قراءة في واقع الإعاقة في موريتانيا

خميس, 2017-02-09 13:38

حول ما أنجز للمعاقين وما يجب علي الوزيرة الجديدة القيام به
بقلم : حمين سيدي أمعيبس
كاتب صحفي-ناشط في ميدان حقوق المعاقين
 
بدأت الإرهاصات الأولي  للحركة الوطنية للمعاقين في 1976 من خلال إنشاء اتحاد وطني لجمعيات المعاقين أطلقوا عليه آنذاك " الاتحاد الوطني لذوي العاهات الجسمية و العقلية" وبدأ في العمل بالتشاور مع وزارة الصحة و الشؤون الاجتماعية حين إذن من أجل وضع أسس شراكة خصوصا أنه في تلك الفترة كانت النظرة السائدة و المقاربة الشائعة هي أن الإعاقة مرض تجب معالجته و عندما نتحدث عن العلاج فإن ذاك من اختصاص وزارة الصحة و الشؤون الاجتماعية، و ترتبط الإعاقة في تلك الفترة بالمستشفيات و مراكز العلاج  كلمة "معاق" تعنى شخصاً عاجزاً كلياً أو جزئياً عن ضمان حياة شخصية واجتماعية أو طبيعية نتيجة نقص خلقي وغير خلقي في قدراته الجسمية أو الفكرية. هذا هو التعريف القانوني للإعاقة و قد أكدته كل القوانين و المواثيق الدولية ذات الصلة، بقي حراك 1976 و الإتحاد الوطني لذوي العاهات الجسمية و العقلية حبيس المرحلة خصوصا أنه نشأ في ظروف استثنائية عسكرية و سط غياب ملحوظ للإستراتيجيات التنموية مع تنامي ظاهرة الجفاف و النزوح من المدينة نحو الريف و تزايد ملحوظ في الشلل 1977 خلف العديد من الضحايا وخصوصا من فئة الأطفال و حسب الدراسات فإن 2/5 من المعاقين حركيا أو المكفوفين أو المجذومين قد تمت إصابتهم في السبعينات مما وضع الإتحاد في تلك الفترة في ورطة و جعله غير قادر علي مواجهة الواقع، الدولة هي الأخرى لم تتبني الإعاقة كمفهوم متعدد الاختصاصات فما قامت به كان خجولا مقارنة مع العديد من الأمور الأخرى التي كان بمقدورها القيام بها  و تجسيدها علي أرض الواقع، حيث أنصب اهتمامها علي بعض أنشطة التكفل مع جمهورية الصين الشعبية في كيفة عاصمة ولاية لعصابة من خلال مستشفي الصين هناك،  و أخري مع مملكة إسبانيا الداعم الرسمي للمركز الوطني المعروف اختصارا CNORF حيث أن هذا الأخير لم يستفد منه في دفعته الأولي إلي الأطفال المنتمين لأوساط اجتماعية معتبرة أو من له ضمان اجتماعي و علي ما أعتقد فإنه يطبق حالا منهجية الضمان الاجتماعي للمعالجين فيه دون من يريدون خدمات خاصة يدفعون لدي الشباك الموجود بالمركز، لم تكن مسيرة المعاقين موفقة منذ نشأتها حيث تم افتتاح العديد من الو رشات التكوينية بقية دمج المعاقين في الحياة النشطة بمباركة ودعم من طرف بعض المنظمات الدولية العاملة في موريتانيا كمراكز خياطة و ميكانيكا خصوصا أن الدولة وجهت عمل المنظمات الدولية في تلك الفترة نحو مواجهة آثار الجفاف خصوصا (الرؤية العالمية،كاريتاس موريتانيا و الإتحاد اللوثيري الدولي إلا أن ذلك لم يمنع هذه الأخيرة من مؤازرة المعاقين و العمل معهم هذا بالإضافة لوجود حراك دولي مع منظمات دولية كان لها الفضل في وجود أول مركز وطني لتعليم قراءة لباري للمكفوفين غير بعيد من الحدائق بمقاطعة السبخة علي أن يتحول فيما بعد لمركز يجمع المكفوفين و الصم خلف المعرض بالحي الصناعي في أنواكشوط هذه المنظمات المناصرة اطلعت و بسرعة علي نوايا قادة المعاقين فحاولت الانسحاب