قادة التكتل .. رموز بالمعارضة وأصحاب صدارة فى مشروع الرئيس / أسماء

أحد, 2017-12-10 13:06

شكل تكتل القوى الديمقراطية المعارض (RFD) واجهة الفعل المعارض منذ تأسيسه سنة 2000 بعد حل حزب اتحاد القوى الديمقراطية / عهد جديد لمواقفه المناهضة للتطبيع مع إسرائيل ، وأستقطب أبرز القوى المناهضة لاستمرار الديكتاتورية والفساد خلال العقدين الأخيرين.

وواجه الحزب صعوبة كبيرة فى العمل بحرية منذ تأسيسه، وتعرض قائده الأول محمد محمود ولد أمات للقمع والضرب  والتوقيف، وبعد استلام رئيسه الحالى أحمد ولد داداه مقاليد التشكلة السياسية المناوئة للرئيس معاوية ولد الطايع ساعتها أزدادت الحرب الكلامية مع السلطة، وتضاعف الحصار المفروض عليه.

وقد تمكن الحزب من تحقيق أول اختراق سياسى سنة 2001 حينما دخل الجمعية الوطنية بخطابه المعارض، وتمكن من تسيير بلدية عرفات كبرى المجالس المحلية بموريتانيا.

ومع سقوط نظام الرئيس معاوية ولد الطايع 2005 على يد بعض معاونيه، كان الحزب قد أخذ مكانته فى الساحة السياسية، مستفيدا من حالة الارتباك الحاصلة فى معسكر السلطة ( التنازع بين الرئيس والعقداء) ، وغياب أي تشكلة سياسية منظمة بحجم الحزب، ورفع اليد عن العمل السياسى من قبل جهاز الأمن المتهم بالولاء للرئيس المطاح به، مع انفراجة فى العمل السياسى بعد أن أكدت الأحداث أن استمرار الاستبداد غير ممكن، وأن الأنظمة غير الديمقراطية هشة، حتى ولو حاولت الظهور بمظهر معاكس.

حصد تكتل القوى الديمقراطية نسبة معتبرة من أصوات النواب والعمد، وتصدر القوى السياسية المعارضة بعد نتائج نوفمبر 2006، مستفيدا من فاعلية رئيسه أحمد ولد داداه، والآفاق التى فتحها انقلاب الجيش 2005.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية 2007 كانت مجمل المؤشرات تضع زعيم الحزب أحمد ولد داداه فى  طليعة المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية فى ظل الحياد المعلن من قبل الجيش، وغياب أي منافس قادر على هزيمة الرجل من الفاعلين فى المشهد السياسى المعارض أو الداعم لمعسكر الجيش.

ورغم أن الرياح جرت بما لاتشتهيه سفن الحالمين بدولة ديمقراطية ، إلا أن النسبة التى حققها مرشح الحزب أثبتت أنه الأقوى داخل معترك الساحة السياسية ساعتها بعد حصوله على نسبة (48% من أصوات الناخبين) فى جولة الإعادة رغم ضغط المال والجيش والدولة العميقة.

تعرض حزب التكتل لحملة شرسة من أنصار الجيش المتحمسين لمرحلة جديدة، تضمن لهم الاستمرار فى السلطة دون منغص، بعدما نجحت انتخابات مارس 2007  فى حشد المعارضين فى سلة واحدة، باستثناء حزب التحالف الشعبى التقدمى الذى أختار قادته أن يكونوا جسر ولد الشيخ عبد الله نحو منصب الرئيس ضمن عملية قادها ونسقها رجل المؤسسة العسكرية القوى ساعتها الجنرال محمد ولد عبد العزيز.

غير أن حلم الأغلبية الداعمة للجيش بالحضور فى واجهة السلطة لم يعمر أكثر من شهرين أو ثلاثة، فقد أختار ولد الشيخ عبد الله توجيه صفعة قوية للنواب الذين دعموه (كتلة المستقلين) بعدما طلب منهم دعم ترشح الرئيس مسعود ولد بلخير لمنصب رئيس الجمعية الوطنية، وقرر إقصائهم من التشكلة الحكومية ومنحها للمستقلين الذين ساندوه أو تعرفوا عليه فى أدغال القارة السمراء أو الكويت.

مواقف لم يستسغها رئيس الكتلة ساعتها "أقرينى ولد محمد فال" الذى عبر عن امتعاضه النواب، قائلا إن ولد بلخير فاوض وكان أذكى، بينما تعامل النواب مع الرئيس بمنطق يستحضر أصحابه منطق العملية الديمقراطية الناضجة، وكانوا يعتبرون أنهم الأغلبية التى حملت الرئيس لمنصب رئيس الجمهورية، ثقة حصدوا مقابلها الخيبة والإقصاء فى أول قرارات الرئيس المتعلقة بتشكيل الحكومة وتعيين المستشارين وكبار المعاونين.

