عادة لا أحب التحليل العرقي. ولكنني سأتكلم اليوم على غير اعتياد. عندما كنتُ في الابتدائية سقط معظم تلامذة الحراطين قبل السنة السادسة. عندما وصلنا السنة السادسة لم يكن هنالك غير حرطانيين: سليمان وولد ورزك العظيم، أفضل ناشيئ ضرب كرة القدم في غرب إفريقيا. أما الآخر فكان كايدهم الشنقيطي. لم يستطع الحراطين الدراسة لأنهم كانوا يساعدون أهلهم في الظروف الصعبة وكانوا يعملون بنائين وحطابين وسائسي حمير. ولكنه شعب تاريخي. غالب. كافح. ووقف على قدميه بدون مساعدة من دولة بلا ضمير. اليوم: انظروا ما لدينا. هنالك طبقة وسطى حرطانية واعدة. اليوم لا تخطئ عيني على الفيسبوك وفي ساحات البحوث والنضال النقابي والسياسي إبداع المثقفين الحراطين. ولكن هنالك مشكلة. الشوفينية ترغي وتزبد وتحذر من "ثورتهم وعنصريتهم". ولكن التاريخ هو التاريخ. يمكن انتقاد مسعود ولد بولخير كثيرا. ولكنه الشخصية السياسية الوحيدة التوافقية في مشهد سياسي استقطابي. ووفوق كل هذا فإنه يلعب دورا تصالحيا لم يلعبه أي زعيم سياسي. ولكن هذا ليس مهما. السياسة ليست مهمة لأن معطياتها لا تعكس شيئا جوهريا. لننظر في المجتمع. الحراطين هم الحركة الوحيدة ذات الأصول الاسترقاقية (غالبا) التي لم تتطرف أو يتم استلابها في المنطقة. لقد ذاب حراطين المغرب ولم يعودوا غير كومبارس في تقاليد العيساوة والراشيدية. لقد هرب أبناء الأرقاء السنغاليين إلى المد الثوري في كازامانص أو حرفوا أنسابهم هربا من الأصول. أما أبناء العبيد في مالي والنيجر فمصيرهم معروف: لقد أصبحوا حركة متطرفة أصولية اسمها "بوكو حرام". إن حراطين موريتانيا هم مجتمع المارونز الوحيد الذي عانى من الميز والاستغلال ومع ذلك لم يتطرف أو ينسحق (تفجيريان فقط: واحد في باسكنو والآخر فجر نفسه أمام السفارة الفرنسية 2009، كانا من الحراطين). لم يتطرفوا. ولم يذوبوا. النيفارة مازالت حية. الأمداح قوية. رقصات العصي ماثلة. إعداد الثريد والكسكس موجود. بروليتاريا الحراطين هي من بنت نواكشوط ونواذيبو بالعرق، وقليل من بسكويت "سرقللة" والفول السوداني. وكثير من الصبر. لقد صبروا، وووقفوا على أقدامهم. ونهضوا. وحافظوا على إنسانيتهم. عاش الحراطين إلى يوم الدين.