن طريق صديقا عائدا لتوه من المنطقة وفي أثناء حديثنا عن الفتاة والمواصفات التي تصدر من صديقي عنها وتمنيت لو كان لي أجنحة أطير بهم لأشاهد ما وصف لي ولأقطع لشك باليقين أو على الأقل افعل
ما يقال له من رأى ليس كمن سمع لكني تمالك نفسي واستقرت في الإصغاء لحديثه عن الأهل والفتاة وبعد مرور بعض الوقت سألته مرة ثانية أو الثالثة وربما تكون العاشرة عن مواصفاتها فرد علي قائل إن كنت جادا فيما تقول ها هوا رقم هاتفها وتصل بها فقلت له ربما كان ذلك أفضل فأخذت منه الرقم وقمت بالضقت على زير لاتصالات بدأ قلبي يزيد في وتيرة سرعته وما إن قالت لي عالو كدت أن أدخل في غيبوبة فرديت عليها بكلمة واحدة اختزلت كل ما في قلبي تجاهها والكلمة هي أهلا بك يا حلوة يا حلوة فردت علي مرحبة بعد رحلة التعارف القصيرة عن بعد عبر الهاتف فمنذ ذلك الوقت لم أعد أسأل عنها أحد ولا عن مواصفاتها بل كان ذلك لتصال بداية دخولي في خلوة الحب ونزول الوحي الآتي من الشرق حاملا معه كل ما له علاقة بي من طرف حلوة القلب لؤلؤة آفطوط فتواصلت الاتصالات يوما بعد يوم حتى استطاعت إقناعي بمشروع الزواج الذي كان بعيدا مني لكن لا حيلة سوى أن أبدأ التفكير فيه والعمل على إنجازه في الوقت المحدد حسب ما يمله العامل الاجتماعي للمنطقة وبعد وصول العلاقة البينية إلى كل أذن ومباركتها من طرف الأهل والأصدقاء ومع استمرار الاتصالات من جانب والتحضير للحفل الكبير أي العرس من جانب آخر دارت في رأسي فكرة أن أقوم بزيارة للمنطقة وللفتاة حتى أتعرف عليها عن قرب وأكسر مسافة البعد التي كانت فاصل بيننا والتي تقدر 650 كلم فتصلت بالأخ العزيز ورفيق الضرب ومعيني في السراء والضراء الأستاذ فال الخير وأبلغته بالرحلة فلبى كعادته فبدأنا في التجهيز للرحلة
الرحلة رقم واحد على طريق الأمل
في يوم السبت خمس من شهر فبراير من هذه السنة ألفين وستة عشر وبعد ألأنتها من تجهيزات انطلقنا الساعة صفر منتصف الليل من حي الداية 7 بمقاطعة الرياض الواقعة في الناحية الجنوبية لمدينة نواكشوط مستقلين سيارة من نوع تويوتا كورولا وبعد الانطلاقة بخمس دقائق توقفنا عند إحدى المحطات من محطات الوقود
لتزودنا بالوقود نعم انطلقنا متجهين صوب المناطق الشرقية من البلاد
وما إن أقتربت أقارب الساعة من أن تعلن عن تمام الساعة الرابعة صباحا حتى ونحن على تخوم( السواطة) وقد جبنا أكثر من 452 كلم مارين على كل المدن والقرى الواقعة بين نواكشوط والسواطة كمرور البرق على ضعيف البصر وكان السائق فال الخير محقا في ما قام به من سرعة ويستطيع ذلك إذ انه ومنذ الانطلاق لم ينقص فال سرعة المحرك عن 140 إلا للضرورة واضعين أحزمة الأمان ولا صوت يعلوا داخل صالون كورولا سوى نفحاة من موسيقى( بنجة وجكوار والنيفارة) الناي الخالد أو بعض أغاني أولاد لبلاد