وهو ما وقع، في 1992 بدأت خلافات تطفوا علي السطح بين القيادة و ظهر علي الخط جناح مولاي إدريس زرقان  المدعوم من طرف جارية كوربالي المناوئ لجناح تمبو كمراء الرئيس الأول للإتحاد المدعوم من طرف لحبوس ولد العيد، المفوض القطب ولد محمد باب،محمد كمراء، أحمدوا ولد عمار، فال محمد، أنكام، صو و بانمو ولد لمرابط وقد بدأت الخلافات تظهر و الصراعات و الاحتجاجات لدي وزارة الصحة و الشؤون الاجتماعية و مطالبة الطرف الأول للطرف الثاني بعقد جمعية عامة طارئة يتم فيها انتخاب مكتب تنفيذي ممثل شرعي للمعاقين وهو ما وقع بالفعل في دار الشباب القديمة و قد أنهزم الطرف الثاني و آلت رئاسة الإتحاد للسيدة جارية كوربالي التي رفض الطرف الثاني رئاستها و شكك في نتائج التصويت مما قاد الدولة لتجميد اعتراف الإتحاد ومصادرة ما تبقي من ممتلكاته في انتظار إحالتها لهيئة تتبني نفس الأهداف، علاقة لم تعمر طويلا بين مولاي إدريس زرقان و حليفته جارية كوربالي التي فضلت الانسحاب و اللجوء في فرنسي مستخدمتا وضعيتها كمعاقة أولا و ظروف مصادرة إتحادها الذي فازت به و اختفت عن الأضواء مثلها مثل زرقان، بعد مدة بدأ الحلفاء المهزومين يشدون الرحال من أجل مغامرة أخري و عودة تمبو كمراء للواجهة فظهرت أصوات شابة من مختلف شرائح المعاقين و خصوصا المكفوفين مطالبة بعكس ذلك وهو تأسيس جمعيات متخصصة تقوم كل واحدة منهم بأنشطتها تنصهر في إطار تنظيم جديد يطلقون عليه الاتحادية الوطنية لجمعيات الأشخاص المعاقين منظم و يقاد بطريقة مشتركة توجه لم يرقي للسيد تمبو كمراء و رفاق دربه فخرج من التنظيم رفقة أنكام، صو، محمد فال، محمد كمراء وفي فترة لاحقة ألتحق بهم جام من الجيل الثالث، ليشكل لحبوس ولد العيد، أحمدو ولد عمار، القطب محمد باب و محمد سالم ولد أبوه و بانمو لمرابط القطب الثاني المطالب بتأسيس جمعيات متخصصة، خلال هذه الفترة الحاسمة استفاد جناح تمبو كمراء من شبكة علاقات دولية كان الرجل قد نسجها خلال وجوده في الواجهة فتعددت أسفاره و أنشطته التنظيرية و دعمه و تمويل مشاريعه خصوصا من طرف المنظمات الغربية و الهيئات القارية، في وقت أضعف فيه حلفائه بالأمس و أسس جمعيته الخاصة التي يديرها من منزله و يوظف فيها من أعلن الطاعة و التوبة وهذا ما جعله ينصهر في التنظيم الجديد بسرعة خصوصا أن حبل الوصال بقي مشدودا بينه وبين رفاقه في الأمس موفرا لهم بعض المزايا و الفرص التي لن يجيدوها في تنظيم ناشئ يحتاج للإصلاح، في الجانب المقابل يتحرك المكفوفين و المجذومين و يسابقون الزمن لتأسيس جمعياتهم بإشراف مباشر من عميدهم لحبوس ولد العيد الذي ظل مستقلا طوال تلك الفترة في الوقت الذي توجد فيه تحركات أخري من طرف بانمو ولد لمرابط لتأسيس جمعية للمتخلفين عقليا و جام لقاصري السمع ووووووو لتظهر فيما بعد الجمعيات بثوب جديد و تحت وصاية الاتحادية الوطنية لجمعيات الأشخاص المعاقين التي لم يعلن عن جمعيتها التأسيسية و لا انتخاب مكتبها و أسندت رئاستها للسيد لحبوس ولد العيد بطريقة توافقية بين أبطال الفلم ، أعداء الأمس يعودون من جديد في حلتهم الجديدة و بطريقة أخري و يبدؤون في تقاسم الكعكة بطريقة مغايرة، في 2000 إلي غاية 2006 بدأت أوجه جديدة