الباكلوريا/ محمد الأمين محمودي

أحد, 2017-07-09 12:09

لن اتحدث اليوم عن محشر روصو وكيف تحركت الماكينة القبلية لجمع اكبر عددمن “الرؤوس“، فتلك عادة قديمة حاول عزيز كثيرا أن يظهر عدم حاجته اليها،و ظل يتبجح بأنه يحظى بثقة الفقراء الى أن وجد نفسه مكرها مضطرافاستخدمها..

لن اتحدث عن الأمر لأنه ليس بالجديد ولا بالغريب على مشهدنا السياسيالبائس، هذا طبعا رغم بشاعة ان يركب الناس سياراتهم ليسلكوا طريقا كله حفرو مطبات ومخاطر، و حين تسأل أحدهم عن درجة اقتناعه بالسفرة و التعديلاتو الحزب و عزيز، يرد عليك كأنه مخدر و بلا احساس: اتصل بي فلان و سألنيالحضور لإبراز قوته وقدرته على حشد الأنصار..

في النهاية لا تمر مثل هذه الأنشطة المستفزة للعقل دون حوادث سير، أتمنى انترحمنا هذا العام، فلسنا بحاجة لوفيات جديدة، ببساطة لأن مآقينا نضبت بعدستين سنة من الإعوال الرتيب، و لأننا ايضا لا نملك من المال مابه يقام سرادقالعزاء الذي أصبح مكلفا مع ارتفاع الأسعار و تدني الأجور واحتضار العملة..

سأترك هذا الخبر غير الجديد، و أتمعن و إياكم في جزئية أفرزتها نتائجالباكلوريا، هذه النتائج التي تقول جملة و تفصيلا و باختصار محزن أنالمؤسسات التعليمية النظامية عاجزة عن تقديم ناجحين في المسابقة الأكثرارباكا للموريتانيين، كما تقول ذات النتائج إحصائيا ان التعليم الحر يحصد نسبةنجاح تزيد عاما بعد آخر، فماذا يعني هذا؟

المدارس الحرة لا تقدم خدماتها مجانا و إنما يدفع التلاميذ فيها مبالغ مالية لقاءتلقيهم الدروس التي سيمتحنون فيها وبالتالي فمن عجز عن التسجيل في هذهالمدارس سيكون مرغما على الانخراط في التعليم النظامي، و التعليم النظامييوفر الطمأنينة المادية لذوي التلميذ، لكن فقط خلال السنوات التي تسبقالباكلوريا، فطيلة هذه السنوات لن يكتشف أحد الوالدين تدني مستوى التلميذ لأنالنجاح شبه مضمون مادام الأستاذ الذي يدرك جرم وزارته يجد نفسه ملزمااخلاقيا بالتكفير عبر منح علامات جيدة لجميع التلاميذ، فلا تفتيش و لا تدقيق،والتلميذ كان لينجح لو قدمت له الوزارة و المدرسة ماقدمته المؤسسات التجاريةلتلاميذها، وهكذا يفكر الأستاذ ” النبيل“.. ينجح التلميذ وينجح، لكن حين يتعلقالأمر بالمسابقات يكون آخر الواصلين لأنه لم يتعلم يوما كيف يجري أو يقفز أويجتاز الحواجز، و هذا ماحصل خلال الأعوام الماضية و بوتيرة وصلت قمتهاهذه السنة، في العديد من الثانويات النظامية رسب جميع المشاركين بينماحصلت كل مؤسسة حرة على نصيبها تبعا لما بذلته من جهد يتحدد بما يدفع اهلالتلميذ لقاء تسجيل ابنهم..

انها الليبرالية الغبية و ليست تلك التي تحفز على المنافسة والخلق، فمالم يملكالتلاميذ نفس الحظ فمن الجائر إرغامهم على خوض مسابقة شرطها الأول أنيكون المتسابقون فيها على قدر من التساوي في كل حيثياتها…سيقول البعضهي ليست مسابقة، نقولها جميعنا لكننا نعرف أن العدد محدود..

هل شارك فيها بدر مرة؟ لوشارك فلربما يتم تغيير النظام فيها.

الحقيقة ان كل شيئ عندنا باكلوريا، فالصحة مثلا صحة لوريا،لأن الفقير يموتفي المستشفيات العامة إن وفق في الوصول اليها اصلا، أما القادر ماديا فلديهفرصة للنجاة لأنه سيشتري الأدوية و الأسرة و الأطباء و الرفع في حال الحاجة.

وقس عليها ماتريد الزراعة لوريا والصناعة لوريا والجيشلوريا والصفقاتلوريا،و غيرها..فقط ضع في الأخير كلمة لوريا لتدرك ان الباكلوريا ليست الا مظهرامن مظاهر قوة المال و ضعف الفقراء الذين يعتقدون بدون سبب يذكر أن دولتهميفترض ان توفر لهم الصحة و الطعام و الملبس و التعليم و الأمل بغد أفضلللأجيال القادمة.. واهمون، ليس لأن مقدراتها لا تمسح بذلك و لكن لأنه لا إرادةلإصلاح البلاد أصلا، فالرئيس و الوزراء و رؤساء المصالح عابرون يفكرونفقط في الطريقة التي يؤمنون بها مستقبل أولادهم عبر نهب الخزائن فيجب ان لاننسى أنهم هم الآخرون و بعد خروجهم من السلطة سيشترون لأولادهم الصحةو التعليم و المأكل و المشرب و الأمل بغد أفضل لهم و للأحفاد..هؤلاء وحدهميدركون حقيقة البلد و قد منحهم الحظ الفرصة لنهب بعض حقوقهم وإن كانوا فيالنهاية سيبالغون في هذا النهب..

الباكلوريا ليست الا احدى جرائمهم في حق هذا الشعب.