مكثنا في السواطة القرية الواقعة على حدود بين ولاية لبراكنة وكوركل أو بالأصح التي استوقفتنا وحدت بيننا وبين مرادنا ألا وهوا الوصول في نفس الليلة إلى (لخيام)
لكن لسواطة قصة أخرى حيث عندها ينتهي الطريق المعبد وفيها ملتقيات الطرق وفيها يلتقي الذاهب والعائد من والى نواكشوط أمضينا فيها بعض الوقت نال النعاس منا وسيطر علينا فلم كن بوسعنا إلا الاستسلام له وأخذ من النوم ما أمكن
وعند تمام الساعة الثامنة من نفس الصبيحة انطلقنا وودعنا ولاية لبراكنة ونحن على تخوم ولاية كوركول وبتحديد منطقة لعكيلات وما أدراك ما لعكيلات أرض ثورة الكادحين في السبعنيات من القرن الفارط أرض الشاعر والمجاهد إبراهيم ولد ابيليل شهيد كوركول من أشعاره التي تغنى بها على المنطقة
(بـــــــــــنامز والفجار اوميت اوبكـــــــــتل والجواطل ذول العديت
سهوت كط ابنيت لخيام او عشيت الخطار بنـــظاري والسقر اتمهنيت
والشاعر حرمه ولد كدالي حيث يقول
(احمد خوي حدي نبقيه نبقي لكويسي وهاليه ) وما إن تمت الساعة العاشرة صباحا حتى ونحن في
( شلخة التياب ) وفي طريقنا الى الشلخة ألقى فال الخير النظر على عدة تجمعات للمرة الأول مرة في حياته على (لكويسي و أودي أشرك ) أما أنا فمنذ فترة ليست بالقصيرة لم أمر من تلك الطريق وعند وصولنا الشلخة أخيام( درك الناموس) والرحلة لم تنتهي بعد حيث استقبلنا من طرف الوالدين والأخوات والأهل والأحبة كبارا صغارا رجالا نساءنا وما لبثنا دقائق قام الوالد أطال الله عمره مسرعا إلى حظيرة الماعز وأخذ منها كبشا وذبحه من أجل الضيافة وبقينا عند الأهل حتى الساعة الرابعة وبعدة جولة قصيرة داخل بيوتات الأقارب والجيران من أجل لتأدية تحية العائد من السفر تهيأنا لمواصلة
الرحلة لنقادر (درك الناموس) متجهين بكورولا شطر بطحة (أولاد عايد ) الجمال والفتوة حبيسا لفتياتها وإذا تجاوزنا الموضوعية نقول أنه حكرا عليهن لكن مالا نستطيع تسطيره بأقلامنا ولا تستطيع الأوراق أن يكتب عليها جمال وصفوة الفتيات تلك الفتاة السمراء لؤلؤة آفطوط ولعكيلات التي ألقبها بحلوتي نعم إنها كذلك بل أكثر من ذلك
وصلنا البطحة في حدود الساعة الخامسة مساء حظينا بحفاوة الاستقبال من طرف أهل الفتاة حيث تم تقديم البن والشاي وكل ما تشته النفس ونحن في الضيافة وحلوتي مصب عليها العرق من شدة الفرح لكن كان لها من البصير والإحياء كبنات عمومتها ماجعلها تخفي وتسيطر على نفسيها أمضينا ليلتنا مع هن حتى الصباح
ودعنا الأسرة وخاص الوالدة التي كانت في الجانب الشرقي من العريش الواقع أمام البيت الطيني ودعناها ومدت يدها ألي السماء ولا ندري ما تقول لكن يبدو إنها تدعو لنا التوفيق والسفر الميمون وعدنا من البطحة إلى من حيث آلتينا وهو نواكشوط مرورا بفم لكليت لكصية واحد كيهيدي بابابي بوكى حتى ملتقى ترق مدريد وقد قطعنا هذه المسافة في أقل من أربعة وعشرين ساعة
بقلم الأستاذ بوبكر ولد سيدي أمبيريك