تدخل علي الخط فتعددت الجمعيات و الروابط و ظهرت جمعيات نسوية و أخري للأطفال حتى أن الانتماء الديني بدأ يظهر فظهرت جمعيات إسلامية مهتمة بالمعاقين و تدار من طرف شباب معاقين وبرعاية تنظيمات إسلامية لكن هذا الحراك لم يخيف ساكنة الاتحادية الذين يستمدون قوتهم من الدعم المعتبر الذي قدمته الدولة لصالح جمعيات المعاقين فقسموه إلي ثلاثة أقسام قسم لنا ونحن الأولي به، قسم لعمال الوزارة و مسؤولي القطاعات المعنية وهو حق لهم و قسم ثالث نسيطر به علي خصومنا من جمعيات المعاقين الذين يريدون الزعزعة و عدم الاستقرار وهو ما وقع بالفعل فكل التحركات التي وقعت و الاحتجاجات التي ظهرت كانت تعالج بطريقة روتينية معهودة لدي المسئولين المرتشين الذي يحاولون رمي المعاقين في المستنقع، وبدأت الاتحادية تتبني نهجا سياسيا فكل ما قامت الدولة بتوزيع قطع أرضية أو مساعدات أو اكتتاب يدخل ضمن برنامجها السياسي أو وقعت معاهدة و قانون لصالح هذه الشريحة تقوم الاتحادية بالتطبيل و التصفيق و تجمع المعاقين في مسيرة و تصدر البيانات و تقيم المؤتمرات الصحفية في وقت يعيش فيه المعاقين ويلات الظلم و القهر و التجويع، وقد أكدت كل المنظمات الدولية العاملة في موريتانيا عن عدم رضاها عن الطريقة التي تعمل بها الاتحادية و لا عن تعاطيها مع واقع المعاقين رغم الجهود المقام بها من طرف الدولة من خلال استحداث إدارة خاصة بترقية الأشخاص المعاقين و استحداث مجلس متعدد الاختصاصات يهتم بإشكاليات الإعاقة و إصدار إستراتيجية وطنية لترقية و حماية المعاقين و تأسيس مؤسسة ذات طابع عمومي تعني بتدريس و تكوين الأطفال المعاقين ومدها بإمكانيات معتبرة  و تخصيص نسبة من الاكتتاب للأشخاص المعاقين في سلك الوظيفة العمومية كل هذا يضاف للاعتراف بلغة الإشارة ضمن وسائل الإعلام الوطنية المرئية ودعم و تبني التظاهرات الوطنية و الدولية الخاصة بالمعاقين و محاولة الدمج الاجتماعي و توزيع القطع الأرضية و احترام كرامة وحقوق الشخص المعاق و حصوله علي معدات تسمح له بالتحرك في كل أنحاء وطنه، إلا أن الدولة و أجهزتها المختصة وخصوصا وزارة الشؤون الاجتماعية و الطفولة و الأسرة صاحبة الوصاية لازالت عاجزة عن تفكيك اللوبي و تحويل الاتحادية إلي هيئة استشارية ذات طابع تنموي اجتماعي تساعد الدولة و الفاعلين التنمويين علي صياغة إستراتيجيات وطنية تلامس رفاهية الأشخاص المعاقين و تسهم إلي جانب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان و المنظمات الأممية المختصة و مفوضية حقوق الإنسان و العمل الإنساني علي صياغة تقرير موريتانيا في ميدان التقدم في مجال تبني قضايا المعاقين المرفوع كل سنة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
حتى نافذة جديدة........................ (سنعود في النافذة القادمة إلي مركز تعليم الصم و المكفوفين و الأطفال المصابين بالتوحد ميزانيته وسائل نقله، مطعمه روضة الأطفال برنامجه التربوي طرق تسيره و ما هي علاقة مسيرة المطعم مع الوزيرة السابقة  لشؤون الاجتماعية و الطفولة و الأسرة الدكتور فاطمة حبيب وهل مدير المركز حليف القديمة أم الجديدة أم معا)؟ كلها أمور نعود لها من خلال نوافذنا القادمة يتواصل ..