1
لا أمل لموريتانيا فى الخروج من واقعها السياسي المتأزم ما دامت تراوح مكانها بين ثنائية نظام لا يكتب ومعارضة لا تقرأ.
فحين يرفض النظام كتابة التزام للمعارضة بشأن ممهدات الحوار، فإنه يكشف أولى وآخر أوراق عدم جديته فى ما يكرره من مدِّ يديْه للحوار.
وحين تصر المعارضة على رد مكتوب من النظام، فإنها تضيع مزيدا من الوقت فى البحث عن ورقة جديدة من أوراق النظام التي لم تقرأها المعارضة.
ماذا لو حقق النظام سقف طلبات المعارضة اليوم وكتب رسالة التزام جديدة!!!
هل ستكون تلك الرسالة أكثر إلزاما للنظام من اتفاق داكار الذي وقعه برعاية إقليمية ودولية؟
2
النظام قد يكتب، لكن تاريخ تلاعبه بالحبر على الورق معروف، وهو يحشر المعارضة فى زاوية ضيقة تصر فيها على طلب ورقة مكتوبة، وكأن النظام نظام السموأل بن عادياء، أو كأنْ ليست المعارضة مؤمنة، مادامت تجاهد لتُلدغ من نفس الجحر.
النظام قد يكتب، لكنه ليس على عجلة من أمره مادام قادرا على إضعاف المعارضة بحرب استنزاف وقودها الأخطر تفكيك أحزابها و ضرب بعضها ببعض، مثل ما يحدث حاليا بين حزبيْ (تواصل) و(التكتل).
صحيح أن حزب (التكتل) هو الأب الشرعي لأغلب الأحزاب المعارضة اليوم، ومن المنطقي- وليس العكس- أن يسعد الأب برؤية أبنائه يكبُرون، خاصة إذا كانوا يُظهرون البرور والإصطفاف فى صف خطه المعارض.
لكنني – بنفس القدر من الموضوعية- أتفهم موقف (التكتل) وتجاربه مع تصرفات بعض أبنائه التي كان ظاهرها برورا وباطنها عقوقا وطعنا فى الظهر وتحت الحزام.
3
إن مواجهة نظام محمد ولد عبد العزيز تتطلب برور موريتانيا أولا، وتجاوز حسابات الأبوة والعمومة والخؤولة الحزبية، والعض بالنواجذ على زمام مبادرة السياسية الموحدة لقيادة التغيير المنشود والمحتوم.
وإذا لم تتجاوز المعارضة هذه الحسابات الضيقة، فإن أعلى مراتبها غدا هو مباركة تغيير سيحدث- لا محالة- وهي مشتغلة بتدبيج بيانات التنابز بالألقاب و تكريس الإختلاف.
4
محمد ولد عبد العزيز قد يكون استخلص الدرس البوركينابي فى بُعده الفرنسي، وهو يراجع حاليا الدرسين الروسي والروندي.
الدرس الروسي أسهل فهما وأسلم مسلكا وأكثر إطالة لحضور الجيش فى السلطة، عبر إحالة أبرز خلصاء عزيز إلى التقاعد سنة 2018 وترشيحه للرئاسة، وضمان فوزه ترتيبا للخروج من الباب والعودة من النافذة.
أما الدرس الروندي فيبدو أن انقسامات المعارضة الموريتانية قد تسهل على عزيز فهمه، هذا إذا لم يباغت الجميع درس ثالث يستعصي على الرئيس فهمه ولا تجد المعارضة – كما أسلفت- بُدًّا من مسايرته من باب أخف الضررين.
إنها دوامة موريتانية لا مخرج منها إلا برص صفوف المعارضة وتقديم بديل مقنع وجامع.