وبعد انفجار التحالف المدعوم من الجيش ( بعد أزمة الرئيس وقائد حرسه) ، تلمس الجيش دعم القوى السياسية داخل الأغلبية وخارجها، وكانت مواقف التكتل الإيجابية من الإطاحة بالرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله مصدر دعم قوى لما حصل يوم السادس من أغشت 2008 من إزاحة للرئيس، وتكريس لحكم الأغلبية من دونه.

غير أن المخاض داخل حزب التكتل والكشكول الذى ضمه الحزب بعد انتخابات 2006 أثمر طبقة ميالة إلى الاستمرار فى السلطة بغض النظر عن تحفظ الحزب على استمرار الجيش فى السلطة، وهي رغبة ألتقت بحاجة لدى الرئيس محمد ولد عبد العزيز، مستعينا هو الآخر برجال الحزب المعارض من أجل توطيد أركان حكمه، تاركا مجمل الذين دعموه خارج أسوار الحرب، يشتمون التكتل لموقفه من الانقلاب وتحالفه مع الجبهة، ويهتفون لرجاله وهم يتصدرون المشهد واحدا تلو الآخر ، بعدما أحكموا الخناق حول الرئيس.

تصدر نواب حزب التكتل سابقا  سيد أحمد ولد أحمد (المجرية) و  محمد ولد ببانه ( باركيول) الواجهة السياسية والإعلامية للنظام الجديد، وتولى النائب عن الحزب محمد ولد أبيليل (كرمسين) منصب وزير الداخلية ، وتمتعت القيادية بالحزب سابقا مسعودة بنت بحام بنت محمد لغظف بمنصب مرموق فى الرئاسة الموريتانية، وكلف المحامى الشاب ونجل النائب الأول لرئيس الحزب محمد ولد أمين بمنصب وزير مكلف بالنطق فى حكومة الوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف المنحدر هو الآخر من الحزب.

وتصدر القيادى فى الحزب محمد عبد الله ولد أوداعه واجهة الفعل فى ولاية لبراكنه ، بعدما تم تكليفه بمنصب وزير الطاقة، ومدير شركة أسنيم لاحقا، قبل أن يستقر به المقام فى التجهيز والنقل.

وأنتهت فتاوى محمد الأمين ولد الشيخ المجرمة للتصويت للمرشحين المنافسين لرئيس الحزب أحمد ولد داداه إلى دعم مبالغ فيه للنظام الحاكم، فوزير مكلف بالثقافة والنطق باسم الحكومة.

ونال المهندس يحي ولد حدمين حظوته مكتملة ، بعد تكليفه بملف التجهيز والنقل، ثم منصب الوزير الأول لاحقا،وهي نفس المكانة التى حظي بها الوزير أحمد ولد أباه فى أول تشكلة وزارية يعلنها الرئيس.

يرى بعض المقربين من الرئيس بأن العملية لم يخطط لها الحزب، وأن الكتلة الصلبة من التكتل داخل النظام كانت كتلة الوزراء الذين دخلوا المشهد عشية التحالف بين الحزب والجيش، وأن البعض تخلى عن خطابه فور وصوله للسلطة، وبالتالى اختراق النظام للحزب كان أقوى من اختراق الحزب للنظام.

وبغض النظر عن المخترق والمستفيد من الآخر، إلا أن الحزب الذى ظلت مجمل الدوائر الرسمية تنظر إليه كتجمع للشياطين، أثبتت الأيام أن رجاله أقوى من غيرهم داخل السلطة، وأن قبضتهم على الرئيس تزداد كل يوم، وأن ضعف الوفاء الذى أتهم به الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله كان مبالغا فيه، لكن ضحايا تهميش الأول رفعوا العقيرة وطالبوا برحيله وتحالفوا مع الجيش لإزاحته، بينما حكم بالصمت عليهم بعد تخلى ولد عبد العزيز عنهم الواحد تلو الآخر، وأكتفى بعضهم بالسير فى فلك المعارضين الذين أحتلوا مراكز حيوية فى الجهاز التنفيذى بعد عقد من انقلاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز

*) أغلب أطر الحزب الذين غادروه لم يعلنوا استقالتهم من مكاتب الحزب ولجانه المركزية وربما يقررون العودة إليه فى حالة رحيل الرئيس